260 شخصا يغادرون مخيم الهول إلى “مصير مجهول”
بملامح منهكة وعيون حائرة بسبب المشاهد المؤلمة التي رافقتهم كأفراد خلال عقد من النزاع الذي شهدت سوريا، غادرت عشرات العائلات السورية مخيم الهول (40 كم شرق الحسكة)، الخميس، بعد خسائر بشرية فادحة تكبدوها خلال سنوات قضوها مجبرين تحت سطوة تنظيم داعش.
وشملت هذه الدفعة 70 عائلة (260 شخصاً) ينحدرون من أرياف دير الزور، غادروا المخيم بعد أربع سنوات من العيش في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد.
أحد المغادرين من مخيم الهول: أفقدتني الحرب كل شيء
على كرسي متحرك يتحضر محمد علي (28 عاماً)، للعودة إلى منزله في ريف دير الزور، مع أطفاله الخمسة الذين يتناوبون على دفع الكرسي.
وبالرغم من فرحة العودة للديار إلا أن الأب يعتقد أن مصيره بات مجهولاً بعد أن فقد القدرة على التحرك بسبب شظايا استقرت في ظهره وأصيب بشلل نصفي.
يقول الرجل ذو اللحية السوداء وهو يرتدي قبعة صوف زيتية اللون لأخبار الآن: ” أفقدتني الحرب كل شيء، أصابني الشلل النصفي، وتدمر منزلي، وضاعت كل الخطط التي كن أفكر بها قبل الحرب. إنها الحرب التي لا ترحم وتأخذ منا أغلى ما نملك، الصحة والعافية وراحة البال وأحبتنا ومستقبل أطفالنا.”
ويضيف: “فقدت أصغر أخوتي ورافقنا الخوف بشكل مستمر، ينقصنا الاستقرار والأمان، الحمد لله على كل شيء.”
إحدى المغادرات من مخيم الهول: الحرب لم تدعنا نهنأ بالعيش والسلام
بالقرب من محمد علي ثمة نساء تحمل أطفالها وأخريات يضعن الطعام في أكياس، بينما يقوم بعض الرجال بحمل الأمتعة ونقلها إلى الشاحنات ليغادروا المخيم في قافلة يحرسها عناصر من قوات الأمن الداخلي (الأسايش).
خلف نقاب أسود لا يظهر سوى عيون يسرى أم تيسير (25 عاماً)، من سكان ريف دير الزور، تتجهز مثل غيرها للمغادرة مع أطفالها الأربعة الأيتام.
وتقول لأخبار الآن: “فقدت زوجي في هذه الحرب على يد عصابة في ريف دير الزور، وفقدنا منزلنا وأراضينا الزراعية، كانت حياتنا مستقرة، ولكن الحرب لم تدعنا نهنأ بالعيش والسلام.”
وتضيف “أم تيسير”: “فقدت زوجي ولم يعد للحياة طعم، مات الكثير من أقاربي، أبناء عمومتي وأخوالي، حتى أضعنا كل إثباتاتنا وأوراقنا الشخصية، لقد فقدنا شخصيتنا وعلى الصعيد المعنوي فقدنا الأمان، الطمأنينة، الاستقرار وحياتنا الريفية البسيطة.”
لكنها لا تنفك تتحسر على مستقبل أطفالها الذين لا يجيدون القراءة والكتابة حتى الآن، وتقول: “أطفالنا فقدوا مدارسهم والتعليم، ولم يروا من المستقبل المشرق سوى الأمية والجهل”.
“تهمة انتماءنا لداعش تلاحقنا” تقول إحدى المغادرات من المخيم
وكما أقرانها ترى بيان جاسم (45 عاماً)، من سكان ريف دير الزور: “فقدنا كل شيء غال وعزيز على قلوبنا، أخذت الحرب 3 من أخوتي وأبناءهم الأربعة، وتدمرت منازلنا وفقدنا معنى الحياة.”
وتضيف بحسرة: “حتى المجتمع لم يعد يتقبلنا لأننا عشنا في هذا المخيم، في حين أن تهمة انتماءنا لداعش تلاحقنا، هل بقيّ شيء ولم تأخذه الحرب؟”