تقليد سنوي للذكر والدعاء في ” جبل خيلة “
تيمنًا بوقوف حجيج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطاهر في مكة المكرمة لأداء ركن الحج الأكبر، توافد الآلاف من أبناء وادي حضرموت جنوب شرقي اليمن إلى جبل خيلة بمدينة تريم لحضور جلسة الذكر التي تقام عصر التاسع من ذي الحجة من كل عام.
حسن صالح خميس، من أبناء مدينة تريم، لكنه يقيم في مدينة عدن، أكد لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في اليمن عمر يعقوب، أنه يحرص كل عام على أن يكون حاضرًا في هذه الفعالية الدينية، حيث يتم قراءة الأذكار والأدعية والابتهالات إلى الله تعالى في يوم عرفة المعظم.
أضاف خميس أنه يعمل وقيم في عدن منذ 40 عامًا، وهي تبعد عن تريم، مسقط رأسه، قرابة ألف كيلو متر، لكنه لم يفوّت حضور هذه المناسبة من كل عام، إذ يحرص على إنهاء جميع التزاماته مساءً والتحرك باتجاه تريم، فيصلها صباح يوم عرفة، ويتوجه عصرًا إلى جبل خيلة ليكون في مقدمة الحاضرين.
وعلى غرار حسن، أوضح سلمان عبدالله هادي، مالك محل لبيع ألعاب الأطفال والخردوات أن منطقة خيلة، وتريم بشكل عام تعيش في هذا اليوم أجواءً روحانية قلّ ما يوجد لها نظير في أي بقعة أخرى في البلاد.
أضاف سلمان لمراسل “تطبيق خبّر” أن منطقة خيلة يكتسيها البياض، إذ يحرص جميع من يفد إلى هذه المنطقة على لبس الأبيض من الثياب، اقتداءً بالحجيج الواقفين على صعيد عرفات، وتصدح الألسن بالدعاء ،وترفع الأكف إلى السماءة رغبة برحمة من رب العباد في هذا اليوم المعظّم.
كما أشار سلمان عبدالله إلى أن المدينة تشهد أيضًا حركة اقتصادية ملفتة، إذ يحرص أغلب الوافدين على شراء الألعاب والحلوى لأدخال الفرحة على أطفالهم.
من جانبه، قال حسن عبدالله، أحد الساكنين جوار مسجد حسين مولى خيلة، حيث يتم إقامة جلسة الذكر والدعاء، إن جميع المنازل تفتح أبوابها لاستقبال الوافدين بعد أن تمتلىء ساحة المسجد فيهم، كما يحرص الأهالي على تقديم وجبات الإفطار والمياه للصائمين منهم.
” تريم ” الصوفية تتشبّه بواجبات الحجيج
وأوضح حسن عبدالله لمراسل “تطبيق خبّر” أن هذه عادة دأبت تريم ذات التوجه الصوفي على احتضانها منذ مئات السنوات، مشيرًا إلى أنه وإلى جانب الأدعية والأذكار التي تتم قرأتها، يحرص علماء وشيوخ المدينة على إلقاء الكلمات التي تذكر بعِظَم هذه المناسبة وهذا اليوم المبارك وفضله.
تستمر جلسات الذكر في جبل خيلة حتى مغرب شمس، يأمل لتخلالها المتواجدين بالتعرض للنفحات الإيمانية والتشبه بالحجاج في عرفات، آخذين من حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم “من تشبه بقوم فهو منهم” طريقًا ومنهاج.
بدوره، حرص الشيخ محمد عبدالله محمد على الحضور وكذلك اصطحاب طفليه عبدالله وعمر لحضور هذه الجلسة، مؤكدًا أنه يحرصه على اصطحاب أطفاله ليغرس فيهم عظمة هذه المناسبة، تمامًا مثلما توّرث ذلك من والده الذي كان يقوم الشيء نفسه.
وبيّن الشيخ محمد لمراسل “تطبيق خبّر” أنه عقب غروب الشمس وتناول الإفطار في ساحة المسجد وأداء صلاة المغرب، يصطحب أطفاله لزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء، خصوصًا ممن أقعدهم المرض، وكذلك كبار السن، وتقديم التهنئة لهم بمناسبة حلول عيد الأضحى، قبل التوجه إلى السوق لقضاء مستلزمات العيد، وشراء الحلوى وتوزيعها على أطفال الحي بهجة وفرحًا بحلول العيد.
على غرار هذه العادة، دأب أهالي مدينة تريم على إحياء العديد من المناسبات الدينية واغتنامها لربطها بعاداتهم اليومية حتى تصبح من نسيج الحياة العامة، ما يجعل هذه المدينة تختلف عن باقي المدن والحواضر الإسلامية.