يستيقظ صلاح محمد في الصباح الباكر ليستعد لرحلته اليومية الشاقة إلى جامعة النيلين في الخرطوم بالسودان، حيث يدرس. أخبر صلاح مراسل “تطبيق خبّر” الميداني وليد محمد حامد أنه أصبح مرهقاً جسدياً ومعنوياً ومادياً من كل الأزمات التي تمر بها البلاد وهو الطالب الذي يرغب بأن يستطيع التخرج من الجامعة ولا يضطر لترك الدراسة وإيجاد عمل يعينه وعائلته.
رحلة صلاح اليومية يبدأها بالمشي من منزله قرابة ٣٠٠ متر، ثم يضطر للوقوف منتظراً أحياناً كثيرة قرابة ساعتين للحصول على وسيلة نقل. فالمواصلات إلى الجامعة ليست متوفرة بسهولة. وإلى جانب الوقت المهدور انتظاراً في الطرقات، يشعر صلاح بالضجر الشديد. أوضح لمراسل “تطبيق خبّر” أنه يذهب فور وصوله للحرج الجامعي لاحتساء “القهوة التي تعدل من مزاجي المعكر بسبب الانتظار الطويل”. لكنه، كما قال، يبقى مشتت التفكير أثناء المحاضرات وهو يحمل همّ كيفية الرجوع إلى المنزل.
قد تبدو هذه الرحلة عادية، لكنها ثقيلة على كتفي شاب جامعي لا عمل له، كما قال، خصوصاً أن أزمة المواصلات في الخرطوم مستمرة منذ بضع سنوات، ولا أفق لحل جذري لها. كما بيّن أن التكلفة اليومية لوصوله إلى الجامعة والعودة منها، متضمنة وجبة الفطور، تصل لأكثر من 1500 جنيهاً سودانياً (ما يزيد بقليل عن 27 دولاراً أميركياً). وأشار إلى أن أسعار المواصلات تزيد باضطراد، “وتصبح أحياناً خرافية لأن التسعير قد يكون مزاجياً أحياناً كثيرة”.
أوضح صلاح محمد أنه من أسرة متوسطة، ولن يستطيع إكمال مشواره التعليمي، إذا ما بقي الوضع على هذا الحال، خصوصاً أن ما لا يقل عن أربع ساعات من وقته تهدر يومياً بسبب ندرة المواصلات.
أزمة المواصلات تشتد في الخرطوم إثر قلة وسائل النقل العام والخاص التي انخفضت إلى حوالى 11 ألف في العاصمة التي يقطنها حوالى 9 ملايين نسمة. وهي أزمة من بين أزمات عديدة موروثة من النظام السابق، وقامت الحكومة ببعض الخطوات نحو حلحلتها لكنها لا تزال خطوات خجولة. ومما زاد الطين بلة، أن الحكومة السودانية نفذت سياسة تحرير أسعار المحروقات، ما أدى إلى عدم توفر الوقود أيضاً.
ويقضي أهل الخرطوم جُلّ وقتهم في الوقوف والانتظار الطويل لكي يجدوا وسيلة تنقلهم لأماكن عملهم أو دراستهم أو منازلهم، ما يسبب لهم الإرهاق البدني ويؤثر في العجلة الإنتاج في العمل.
ويعتمد سائقو المركبات إلى تقسيم الخط الواحد لعدة خطوط تصل أحياناً إلى 3 خطوط , فيضطر المواطن إلى دفع 3 إلى 4 أضعاف ما يدفعه قانوناً. كما أن أسعار وسائل النقل غير ثابتة، وقد يكون هناك سعر مختلف بشكل يومي.
مراسل “تطبيق خبّر” وليد محمد مختار تحدث مع سائق سيارة الأجرة شمس الدين الطيب الذي قال “نحن نعاني من صفوف الوقود الطويلة جداً لكي نتحصل على الوقود. ننام أحياناً في محطة الوقود يومين أو ثلاثة. وقد تم تعديل الأسعار في الأسبوع الماضي بزيادة كبيرة في سعر الليتر والجالون”، مشسراً إلى أن اضطرار سائي الأجرة للجوء إلى شراء الوقود من السوق السوداء ما يؤثر في سعر سعر التعريفة.