قوات سوريا الديمقراطية تضيق الخناق على عناصر تنظيم داعش داخل سجن في الحسكة
- تحرير المزيد من الأسرى من قبضة داعش
- السيطرة على كتلة من الأبنية تتألف من ثمانية مهاجع داخل سجن غويران
تواصل قوات سوريا الديمقراطية، الثلاثاء، تضييق الخناق على عناصر تنظيم داعش المتحصنين داخل سجن غويران في شمال شرق سوريا، بعد خمسة أيام من شنّهم هجوماً مباغتاً تلته اشتباكات لم تبلغ خواتيمها بعد، تزامناً مع إعلانها استسلام المئات من الإرهابيين خلال اليومين الأخيرين.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية، ليل الثلاثاء-الأربعاء، ارتفاع عدد الأسرى الذين حررتهم من قبضة مسلحي داعش في سجن غويران، منذ صباح الثلاثاء إلى 23 أسيرا.
قوات سوريا الديمقراطية: حملة التمشيط والعمليات الأمنية لقواتنا متواصلة داخل سجن غويران
وأضافت في بيان “أنه و خلال عمليات أمنية وعسكرية دقيقة قامت بها قواتنا صباح يوم الثلاثاء، تم تحرير ستة من موظفي السجن، وفي عمليات أخرى في تمام الساعة العاشرة ليلاً من يوم أمس حررت قواتنا ١٧ أسيراً، حيث ارتفع عدد الأسرى الذين حررتهم قواتنا منذ صباح البارحة إلى ٢٣ أسيراً”.
وأوضحت أن “حملة التمشيط والعمليات الأمنية لقواتنا متواصلة داخل سجن غويران”.
وشارك أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم الموجودين داخل السجن وخارجه، في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس على المرفق الذي يشرف عليه الأكراد في مدينة الحسكة، في عملية تعتبر “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات. ولا تزال قوات سوريا الديموقراطية، التي يعدّ الأكراد أبرز مكوناتها، تعمل على استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة.
وأفادت قوات سوريا الديموقراطية بأنها “سيطرت على كتلة من الأبنية تتألف من ثمانية مهاجع داخل سجن الصناعة بالحسكة”، مشيرة إلى أن “حملة التمشيط مستمرة”.
وقال مسؤول المكتب الاعلامي فيها فرهاد شامي لوكالة فرانس برس إن “أكثر من 850 إرهابياً من المعتقلين الذين نفذوا العصيان وكذلك من المهاجمين سلّموا أنفسهم، خصوصاً خلال اليومين الأخيرين”.
وأوقعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، 114 قتيلاً من عناصر التنظيم و45 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين.
ويتحصّن عناصر التنظيم المسلحون، غالبيتهم من السجناء إضافة الى عدد من المقاتلين الذين هاجموا السجن وتمكنوا من دخوله، في القسم الشمالي من السجن، وفق المرصد.
وتتقدّم قوات سوريا الديموقراطية وقوات الأمن الكردية (الأساييش) ببطء داخل السجن، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، خشية من وجود عناصر متوارية للتنظيم في بعض الأبنية ومن وقوع “حمام دم”.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “تراهن قوات سوريا الديموقراطية على عامل الوقت للضغط على تنظيم داعش من أجل الاستسلام”.
وأكّد أن “لا خيار آخر لدى التنظيم سوى القتال حتى النهاية أو الاستسلام”. وأضاف “ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، يمكن أن تحدث مجزرة يقتل خلالها المئات”.
“نداءات” من أجل الاستسلام
وتجري مفاوضات بين الجانب الكردي والتنظيم من أجل التوصل إلى اتفاق ينصّ على توفير الطبابة لجرحى منه، مقابل إفراج الأخير عن رهائن من حراس السجن وموظفيه يحتجزهم معه في القسم الشمالي، وفق عبد الرحمن.
لكنّ التفاوض يلقى معارضة العناصر الأجانب من التنظيم. وبحسب المرصد، يحتفظ عناصر التنظيم بقرابة 27 رهينة داخل القسم الشمالي من السجن.
وفضّل مسؤول المكتب الاعلامي لقوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي الحديث عن “نداءات” وليس عن “تفاوض”.
وقال “لا نسميها تفاوضاً بقدر ما نسميها نداءات. لقد وجهنا أكثر من نداء للاستسلام الآمن لتحرير موظفي السجن الأسرى” لافتاً الى تحرير عدد منهم بالفعل.
وفي تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، كشف فرهاد شامي، مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، ارتفاع عدد المرتزقة من معتقلي داعش الذين سلموا أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية في سجن غويران بالحسكة شمال شرق سوريا إلى 550 مرتزقاً، بعد أن اضطر 250 مرتزقاً آخرين إلى الاستسلام صباح الثلاثاء.
ودفعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، فيما فرضت الإدارة الذاتية الكردية حظر تجول ليلاً حتى نهاية الشهر الحالي.
وأبدت الأمم المتحدة ومنظمات دولية قلقها خصوصاً إزاء مصير الأطفال القصّر المحتجزين في السجن، والذين تتهم القوات الكردية مقاتلي التنظيم باستخدامهم كـ”دروع بشرية”.
ويعدّ سجن الصناعة في حي غويران من بين أكبر مراكز الاعتقال التي تشرف عليها الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا. وكان يضمّ قرابة 3500 مقاتل من التنظيم، بينهم نحو 700 فتى، غالبيتهم ممن تمّ القبض عليهم خلال آخر المعارك التي خاضتها قوات سوريا الديموقراطية ضد التنظيم قبل دحر “دولة الخلافة” عام 2019.
أخطر العناصر الإرهابية في العالم
ويشارك التحالف الدولي في دعم قوات سوريا الديموقراطية عبر شن غارات محددة ونشر قوات.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي الإثنين أن القوات الأميركية شاركت في القتال عبر “سلسلة غارات (..) لضمان دقة استهداف مقاتلي” التنظيم الذين يهاجمون قوات سوريا الديموقراطية في المنطقة. كما قدمت دعماً “محدوداً” على الأرض.
وكرّر شامي مطالبة المجتمع الدولي بإيلاء هذه القضية “اهتماماً أكبر لأنها ليست محلية تتعلق بشمال شرق سوريا بل قضية دولية”، منبّهاً إلى أن “السجن يضم من يُعتبرون من أخطر العناصر الإرهابية في العالم”.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تطالب الإدارة الذاتية ذات الإمكانات المحدودة الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الإرهابيين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
وقال مركز صوفان في إيجاز الثلاثاء إن ما جرى “هو أحدث تذكير على أن قوات سوريا الديموقراطية تفتقر إلى العديد والموارد اللازمة لتعمل كحارسة للسجون على المدى المنظور”.
وفي الإطار ذاته، اعتبر الباحث في معهد “نيولاينز” نيكولاس هيراس أن الهجوم يجب أن يكون “بمثابة جرس إنذار للغرب بأن قوات سوريا الديموقراطية لا تملك الإمكانات الكافية لتتمكن وحدها من إيواء ورعاية وتأمين (حراسة) عشرات الآلاف من سجناء التنظيم إلى أجل غير مسمى”. ولاحظ أن “قوات سوريا الديموقراطية كانت تحتاج إلى مزيد من المساعدة قبل وقوع هذه المعركة، وكان سجن غويران بمثابة قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار”.