ورشة “الجيل الجديد للتنمية والتكوين” تهدف لنشر القراءة في المقاهي
نظمت مجموعة طلابية بمدينة آيت باها المغربية، بتأطير من طرف جمعية الجيل الجديد للتنمية والتكوين يوم السبت 10 نيسان/ أبريل من السنة الجارية، ورشة ثقافية تهدف إلى تشجيع أبناء المنطقة على القراءة وتقوية صلتهم بالكتب، خاصة داخل المقاهي.
الورشة التي انطلقت على الساعة الرابعة عصراً واستمرت إلى غاية الساعة السادسة مساءً من نفس اليوم، عرفت حضور 24 طالبًا وطالبة بالصف الإعدادي والثانوي التأهيلي، من بينهم أعضاء من الجمعية المؤطرة للورشة وأيضا أطفال يدرسون في المستوى الابتدائي.
ناقشت الورشة جملة من الأفكار، على رأسها أهمية القراءة في حياة الفرد وضرورة إحداث “مكتبات القرب”، خصوصًا بجانب مقاهي المنطقة من أجل نشر ثقافة القراءة والمطالعة وسط صفوف زبائن هذه المقاهي.
في هذا الصدد، قال محمد وكريم، رئيس جمعية الجيل الجديد للتنمية والتكوين، لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة إن الورشة الثقافية التي أقيمت وأشرف على تأطيرها عدد من أعضاء الجمعية نفسها، جاءت بهدف خلق جسور التواصل مع شباب المنطقة، خاصة الذين يدرسون في المدارس الإعدادية أو الثانوية بآيت باها.
وأضاف واكريم أن باب المناقشة والحضور كان مفتوحًا أيضا أمام تلاميذ المرحلة الابتدائية، بغية الانفتاح العام على الوسط المدرسي المحلي، وتبادل الأفكار للنهوض بثقافة القراءة، ليس فقط بين الطلاب ولكن بين جميع أبناء المنطقة بجميع شرائحهم العمرية.
في ذات السياق، أوضح محمد واكريم أن الورشة ناقشت كذلك مشروع إحداث مكتبات القرب بجانب المقاهي، والذي تنوي جمعية الجيل الجديد للتنمية والتكوين إطلاقه خلال الفترة المقبلة، عن طريق إنشاء خزانات عامة قرب المقاهي الكبرى بمدينة آيت باها، والتي تستقطب على مدار اليوم عددا كبيراً من الزبائن.
يركز مشروع مكتبات القرب على نشر ثقافة القراءة خاصة داخل المقاهي، لمنح زوارها تأشيرة العبور نحو عوالم الكتب لتصبح خير جليس.
بالتالي، عوض أن يقضي الزبائن أوقات فراغهم في المقاهي بدون استفادة، سيتاح لكل زبون الحصول على كتاب في المجال الذي يفضله ويختاره، ما يمكنه من امتلاك مفاتيح الوعي الذاتي والمجتمعي والانفتاح على ثقافات جديدة، وكذلك امتلاك قدرة على الاستثمار الفكري عبر استغلال أوقات الفراغ في القراءة لخلق نخبة كبيرة من المثقفين.
إلى جانب ذلك، بيّن واكريم أن إشراك جميع الحاضرين في مناقشة وتبادل الأفكار والمعارف خلال الورشة، أكسب بعض الطلاب مهارات الحوار والتخلص من الخجل والانفتاح على الآخر وأفكاره، واكتشاف مصطلحات أدبية جديدة.
أما البعض الآخر من الطلاب، فعبّر عن الدور الفعال الذي تلعبه قراءة الكتب في إغناء الرصيد المعرفي والثقافي للفرد والذي سيعود عليه وعلى المجتمع بمنافع كبرى.
أضاف واكريم، “إن انعقاد الورشة الثقافية بمقهى آيت باها جاء متعمدًا، فعلى الرغم من توفر قاعة الاجتماعات المتواجدة بالجماعة الترابية بالمنطقة إلى جانب توفر مراكز ثقافية، فضلنا أن تقام الورشة بالمقهى”.
