مطاعم لبنان.. أعداد قليلة من الزبائن
صارت المطاعم شبه خالية لا تقصدها سوى أعداد قليلة من الزبائن، إذ يخيم الهدوء على شارع كان يكتظ بالمارة في السابق في أنطلياس شمالي بيروت.
لم يستقبل مطعم غسان معلوف زبائن منذ أيام. كان رجل الأعمال اللبناني البالغ من العمر 58 عاماً هاجر إلى كندا في أواخر التسعينيات. وعاد إلى لبنان في 2017 واستثمر مدخراته في مطعم “ميلينيا” الذي افتتحه بعد عودته بسنة واحدة.
لكن عوامل الانهيار المالي وتراجع قيمة الليرة، فضلاً عن جائحة كورونا وقيودها، تضافرت معاً لتجبر مطعم معلوف ومطاعم أخرى كثيرة على خفض العمالة وتثير التساؤل عما إذا كان الوضع سيسمح لها بالاستمرار.
قال معلوف “صار لنا فاتحين من ٢٠١٨ وبعدنا عم نشتغل على أساس الأمور كلا بتتغير، وظبطنا وعم نشتغل وحاطين كل أموالنا لنشوف القطاع إنه بيتحسن.. منحب بلادنا.. تركنا كل الدنيا ونجي نقعد ببلدنا ونأسس هون”.
تحدث صاحب مطعم ميلينيا عن الوضع الراهن، وقال “ما في زبونات، ما فيك تجي تفتح اليوم وتحط شافية وتحط موظفين مطبخ… اليوم الدولار بيكون بعشرة آلاف .. بيصير ب 12 ألف .. بيصير ب 15 ألف .. منكون عم نجيب الفاتورة، بينطرنا لياخد المقاصة ليقلنا ١٢٠٠٠، أو ١٣٠٠٠ أو ١٥٠٠٠”.
ومضى قائلاً “حد أقصى (بالإنجليزية) منوقف شهرين، فينا بعد نضوي (نضيء الأنوار) شهرين، فينا نشيل الغبرة (نقوم بالتنظيف) بعد شهرين.. لا تؤاخذني بهالكلمة.. هيدا إللي نحن فيه.. مش عم نقدر نقلع (ننطلق في العمل).. هني مش عم يساعدونا.. نحن مش طالبين منن شي.. طالبين منن بس، يعطونا مجال نقلع، يوقفوا حدنا ويدعمونا”.
مطاعم لبنان.. أزمة اقتصادية لا تسمح بالربح
وخفف لبنان قيود العزل مما سمح للمطاعم بفتح أبوابها للناس مرة أخرى لساعات معينة وبسعة محدودة اعتباراً من يوم 22 مارس آذار. لكن أصحاب المطاعم يقولون إن هذا لا يكفي لتحقيق ربح، مشيرين إلى أن الأزمة الاقتصادية لم تترك لهم فرصة “للنمو”.
وقال نسيم غرز الدين، من قسم التسويق في شركة أفكار المالكة لمطاعم بابل “بفتكر كل المطاعم، لأكون موضوعي وأحكيك إللي عم يصير بالبلد.. كل المطاعم الموجودة حالياً هي بحالة يرثى لها (نعيش بأقل القليل) منا تنربح، بس تنعيش (لا نطمع في الربح ولكننا نريد فقط أن نعيش)، تنحافظ على الموظفين إللي عنا، تنحافظ ع فرص العمل إلي بعدا موجودة بالبلد، تنحافظ عليها، بس ما في شي عم بيقول لك إنه أنت اليوم رايح تكبر”.
وعلى مدى عام ونصف العام خاض لبنان غمار انتفاضة شعبية ضد قادته السياسيين، وكان شاهداً على إفلاس الدولة والنظام المصرفي، وجائحة كورونا علاوة على انفجار هائل أودى بحياة 200 شخص ودمر أجزاء من بيروت في أغسطس آب.
لكن توني حريق، مدير مطعم بروفنشيال في أنطلياس والذي كان يقدم خدماته لعدد قليل من الزبائن في وقت الغداء يوم الاثنين (29 مارس آذار) يرى بصيصا من الأمل في تحسن الوضع.
وقال حريق إن حركة البيع تراجعت بنسبة 60 بالمئة لكنه يتطلع إلى عودة المغتربين والأجانب إلى لبنان لتسهيل الوصول إلى حل.
وأضاف “متل كل المحلات، متل كل القطاعات، أكيد تأثرنا كتير، بعدنا عم نتأثر هلق بزيادة من كل النواحي.. من ضمن الأسعار إللي بالسوق.. من ضمن الزبونات إللي قلوا، مش كل العالم عم تقدر بقى تطلع ع المطاعم.. فعم نجرب قد ما فينا بس ما نخسر السوق، نضل واقفين ع رجلينا، وأكيد هلق ما حدا عم يفكر بالربح أكتر.. ما عم يفكر بالاستمرارية (التركيز على الاستمرارية وليس الربح)”.
ومضى قائلاً “هيدا لبنان طول عمره عايش عهيدا القطاع. مجرد (بالانجليزية)… بيمشي الحال، أكيد بدو يرجع يقب… بتعرف هيدا القطاع بيتكل كتير على المغتربين والأجانب، كل ما هو البلد مفقود من هيدا الشي، صعبة هلق يكون عنده حل”.
وتوظف مطاعم لبنان مئات الآلاف من الجنسين. وأغلقت مئات المطاعم والمقاهي والنوادي الليلية ومتاجر المعجنات أبوابها منذ 2019