تحت مبنى بعض من خزائن التاريخ.. فقد كان سكان الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط بمصر يلوذون بملجأ تحت الأرض في هذا المكان خلال الحرب العالمية هرباً من الغارات الجوية التي حولت بعضاً من مباني المدينة إلى أطلال.
لكن نفس الأبراج الحصينة والممرات ذات الأقواس أصبحت الآن دليلاً على حياة جديدة بعد أن تحول المكان إلى معرض فني في مصر.
أُغلق المبنى الحصين في مصر لمدة 35 عاماً، وأعيد بناؤه في صورته الحالية بجهود من قبل إحدى الشركات العقارية والمديرة التنفيذية للمعرض شيماء رمزي التي بدأت العمل فيه عام 2016.
بُني الملجأ بقنوات التهوية وممرات الهروب عام 1928، بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب العالمية الأولى، على يد مهندس معماري يوناني عندما كانت الإسكندرية قبلة وبوتقة ينصهر فيها المهاجرون من حوض البحر المتوسط وأوروبا.
قال شيماء رمزي في مقابلة “من أهم العناصر إللي سابها لنا (تركها لنا) المهندس المعماري اليوناني هو وجود الأخطبوط علي مدخل كل باب من أبواب العمارة وده كان رمز بيرمز للحماية في التاريخ اليوناني القديم.. وليه الحماية؟ لأن من أهم العناصر الموجودة في المبني هنا مخبأ تحت الارض كان معمول لحماية السكان ضد ضربات الحرب بالرغم إن العماره اتبنت ١٩٢٨ يعني بعد الحرب العالمية الأولي. يمكن المهندس تنبأ بحرب عالمية تانية بعد كده وبالفعل بني المخبأ”.
خطوات سريعة عبر الممر المقوس، وهو المدخل الأصلي للملجأ، تشي بأن شيماء وفريق شركة سيغما العقارية توخوا بعناية الحفاظ على السلامة الهيكلية للمكان الذي يعشش التاريخ في زواياه ويحتضن الأعمال الفنية الحديثة المعروضة على جدرانه.
وقالت شيماء “وأهم حاجة سبناها (تركناها على حالها من معالم المكان) كانت العناصر الأساسية القديمة في المبني زي الحجر دا زي ما هو القوس (بالإنكليزية) أو المدخل بتاع المخبأ اتساب زي ما هو (تركناه على حاله) بالطريقة إلي موجودة قدامنا”.
وأضافت “بردو (أيضاً) كان من أهم الحاجات إلي قمنا بيها إن إحنا نحافظ علي العناصر الأساسيه للمكان زي مثلاً إن إحنا نكشف عن الحجر الطبيعي إللي اتبنى بيه المبني ودا عشان نوري للشباب الموجودين دلوقتي إزاي أو أيه هي العناصر المهمة إللي كانت موجودة في المبني في زمن هما معاشوهوش.. نفس الحاجة كل عنصر تصميمي في المبني تم إحياؤه تاني عشان نقدر ندرس القيمة البصرية ديه من أول وجديد”.
مصر.. حفاظ على البنية الأساسية للحصن
وراعت شيماء والشركة العقارية في مصر الحفاظ على فتحات التهوية والهروب باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من تاريخ المكان وتساعد في إطلاق العنان للخيال لإعادة رسم صور ومشاهد الأحداث وحياة البشر بين هذه الجدران.
وقالت “تصميم المكان كان أهم العناصر فيه إن إحنا نحافظ علي العناصر البصرية المهمة إلي كانت موجودة في المبني من ٩٠ سنة زي فتحة التهوية أو فتحة الهروب إلي موجودة قدامنا ودي من أهم العناصر إلي بتكون موجودة في المخابئ في العمارات القديمة”.
يستضيف المعرض، الذي افتُتح رسمياً للجمهور في يناير كانون الثاني 2020، مشاريع تستهدف تشجيع الفنانين من جيل الشباب على عرض أعمالهم وإقامة ورش عمل فيما يمثل إضافة ومتنفسا للمشهد الإبداعي في الإسكندرية.
وقالت شيماء “التصميم كمان (أيضاً) كان هدفه إن هو يكون بسيط وسهل إن إحنا بنتيح فيه فرصة للفنانين الشباب إن هم يقدروا يبرزوا فنهم في المساحة (الملجأ) بالإضافه للعناصر البصرية القديمة.. التراثية القديمة إلي إحنا قدرنا نحافظ عليها”.
وحاولت غدير فهيم وهي زائرة للمعرض وصف شعورها في مكان يستحضر جزءا من تاريخ المدينة. وقالت “إحنا دايما بنسمع عن الحرب العالمية التانية من أهلنا أو بنقرأ عنها في الكتب أو من التاريخ أكتر ففكرة إن أنت تبقي موجود في مكان كان موثر أيام الحرب العالمية التانية ومؤثر بشكل كبير خصوصا إن هو كان اسمه شيلتر (ملجأ) هو كان شيلتر فعلاً أيام الحرب العالمية التانية فهو الموضوع غريب بشكل كبير وحلو إنك بتعيد مشاعر كتير عدت ومخاوف عدت وخصوصاً إن المكان محتفظ بفكرة الشيلتر بجد وهم محتفظين بالشكل المعماري من أيام الحرب العالمية التانية خصوصاً فتحة الهروب وسلالم الهروب لسه موجودة زي ما هي فالموضوع إعاده محاكاة للإحساس بشكل جميل جداً”
وفي الاحتفال بمرور عام على افتتاحه، نظم المعرض سلسلة من الفعاليات شارك فيها حوالي 60 فناناً، غالبيتهم من سكان المدينة. واستقبل المعرض أكثر من 3500 زائر منذ بداية 2020.