عبد العزيز بوتفليقة بدأ حياته السياسية في جيش التحرير
بعد مسيرة طويلة وغير اعتيادية قضاها في حكم البلاد قبل التنحي عن السلطة، فارق الرئيس الجزائري السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الحياة عن عمر يناهز 84 عاما، الجمعة.
وكان بوتفليقة قد تولى الحكم في بلاده، ما بين عامي 1999 و2019، واستقال على خلفية احتجاجات واسعة طالبت برحيله.
وأعلن بوتفليقة إنهاء حكمه الذي ناهز 20 عاما، قبل أيام على انتهاء ولايته الرابعة، في 28 أبريل 2019.
ويعتبر بوتفليقة سابع رئيس للجزائر، منذ استقلالها عن فرنسا، عام 1962.
وولد بوتفليقة في مدينة وجدة المغربية، عام 1937، لأبوين ينحدران من تلمسان، شمال غربي الجزائر.
وخلال مسيرته، قاتل بوتفليقة من أجل تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، وقاد مصالحة وطنية كانت من أبرز محطات حياته.
وانضم بوتفليقة إلى جيش التحرير الوطني الذي كان يقاوم الاستعمار الفرنسي عندما كان عمره 19 عاما.
وبوتفليقة الذي عرف بنشاطه عندما كان أصغر وزير خارجية في العالم، بعمر لا يتجاوز 26 عاما، ظهر بعد سنوات من تولي حكم البلاد خلال أعوامه الأخيرة صامتا هادئا جالسا على كرسي متحرك، بعد أن أثقل المرض كاهله.
ولدى استقلال الجزائر، في 1962، تولى بوتفليقة مهام وزير الرياضة والسياحة، قبل الخارجية، عندما كان عمره 25 عاما.
وفي 1965، كان بوتفليقة من المؤيدين للانقلاب الذي نفذه هواري بومدين، الذي كان وزيرا للدفاع عندما أطاح بالرئيس الجزائري السابق، أحمد بن بلة.
وكرس بوتفليقة نفسه لدعم بومدين، الذي توفي في 1978، لكن الجيش أبعده من سباق خلافته ثم أبعده تدريجيا من الساحة السياسية.
المصالحة
عاش بوتفليقة لفترة من حياته في المنفى، ما بين دبي وجنيف، حتى عاد إلى البلاد وتمكن من الفوز بالانتخابات الرئاسية بدعم من الجيش، في 1999.
آنذاك، خاض بوتفليقة الانتخابات وحيدا عقب انسحاب منافسيه الستة، والذين زعموا بأن تلك الانتخابات كانت مزورة.
وعندما تولى بوتفليقة الحكم، كانت الجزائر لا تزال تعيش تبعات الحرب الأهلية التي اشتعلت ضد الإسلاميين، في 1992، مخلفة قرابة 200 ألف قتيل.
وعمل بوتفليقة جاهدا، آنذاك، على استعادة السلام في بلاده، لتنهض من تلك الحرب.
ودفع بوتفليقة، في سبتمبر 1999، نحو استفتاء شارك الجزائريون فيه بكثافة، وكان بشأن إصدار قانون للعفو عن المسلحين الإسلاميين غير المتورطين بجرائم قتل أو اغتصاب ولم يمانعوا تسليم أسلحتهم.
وأدى الأمر آنذاك إلى استسلام الإسلاميين للسلطات.
وفي 2005، أجرت الجزائر استفتاءً جديدا للعفو عن الممارسات التي أبدتها قوات الأمن في تلك الأحداث التي عُرفت بـ”العشرية السوداء”.
وعمل بوتفليقة، الذي اتهمه خصومه بأنه دمية بيد الجيش، على تفكيك نفوذ هذه المؤسسة القوية في الحكم، ووعد بأنه لن يكون “ثلاثة أرباع رئيس”.
وأُعيد انتخاب بوتفليقة كل مرة من الدورة الأولى، في 2004، عندما فاز بـ85 بالمئة من الأصوات، وفي 2009، عندما حاز على 90 بالمئة منها، وذلك بعد تعديل الدستور الذي كان يحدد الولايات الرئاسية باثنتين.
وفي 2011 وفي خضم أحداث الربيع العربي، اشترى بوتفليقة السلم الاجتماعي بالعائدات السخية للنفط الذي ارتفعت أسعاره إلى أعلى مستوى حينها، عن طريق التقديمات الاجتماعية.
ظروف صحية
وبدأت الشكوك في قدرة بوتفليقة على الحكم تظهر بعد تعرضه لجلطة دماغية، ما استدعى إدخاله لمدة قاربت ثلاثة أشهر إلى مستشفى في العاصمة الفرنسية، باريس، في 2013.
لكن، وبعكس التوقعات، ورغم اعتراضات علنية حتى داخل الجهاز الأمني، ترشح بوتفليقة ونجح في الفوز بولاية رابعة، في 2014، حائزا على 81.5 بالمئة من الأصوات، وهو على كرسي متحرك.
ورغم تدهور صحته، تمكن بوتفليقة من تعزيز سلطته، وقرر في بداية 2016 حل إدارة الاستخبارات والأمن، ذات النفوذ القوي، بعد أن أقال رئيسها الجنرال الشهير، محمد مدين، المكنى توفيق.
لكن ولايته الرابعة جرت وسط تراجع كبير لأسعار النفط، ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الجزائري المرتهن لعائدات المحروقات.
وفي 22 فبراير 2019، تصاعدت الاحتجاجات الرافضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وطالب المحتجون برحيله وهو ما حدث بعد أن تخلى عنه الجيش.