الغضب يتصاعد في لبنان غداة رفع الدعم عن المحروقات
- أسعار المحروقات سترتفع أكثر من 4 أضعاف
- عون يطالب سلامة بـ “التقيد بقرارات مجلس الوزراء في أي إجراء يتخذه وبعد التنسيق مع السلطة الإجرائية”
- دياب: قرار رفع الدعم عن المحروقات سيدخل البلاد في “نفق مظلم”
تتواصل ردود الفعل الغاضبة في لبنان على قرار المصرف المركزي فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عملياً رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية.
وعقب القرار، أغلق مواطنون غاضبون، الخميس، طرقا عدة في البلاد واكتظت محطات الوقود بالسيارات.
وحمل الاجتماع الوزاري الطارئ الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، “حاكم مصرف لبنان والمجلس المركزي مسؤولية التداعيات الكارثية وغير المحسوبة العواقب بقرار أحادي من جانبه”.
وذكر بيان عقب الاجتماع أن المجلس “اجتمع ليناقش القرار المفاجئ وغير المسؤول الصادر عن المجلس المركزي لمصرف لبنان لرفع الدعم عن المحروقات والذي سبق إصدار البطاقة التمويلية والمرحلة الإنتقالية الضرورية لترشيد الدعم”.
وتابع: “إن المصدر الأساسي لكل الأزمات الراهنة هو انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية نتيجة السياسات المالية والنقدية المتراكمة والتي يفترض بمصرف لبنان أن يكون مسؤولا عن حماية العملة الوطنية وفقا لقانون النقد والتسليف. إن الحلول الموضوعية التي يمكن لها أن تخرج لبنان من أزمته العميقة تكمن أولا في الإسراع بتشكيل حكومة تستأنف التفاوض مع صندوق النقد الدولي على قاعدة خطة التعافي التي وضعتها هذه الحكومة بعد تحديثها بما يتناسب مع المتغيرات التي حصلت على مدى أكثر من سنة كاملة.
عون: هذا القرار له تداعيات خطيرة
بدروه، ، شدد الرئيس اللبناني ميشال عون على أن “هذا القرار له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة تنعكس على الصعد كافة، لا سيما المعيشية منها وحاجات المواطنين اليومية”، لافتا إلى أن “المجلس الأعلى للدفاع لم يتخذ البارحة أي قرار يتعلق برفع الدعم الذي هو أصلا خارج اختصاصه”.
وخلال اجتماع عقده ظهر الخميس، بحضور الوزيرين في حكومة تصريف الأعمال المال غازي وزني والطاقة والمياه ريمون غجر وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، طالب عون سلامة بـ “التقيد بهذه النصوص في أي اجراء يتخذه وبعد التنسيق مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات”، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
دياب: التداعيات ستطال كل شيء، لقمة عيش المواطنين وصحتهم والاقتصاد
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، حسان دياب، قال الخميس، خلال اجتماع وزاري طارئ لمناقشة قرار حاكم مصرف لبنان المركزي، إن “هذا القرار الذي استمرينا بمقاومته طيلة الأشهر الماضية، وكنا نصرّ على اعتماد سياسة ترشيد للدعم وليس على رفعه نهائياً”.
وأشار دياب إلى أن قرار رفع الدعم عن المحروقات سيدخل البلاد في “نفق مظلم”.
ونوه إلى أن “مجلس النواب أقر مؤخراً قانون البطاقة التمويلية ومعها خطة ترشيد الدعم التي بذلنا جهداً كبيراً لإنجازها. وهي خطة كانت تراعي التوازن بين حماية الناس والمجتمع وبين حماية موجودات مصرف لبنان”.
وتابع: “هذه الخطة يفترض أن يبدأ تطبيقها مع بدء تطبيق البطاقة التمويلية، بحيث نعطي للناس مباشرة جزءاً من فارق الدعم على الأدوية والخبز والمواد الأساسية، مقابل تخفيف نسبة الدعم. اليوم اتخذ حاكم مصرف لبنان هذا القرار منفرداً، والبلد لا يحتمل التداعيات الخطيرة لهذا قرار”.
