منذ شهر، حوّْل معز المولهي قطعة أرضه في قرية “شواط” النائية في أرياف محافظة منوبة التونسية إلى مدرسة لتعليم الناشئة ركوب الخيل وفنون الفروسية، لحمايتهم من التطرف.
أراد المولهي من وراء الاستفادة من جهة، ومن جهة أخرى خلق فضاء ثقافي في ظل غياب الفضاءات الثقافية التي تمكن أطفال القرية من اللجوء إليها في أوقات فراغهم.
يعمل معز المولهي، ذو الأربعين عاماً، على صقل مواهب أطفال قريته في فنون الفروسية وركوب الخيل، وتنشئتهم في بيئة سليمة، بهدف قطع الطريق أمام أي شكل من أشكال التطرف والإرهاب من التغلل في نفوسهم، بعد أن قضى هذا الفكر في السنوات الأخيرة على أحلام عدة أطفال وشباب تونسيين.
وتعد الفروسية واحدة من أعمدة الموروث الشعبي القديم التي يستحضر بها التونسيون ملامحهم، واستبسال الفرسان قديماً في الدفاع عن أرضهم ضد كل أشكال الاستعمار. يرتاد المدرسة أطفال من الجنسين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات و ثلاثة عشر سنة.
يُدرب جميع هؤلاء الأطفال على أبجديات ترويض الخيول العربية الأصيلة، والرقص معها على إيقاع الأغاني الشعبية التونسية، ومن بينها رقصة “المداوري” المحلية.
رقصة “المداوري” هي عمل فني استعراضي يقدمه الفارس على حصانه خلال المهرجانات وأيضا الأعراس الشعبية، ويؤدي خلالها حركات بهلوانية تخلق متعة للحضورو تتخللها زغاريد النسوة وأهازيج الحاضرين.
أوضح مدير المدرسة معز المولهي لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني حسام جراي أن فكرة إنشاء هذه المدرسة بدأت تراوده منذ سنوات، خاصة مع تفشي ظاهرة الإرهاب والتطرف في عدة مناطق بالبلاد.
وأضاف أنها اليوم أصبحت واقعاً ملموساً بعد أن بعث هذا الفضاء الصغير لتعليم فنون ركوب الخيل بالرغم من محدودية وقلة إمكانياته.
وأشار إلى أنه صار بإمكان أطفال قريته أن يجدوا لهم بديلاً في ظل غياب دور الثقافة وقاعات السينما والفضاءات الترفيهية، ليتمكنوا بذلك من تفجير طاقاتهم الإبداعية دون أن يتسلل إليهم الفكر الظلامي الذي يسعى لدمغجة عقول الناشئة واستقطابها لدى الجماعات المتطرفة.
وأردف “هدفنا بالأساس حماية هؤلاء الأطفال من أفكار التطرف أو الانحراف أولاً، وتعليمهم قيم الفارس النبيلة التي ورثناها عن أجدادنا وهي التشبث بالأرض والعرض”.
بدوره، قال مدرب الفروسية أحمد الجندوبي لمراسل “تطبيق خبّر”إن مهمته تبدأ مع تلقين الأطفال وتعليمهم تاريخ الفروسية وأصولها بمنطقتهم قبل أن يعمل معهم على الدروس التطبيقية في مضمار السباق .
وأضاف أنه يسعى من خلال هذا النشاط إلى لعب دور المدرب والمربي في آن واحد، وأن يمرر لهؤلاء الأطفال قيماً وأخلاقاً يمكن لها أن تحميهم من أفكار التطرف.
وأشار الجندوبي إلى أن هذه الأنشطة تساعد على تنمية مهارات الطفل، خصوصاً مهارات القيادة والتعامل مع الآخرين، فضلاً عن الخصال التي يتحلى بها الفارس.