ارتفاع متفاوت في أسعار وسائل النقل
تجددت أزمة المواصلات في سوريا التي أصبحت لا تفرق بين شتاءٍ قارص وصيفٍ حار، وزادت على عدد الطوابير التي يقف فيها السوريون طابورًا جديدًا إلى جانب الطوابير المختلفة من دور الخبز إلى صفوف محطات الوقود.
مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في سوريا محمد صباهي رصد مستجدات هذه الأزمة ومعاناة المواطنين وهم ينتظرون وسيلة نقل تقلهم لقضاء مشاغلهم ومشاويرهم التي يحتاجونها.
من بين من التقاهم حول هذه الأزمة، الطالب” أسامة قصير” الذي يقف عند مدخل مستشفى ابن النفيس في العاصمة السورية دمشق كل يوم من أيام الدوام الجامعي، منتظرًا وسيلة نقل تقله إلى الكلية التي يدرس فيها. ليس هناك من فترة محددة للانتظار، قال أسامة لمراسل التطبيق، “قد تأخذ مني بضع ساعات في بعض الأحيان”.
وما أن يرى أسامة الميكروباص المسمى “دوار شمالي”، الذي يوصله إلى كليته في منطقة المزة حتى يبدأ بالاستعداد للركض نحو بابه ويدخل مرحلة الكفاح من أجل الحصول على مقعد يشفي غليل انتظاره، وسط عشرات مثله يتراكضون نحو باب الميكروباص.
عند سؤاله عن رحلة الوصول لجامعته، أوضح أسامة وهو يتصبب عرقًا من حرّ الانتظار أنه، “في هذا البلد، يجب أن تعرف كيف تأخذ حقك، وتسعى إليه وتتدافع لو لزم الأمر وإلا لن تحصل على ما تريد”. أسامة الذي وصف تدافعه للحصول على مقعد ينحشر فيه في وسيلة النقل بسعي لحقه، أضاف أنه اعتاد هذه المعاناة.
كذلك أجاب أسامة ردًا على سؤال حول أسباب هذه الأزمة برأيه، أن “مادة المازوت التي تعمل بها وسائل النقل غير متوفرة، وترى الباصات كلها تنتظر بمحطات الوقود، والأدهى من ذلك أن من يحصل على المازوت يقوم ببيعه بسعر أعلى ويرتاح في بيته من حرّ الشوارع، فيما الناس تنتظر فيها”.
السوق السوداء تفوح برائحة المازوت
تعود السوريون الآن على أن أي أزمة تظهر بسوريا يكون للسوق السوداء يد فيها، وهذه المرة فإن رائحة المحروقات تفوح منها. فأسعار المازوت في السوق السوداء تباع بمكاسب مضاعفة هناك.
تمر مرحلة التجارة بالمحروقات عبر شراء المادة عن طريق البطاقات الذكية بسعرٍ لا يتجاوز 3000 ليرة سورية (ما يعادل دولارًا واحدًا تقريبًا)، ومن ثم يتم بيعها بأسعارٍ مضاعفة في السوق السوداء.
والمشترون فيها متوفرون بكثرة ممن لديهم القدرات المادية التي تمكّنهم من دفع أثمان مضاعفة للمحروقات اختصارًا لمعاناة الانتظار في محطات الوقود، أو يكونون من أصحاب وسائل النقل الذين يدفعون من أجل الحصول على المحروقات، ويوفرون سعره عبر طرق مختلفة، من بينها رفع سعر التنقل على المواطنين.
يذكر أنه في الأيام الأخيرة، تضاعفت أسعار المواصلات في سوريا بعد القرار الذي رفع من سعر المحروقات حد الضعف، ليستغل السائقون الأمر و يحددوا أسعارًا مختلفة لا تتوافق مع التسعيرة المحددة التي كانت 100 ليرة سورية ( حوالى 0.03 دولارًا)، في حين أنه تعدت الآن التعرفة الأصلية لتصل حد 500 ليرة سورية ( حوالى 0.15 دولار) للشخص الواحد في بعض وسائل النقل.
قام مراسل “تطبيق خبّر” بالتحدث إلى أبو مهند، وهو سائق ميكروباص تنقل معه، وسأله عن أسباب هذه الزيادة، فأجاب أن، “الوضع ليس جيدًا وقد أصبح الشغل صعبًا وما أجنيه منه صار بلا بركة والناس مزعوجة من أسعار المواصلات، لكن نحن نشتري المازوت من السوق السودة بسعر مرتفع ويجب أن نكسب ثمنه وبعض الربح لنعيش”.
واعتبر أبو مهند أنه بالرغم من رفع سعر التنقل بالميكروباص فإنه يبقى أفضل من أن يبقى المواطنون منتظرون في الشارع طويلًا أو يضطرون لدفع مبالغ أكثر بكثير لسيارات الأجرة (التاكسي)، بينما “نحن ننقلهم بزيادة قليلة على السعر المحدد، فدفع بضع مئات أفضل بكثير من دفع آلاف، أليس كذلك؟”
بانتظار جواب لسؤال السائق أبو مهند، تستمر معاناة السوريين مع وسائل النقل وسط تخبط رسمي حول تعرفة وسائل النقل وانتظار لقرار وزارة النقل بهذا الخصوص، ومطالباتٍ شعبية برصد مخالفي الأسعار وملاحقة السوق السوداء. فالمادة متوفرة ولكنها محتكرة ويتم التجارة بها، بداية من أبسط الاحتياجات كالخبز، وصولًا للمحروقات.