حتى يطور مهاراته ويتسنى له الاندماج في المجتمع داخل سوريا، يقطع الفتى السوري زكريا اليوسف نحو 20 كيلومتراً ثلاثة أيام في الأسبوع ليذهب إلى مدرسة مخصصة لذوي الإعاقات البصرية من أمثاله في شمال سوريا.

ويوضح زكريا (16 عاماً) أن الأمر كان أيسر عندما كان في بيته بإدلب، مشيراً إلى أنه يواجه حالياً مصاعب كثيرة حيث يعيش في مخيم مؤقت للنازحين ويضطر إلى الانتقال إلى (مدرسة القلوب المبصرة لتعليم المكفوفين).

وقال زكريا “هلأ (حالياً) عم باروح ع المدرسة على إدلب، وكان في البيت الوضع أهون من المخيم، بالمخيم بيظل أصعب من البيت، يعني عيشة المخيمات صعبة، لكن بالبيوت أهون من المخيم. عم باروح ع المدرسة بادرس للظُهر وبارجع، تلات أيام في الأسبوع”.

وقال علي اليوسف، والد زكريا، من الخيمة التي يعيش وأسرته فيها في سوريا “بالنسبة للخيم ووضع الخيم وضع صعب يعني حتى للي ما فيه شيء واللي بيكون مو مكفوف واللي بيكون ما عنده عاهة يعني صعب.. فما بالك اللي بيكون عنده عاهة أو بيكون مثلاً خيو (أخيه) بيكون عنده ظرف مثل زكريا صعب عليه كتير والحياة صعبة عليه كتير ومعاناة صعبة كتير عشان هذا الوضع اللي عايشينه إحنا”.

مدرسة في شمال سوريا تهتم بتعليم الأطفال ذوي الإعاقات البصرية

طلاب ضعاف البصر يحضرون فصلاً دراسياً في إدلب، سوريا/ رويترز

شمال سوريا.. مدرسة وحيدة لتعليم ذوي الإعاقات البصرية

وتأسست مدرسة القلوب المبصرة في سوريا لتعليم المكفوفين قبل عام، وهي المدرسة الوحيدة في إدلب بشمال سوريا المخصصة للأطفال ذوي الإعاقات البصرية. ويتعلم فيها حالياً أكثر من 100 طالب يتلقون دروسهم على أيدي معلمين من ذوي الإعاقات البصرية أيضاً. وكان المعلمون قد تعلموا لغة برايل، التي يعلمونها للتلاميذ، وذلك في حلب قبل عام 2011.

وأوضح عبد الرزاق الأحمد المعلم بالمدرسة أن الاعتماد على معلمين من ذوي الإعاقة البصرية كان يمثل تحدياً في البداية قبل أن يتمكنوا الآن من تطوير مستوى الطلاب.

وقال “طبعاً في بداية الأمر عانينا من صعوبات كون الطلاب معظمهم مكفوفين وكذلك الكادر بالكامل مكفوف، ولكن الحمد لله يعني تم تجاوز هذه الصعوبات. الهدف من هذه المدرسة إخراج المكفوفين من حالة العزلة التي يعانون منها وإخراجهم من حالة الانطوائية، كما نعمل على رفع مستواهم الثقافي والعلمي ودعم نفسياتهم ليصبحوا أكثر فعالين في المجتمع والاعتماد على أنفسهم”.

ويتعلم الطلاب في المدرسة لغة برايل واللغة العربية والحساب. كما يساعدهم المعلمون على اعتياد المشي مسترشدين بالعصي الخاصة بالمكفوفين.

ولا يعتبر تعامل المدرسة مع طلاب ومعلمين من المكفوفين وضعاف البصر أكبر تحد تواجهه.. فنقص الموارد وكون المدرسة تقع في منطقة ينتشر فيها العنف والقصف يفاقم مشكلاتها.

وعلى الرغم من كل المصاعب فإن والدي الطفل خليل الشيخ خليل (12 عاماً) مثلاً ما زالا يصران على إرساله للمدرسة التي تقع على بعد 15 كيلومتراً من مسكنهم لكي يتعلم.

وقال محمد الشيخ خليل، والد خليل الذي يعاني من إعاقة بصرية، “تقريباً المدرسة بعيدة 15 كيلومتر، ونحن وقت نبعته بنحس بصعوبة لأن نظره ضعيف والروحان والرجعان صعب. وحطيناه بالمدرسة ليش؟ حتى يظل يتعلم ويصير يعتمد على حاله وقت بيكبر، يعني والله يجزيهم خير المعلمين ما بيقصروا، يعني بيعلموهم الشيء الكويس إن شاء الله، البرايل والقرآن، بيعلموهم يعني كل شيء بيستفادوا، كأنه مدرسة نظامية عم بيعلموهم”.

وتحصل المدرسة في شمال سوريا، التي تقدم التعليم والنقل بالحافلات مجاناً، على تمويل محدود من إحدى المنظمات المحلية بالمنطقة.