ضيّق رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الخناق على الميليشيات الإيرانية، بعدما أصدر قراراً بغلق المنافذ “غير الرسمية” الموجودة على الحدود العراقية، والتي تستغلّها هذه الميليشيات لتهريب السلاح والمخدرات والنفط. وقد وجّه الكاظمي الإثنين قيادة العمليات المشتركة بغلق المعابر غير الرسمية لـ”إيقاف عمليات التهريب والإضرار بالاقتصاد الوطني وحماية المنتج المحلي”.
وكانت “أخبار الآن” نشرت تقريراً مفصّلاً عن معبر “السكك” الذي تستخدمه حركة “كتائب حزب الله” العراقية لإدخال السلاح إلى سوريا، وتهريب النفط العراقي، وكذلك تسهيل مرور عناصر من تنظيم داعش مقابل مبالغ مالية. وتشير المعلومات إلى أنّ الميليشيات الإيرانية المقربة من الحرس الثوري الإيراني، تسيطر على نحو أربعة منافذ غير رسمية، وتُسمى هذه الميليشيات “النخبة” مثل “الكتائب” و”الأوفياء” ومنظمة “بدر”، مع الإشارة إلى أنّ هذه المعابر تدر عليها عشرات ملايين الدولارات شهرياً.
قال مصدر حكومي مقرب من الكاظمي لـ”أخبار الآن“، إنّ “قرار الكاظمي جاء بعدما اطّلع على تقرير مفصّل حول الإيرادات التي تضيع على الدولة بسبب تلك المعابر غير الرسمية، وبسبب استغلالها من قبل الميليشيات الموالية لإيران لعمليات تهريب السلاح والمخدرات والنفط وإضرارها بالأمن العراقي”.
كتائب حزب الله تهدد بالتصعيد
وأضاف المصدر الحكومي أنّ “كتائب حزب الله هدّدت بتصعيد موقفها ضدّ الحكومة إذا ما قرّرت غلق المنافذ غير الرسمية”، مشيراً إلى أنّ السلطات العراقية تتوقع أن تستهدف هذه الميليشيات عناصر أمن أو بعثات ديبلوماسية من أجل عدم شمول معبر السكك، الذي تسيطر عليه، بعملية الإغلاق”.
وتفيد معلومات وتقارير صحافية بأنّ العراق يخسر نحو 6 مليارات دولار بسبب المنافذ غير الرسمية، التي تسيطر عليها الميليشيات، وتلك الموجودة في إقليم كردستان العراق. وفضلاً عن الخسارة الاقتصادية، فإنّ المعابر غير الرسمية مع إيران وسوريا تُستغل لإدخال المخدرات إلى العراق وتهريب نفطه. وقال اللواء المتقاعد ماجد القيسي لـ”أخبار الآن“، إنّ “خطوة الحكومة العراقية في السيطرة على المعابر الرسمية وغلق غير الرسمية، إيجابية، لكنها تحتاج إلى إجراءات قوية وصارمة، فالكاظمي لا يواجه عصابات صغيرة أو بسيطة، بل يواجه ميليشيات كبيرة وقوية ولديها القدرة على تصعيد مواقفها ضدّ الحكومة وربّما حتى زعزعة الوضع الأمني”.
ما هو دور المنافذ غير الرسمية؟
وأضاف القيسي أنّ “هذه المنافذ غير الرسمية لعبت دوراً سلبياً طيلة السنوات الماضية، ولم تجرؤ أيّ حكومة على إغلاقها أو الوصول إليها، خصوصاً حكومة عادل عبد المهدي التي زادت من نفوذ الميليشيات الإيرانية”، لافتاً إلى أنّ “المخدرات دخلت العراق عبر هذه المنافذ، لكن السؤال هنا: هل سنضمن إغلاقها أم أنّ الميليشيات ستكون أقوى من الحكومة”.
ليس من السهل أن تترك الميليشيات الموالية لإيران هذه المنافذ وتغلقها رغبةً لما تريده الحكومة العراقية، فهذه المنافذ تعتبر واحدة من قنوات إدخال موارد شهرية بملايين الدولارات للميليشيات، وقد أسهمت في خلق امبراطوريات اقتصادية لها، وهو ما يؤشر على احتمالية تصادم غير معلن بينها وحكومة الكاظمي.
وقالت نائبة في البرلمان العراقي طلبت عدم ذكر اسمها خشيةً من الميليشيات، إنّ “تقارير تصل إلى لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب تفيد بأنّ هذه المنافذ غير الرسمية استخدمت خلال السنوات الخمسة الماضية خصوصاً خلال فترة الحرب ضدّ داعش، بتهريب النفط العراقي وبيعه بأقل من نصف سعره، كما استخدمت لإدخال المخدرات من إيران إلى العراق”. وأضافت لـ”أخبار الآن” أنّ “المنافذ نافست بشكل غير قانوني منافذ الدولة الرسمية، فالميليشيات اتفقت على إدخال بضائع مئات التجار بكلفة أقل من تلك التي يجب أن تدفع للحكومة العراقية، وبالتالي فتحت أبواب فساد جديدة من الصعب أن تُغلق”.