أخبار الآن | حلق الوادي – تونس (تطبيق خبّر )
خمسون عاماً مرت على مهنة صناعة الدمى الخشبية في مدينة حلق الوادي شمالي تونس العاصمة، وهي المدة الزمنية التي جعلت من هذه الصناعة، صناعة تقليدية، وحرفة تتوارثها الأجيال.
اسماعيل الهاشمي وشقيقه عادل ورثا حرفة صناعة الدمى عن أبيهما. وهي حرفة يُمثّل الخشب والنحاس أهم موادها الأولية، فيما تمثل المطرقة والمسمار أهم أدوات تشكيلها.
تحت ضوء المصباح، یمسك اسماعیل قطعاً نحاسیة ليتفحصها، ثم يدقها ليصنع درع دميته الخشبية الصغيرة. وقال اسماعيل لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في وادي الحلق “حسام جراي”، إنه يتخذ من التراث التونسي مرجعاً له حين تتشكل الدمى بين يديه. فيلبسها مجسماً صغيراً للشاشية التونسية، مع ثياب أخرى يختارها من بين أبرز رموز الثياب التقليدية في البلاد. هو شكل خارجي يمنحه اسماعيل لدُماه الخشبية ويتخذه مصدر إبداع بهدف حفظ التراث الوطني والترويج للباس التقليدي التونسي عبر منتوجاته التي تتنوع أشكالها بين مجسمات لرجال ونساء وجنود، وأشكال أخرى تصنعها مخيلته. أما أمر تزويقها بالزينة والاكسسوارات والدروع والسيوف فهو مهمة شقيقه عادل.
اختار عادل لهذه الدمى اسم “اسماعيل باشا”. يقول إن الإسم قد أصبح علامة تجارية خاصة بالدمى التي يصنعانها. وهو اسم ورثاه عن أبيهما الهاشمي وعمهما عبد العزيز العشي، اللذين كانا صاحبا فكرة مشروع صنع الدمى قبل خمسین سنة. وكانا يقدمان عروضاً للأطفال أمام محلھما في نھج المر في حي باب جدید بالمدینة العتیقة في العاصمة تونس قبل أن تتطور أعمالھما شیئاً فشیئاً إلى مشروع فني وتجاري یلقى رواجاً كبیراً لدى التجار والسیاح.
لا ينسى عادل فضل والدهما الذي علمهما تفاصيل هذه المهنة، إذ كان يصر على أن يرافقاه إلى الورشة حيث يدربهما ويلقنهما أسرار المهنة وخبايا مختلف مراحل صنع الدمى، ويصقل مواهبهما، ويوزع الأدوار بينهما بحسبها. فمن یلتمس في یدیه إتقاناً لعملیة الطلاء أكثر، یتولى طلاء الدمى، ومن یتقن قص النحاس ولحامه یتولى ھذه العملیة.
يؤكد عادل أن ھذه الحرفة تمثل انعكاساً لطفولته وطفولة أخيه وتاریخ العائلة. هي شغفهما الذي لم يستطيعا التخلي عنه، إذ فشلا في كل محاولاتهما العمل في مهن سواها.
أما اسماعیل، فيرى أنه نجح رفقة شقیقه عادل بتطوير منتوج حرفي لاقى استحسان الناس وإقبالهم، دون أن يغيّرا من تقنیات العمل الیدوي العتیق. فالفن الموروث برأيه هو ما جعل لأعمالھما موطأ قدم داخل السوق.