وحول تبعات هذا القرار، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال إن “هذه التداعيات ستطال كل شيء، لقمة عيش المواطنين، وصحتهم، والاقتصاد، وأيضاَ مؤسسات الدولة التي ستكون مربكة في التعامل مع واقع جديد غير جاهزة له، فضلاً عن الرواتب وحضور الموظفين”.
واتهم دياب مجموعة من الأشخاص بأنهم سرقوا لقمة عيش اللبنانيين، واحتكروا المواد الغذائية والأدوية والبنزين والمازوت، وحوّلوا البلد إلى سوق سوداء للتجارة والمضاربة.
وأضاف: “لقد بذلنا جهداً كبيراً، واستنفرت كل الأجهزة العسكرية والأمنية، من أجل منع التهريب والاحتكار والتخزين، لكن ذلك لم يفلح في حماية الناس من تجار الفساد”.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أن القرار مخالفا للقانون. لكن المصرف المركزي أصدر بيانا أعلن فيه أنه “دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في تموز/يوليو الماضي”، وأن هذه المواد لا تزال “مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها”.
وعلى وقع شحّ احتياطي المصرف المركزي بالعملة الأجنبية، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم عن سلع رئيسية أبرزها الطحين والوقود والأدوية. ووافقت الحكومة الشهر الماضي على تمويل استيراد المحروقات وفق سعر 3900 ليرة للدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بأكثر من ثلاثين في المئة.
أسعار المحروقات الجديدة
وكان سعر الدولار مثبتا رسميا قبل الأزمة غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ حوالى سنتين على 1507 ليرات، وبدأ يرتفع تدريجيا حتى أصبح متداولا اليوم في السوق السوداء بأكثر من عشرين ألف ليرة.
وقدّر مركز الدولية للمعلومات، وهي شركة أبحاث وإحصاءات، أن يرتفع سعر صفيحة البنزين من 75,600 ليرة (3,78 دولارات بحسب سعر الدولار في السوق السوداء) إلى 336 ألف ليرة (16,8 دولارا)، وسعر صفيحة المازوت من 57,100 ليرة (2,8 دولار) إلى 278 ألف ليرة (13,9 دولارا).
وأفادت الوكالة الوطنية الرسمية للإعلام والإعلام المحلي عن إغلاق محتجين طرق عدة في شمال وجنوب وشرق البلاد، بينها الطريق السريع الذي يربط بيروت بجنوب البلاد.
كما وقفت مئات السيارات منذ الصباح أمام محطات الوقود، ويأمل أصحابها بتعبئة خزانات سياراتهم قبل صدور لائحة الأسعار الجديدة التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة تفوق 300 في المئة. وأقفلت العشرات من المحطات أبوابها في انتظار تحديد الأسعار الجديدة.
أمام محطة وقود مكتظة في بيروت، قال حسين ماجد إن الأسعار الجديدة “ستجبرنا على السرقة لنعبئ دراجة نارية بالبنزين.. وحين يسألنا القاضي لماذا سرقنا، سنقول له لأننا نريد أن نشتري البنزين ونأكل ونشرب”.
وتراجع احتياطي الدولار في مصرف لبنان من 32 مليار دولار مع بدء الأزمة الى ما بين 14 و15 مليار دولار، وفق أرقام صادرة عن مسؤولين.
الكهرباء الغاز والبطالة..أزمات تتجدد في لبنان
وقال مصرف لبنان في بيانه اليوم الخميس إنه “لا يمكن قانوناً المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية”، في إشارة إلى نسبة مئوية تودعها المصارف الخاصة في المصرف المركزي مقابل ودائعها ويمنع القانون المسّ بها.
وبسبب أزمة المحروقات وغياب الصيانة والبنى التحتية، تراجعت تدريجاً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضاً إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبيرة جراء شراء المازوت من السوق السوداء.
علما أن أسعار الكهرباء التي تتقاضاها الدولة لا تزال بالليرة اللبنانية ولم تتغير منذ سنوات طويلة. ويعتبر الهدر في مؤسسة كهرباء لبنان من أبرز أسباب العجز الحكومي.
في الوقت ذاته، بدأت أزمة غاز، ويستمر نقص الأدوية ومواد أساسية مدعومة في الأسواق.
ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار جراء انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
وقدّرت الأمم المتحدة الشهر الحالي أن 78 في المئة من السكان باتوا يعيشون تحت خط الفقر.