4 أشهر مرّت على إنفجار مرفأ بيروت في لبنان، الذي أودى بحياة المئات وجرح الآلاف من الأشخاص، وهي مدّة ينتظر فيها اللبنانيون نتائج التحقيق بهذه القضية التي قلبت المشهد اللبناني رأساً على عقب.
ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإنّ “السياسيين والمسؤولون في لبنان يحاولون منع القاضي المسؤول عن التحقيق في قضية الإنجفار من استجواب كبار المسؤولين ومحاسبتهم”، مشيرة إلى أنّ “الإنفجار كان مثالاً واضحاً على الأخطار الجسيمة التي يمثلها الفساد المزمن وسوء الإدارة الذي ترك اللبنانيين في حالة خلل وظيفي وخدمات سيئة واقتصاد منهار”.
ويعتبر العديد من اللبنانيين أنّ الإنفجار لحظة فاصلة يمكن أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في الطريقة التي يُحكم بها لبنان وكسر ثقافة الإفلات من العقاب التي تحمي السياسيين منذ فترة طويلة من المساءلة. ورغم هذا، فإن الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد تفرض سلطتها وتحاول الحفاظ على صلاحياتها.
ويقول نزار صاغية، مدير منظمة المفكرة القانونية: “كان هذا الانفجار علامة فارقة في تاريخ لبنان. الأمر لا يتعلق فقط بالانفجار، إنه النظام بأكمله. إذا فشلنا في هذه المعركة، فلن نتمكن من محاسبة أي شخص على انهيار البلاد”.
قاضي التحقيق في إنفجار بيروت يواجه السياسيين في لبنان: العرقلة مستمرة
وكانت السلطات اللبنانية تعهدت بإجراء تحقيق شامل، وقد جرى إسناد هذه المهمة إلى القاضي فادي صوان، وقد قال أحد مساعديه أنّ “الأخير بدأ التحقيق في القضية وسط ظروف صعبة، حيث تم تخصيص له مكتب صغير بلا نوافذ في قصر العدل، كما أن فريقه يتكون من موظفين 2 فقط، يدونون الملاحظات يدوياً”.
ومع هذا، فإن مهمّة القاضي لا تتحدد فقط في تحديد سبب الإنفجار، بل يتعيّن عليه البحث عن أدلة على الجرائم المتعلقة بوصول السفينة التي جلبت مواد “نيترات الأمونيوم” إلى بيروت في العام 2013، وقرار تخزينها في الميناء والتعامل معها منذ ذلك الحين.
وتقول “نيويورك تايمز” أنّ المهمة المسندة إلى صوّان وضعته في مسار تصادمي مع شخصيات قوية، إذ كشفت الوثائق أنه تمّ تحذير مجموعة من كبار المسؤولين بشأن نترات الأمونيوم، بما في ذلك الرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب وقائد الجيش جوزف عون وعدد من القضاة والوزراء، وقد كان هناك فشل في إزالة هذه المواد الخطرة التي أدت إلى الإنفجار.
وخلال شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، أقدم صوان على خطوة فاجأت الجميع في لبنان، إذ وجّه اتهاماً إلى 4 سياسيين أقوياء بالإهمال الجنائي الذي تسبب في الانفجار، على رأسهم حسان دياب، الذي استقال مع حكومته بعد الانفجار، ولكنه استمر في تصريف الأعمال، ووزيرين سابقين للأشغال العامة كانا يشرفان على الميناء؛ ووزير مالية سابق كان يدير مصلحة الجمارك.
وإثر خطوة صوان، بدأت مجموعة من القوى السياسية بإتهام صوان بتجاوز حدوده، وقال الحزب السياسي لرئيس الجمهورية ميشال عون، أنّ “القاضي ربما قد يكون قد خالف القانون”.
ومع هذا، فقد اتّهم حليف عون، “حزب الله” الإرهابي، القاضي صوان بـ”الإستهداف السياسي”، في حين أنّ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري التقى دياب تضامناً معه، ضد ما أسماه “الانتهاك الواضح والصارخ للدستور”.
وحتى الآن، فإنّه ما من مسؤول من المتهمين خضع للإستجواب، في حين قال 2 منهم أن لديهما حصانة من البرلمان اللبناني، وطلبا استبدال القاضي. كذلك، أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أنه “لن يطلب من قوات الأمن القبض على الوزراء المتهمين، حتى لو صدرت أوامر بالقبض عليهم”.
ويقول منتقدو القاضي إنه لا يمكن محاكمة وزراء الحكومة الحاليين والسابقين إلا من قبل محكمة خاصة بعد توجيه الاتهام إليهم بأغلبية ثلثي الأصوات في البرلمان.
يُشار إلى أنّ القاضي صوان استجوب قبل الأسبوع الماضي حوالي 80 شخصاً واتهم نصفهم بجرائم، في حين جرى اعتقال 25 مشتبهاً بهم معظمهم من مستوى منخفض إلى متوسط في الموانئ، وموظفي الجمارك والأمن، كما قدم القاضي طلبات توقيف إلى منظمة الشرطة الدولية الإنتربول بشأن مالك السفينة القبرصي وقبطانها الروسي وطلب معلومات من موزمبيق وبلجيكا وبريطانيا ودول أخرى.
حكاية انفجار بيروت.. أوجاع لبنان مستمرة والفساد وصل الى أرواح اللبنانيين
يشكل انفجار مرفأ بيروت ضربة جديدة يتلقاها اللبنانيون .. ولكن هذه المرة كانت الضربة مدمرة لدرجة ان أكثر من ربع مليون من سكان العاصمة بيروت باتوا بدون مأوى.