وأوضح أن “القصد كان جعلها انطلاقة لأهداف مشروع مكتبات القرب التي تركز على نشر ثقافة القراءة في المقاهي، وتغيير صورتها النمطية والتقليدية إلى مقاهي أدبية تصبح وجهة كل شغوف بالقراءة وباحث عن الرأي والرأي الأخر، وفق أسلوب حواري ثقافي منبعه الكتب”.
كما لفت الانتباه إلى أن معظم الطلاب الذين حضروا إلى الورشة، تبرعوا بكتب لصالح إنشاء مكتبات القرب، التي لا يزال موعد إطلاقها مرتبط بتوفير أكبر عدد من الكتب، سواء في المجال العلمي أو الأدبي أو الديني أو السياسي أو التاريخي وغيرها من المجالات وبلغات مختلفة.
كذلك بيّن واكريم أنهم بصفتهم قائمين على مشروع مكتبات القرب، وضعوا ضمن مخططاتهم تمكين طلاب المدارس من الحصول على الكتب التي يرغبون في قراءتها لبضعة أيام، شريطة أن يدلي الطالب بإسمه الكامل وتحديد موعد إعادة الكتب، أملًا في تقريب الكتاب من القارئ.
في معرض حديثه، أوضح محمد واكريم كذلك أن الورشة سلطت الضوء على دور التعاون الجماعي ومدى نجاعته في تحقيق نشر ثقافة القراءة بمدينة آيت باها، وإنجاح مشروع مكتبات القرب.
القراءة تضاعف الرصيد الثقافي الفردي وتحارب المعلومات المغلوطة
من جهته، قال الطالب الحسين الوكاري، لمراسلة “تطبيق خبّر” إن القراءة ومضاعفة الرصيد الثقافي الفردي يحارب المعلومات المغلوطة المحيطة بالفرد من كل صوب، وتحميه من شر أفكاره أولًا ثم من شر محيطه الخارجي ثانيًا.
أضاف الوكاري أن القراءة تعالج مجموعة من الظواهر الاجتماعية وتقلص حدتها، كظاهرة الهجرة السرية والاتجار بالبشر التي تتصدر قائمة الظواهر الإجتماعية الأكثر انتشاراً بالمغرب.
يرجع الوكاري إقبال الشباب على الهجرة غير الشرعية بالأساس إلى انخفاض معدل الثقافة بغض النظر عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فوجود فجوة متسعة بين هؤلاء الشباب وبين القراءة والكتب يجعل جل اختياراتهم الشخصية غير متزنة. كما أوضح أن معظم الفتيات في سن 14 وما فوق يفكرن في الهجرة خارج بلدهم الأم، ما قد يجعلهن فريسة سهلة لتجار البشر.
وربط الوكاري وجود تراكمات فكرية مغلوطة وصورة محدودة الأفق عن الهجرة السرية بانعدام المخزون الثقافي، مضيفًا أن نفس الأفراد الذين يملكون نصف الحقيقة عن المحيط الخارجي الذي يعيشون فيه لو ربطوا صلتهم بالكتب لما كانت رؤيتهم للأمور من حولهم كما هي عليه الآن.
وأشار الحسين الوكاري إلى أن ظاهرة الهجرة السرية على سبيل المثال عالجها مجموعة من المختصين والكتاب وفصلوا في سلبياتها بالتدقيق، وكيف أنها تشكل تهديدًا جسديًا ونفسياً.
وبرأيه، هذا الشيء يدركه معظم القراء الذين كان غرضهم على الدوام إغناء رصيدهم الثقافي والمعرفي، ليصبحوا واعين بذواتهم وبالمجتمع الذي ينتمون إليه.
كما اعتبر أن مضاعفة الاهتمام بالقراءة والثقافة، تجعل الناس يحصلون على مكانة خاصة بداخلهم وينفتحون على المجتمعات الأخرى دون الانجراف كالسيول وراء معظم الظواهر والأفكار التي تقدم نفسها على أنها حقيقة مطلقة دون أن يؤطرها المنطق.