مجزرة الكيماوي وقعت قبل 9 سنوات وقُتل فيها أكثر من 1400 شخص
- أرقام متضاربة لعدد الوفيات والإصابات
- هجمات 21 أغسطس تمت بأسلحة كيماوية
في الحادي والعشرين من أغسطس/ آب عام 2013، استيقظ سُكان بلدات منطقة الغوطة الشرقية، ومعضمية الشام بالغوطة الغربية، في سوريا، على مجزة، عاشوا معها فيما بعد على مدار سنوات تسع بألم وعذاب، كلما تذكروا تفاصيلها.
“مجزرة الكيماوي”- كما تُسمى- ارتكبتها قوات النظام السوري -بينما هي تنفي- مستخدمةً غاز السارين أو غاز الأعصاب في حق السكان، فقُتل أكثر من 1400 شخص – حسب المعارضة- أغلبهم من النساء الأطفال، في الوقت الذي قالت فيه منظمة أطباء بلا حدود إن قرابة 3600 حالة نُقلت للمستشفيات.
بينما قال فضل عبدالغني رئيس الشبكة السورية إن كلا الرقمين غير صحيح، مشيرًا إلى أن عدد القتلى في الهجوم على الغوطة بلغ 1127 قتيلا 201 منهم من السيدات و107 من الأطفال.
بدموع غلبّتها “الحسرة والألم”، يتذكر مؤيد ريحاوي، والبالغ من العمر 40 سنة، وهو من سكان بلدة زملكا في الغوطة الشرقية، تفاصيل المجزرة، مؤكدًا أنه تم دفن بعض الشخصيات في مقابر جماعية، ظنًا أنهم فارقوا الحياة، بينما بعضهم عاد مرة أخرى إلى الحياة، وبعضهم “فضل ألا يعود”.
وقال ريحاوي، وهو ناجٍ من مجزرة الكيماوي، في حوار خاص مع “أخبار الآن”، إنه كونه مسعفًا بأحد مشافي المنطقة، اتجه لمكان سقوط الصواريخ في عين ترما وبدأ في إسعافهم، مشيرًا إلى أنه لم يدرك حجم الخطورة حينها، ولم يكن متوقعًا استخدام هذه الكميات من الغازات السامة، التي أدت لاحقاً لإصابة الكادر الطبي، لعدم توفر الوسائل الوقائية كونها أول مجزرة تتعرض لها سوريا.
وأضاف أنه لم يكن يعلم إصابة جميع أفراد عائلته، لكنه بعدما استعاد وعيه وتقديم الإسعافات الأولية له، بدأ في البحث عن عائلته على مدار يومين في المراكز الطبية والمقابر الجماعية، حتى وجدهم بمركز طبي على أطراف مدينة زملكا.
ريحاوي الذي تم تهجيره عام 2018 من الغوطة الشرقية، إلى إدلب حمّل معه ذكريات قاسية ومؤلمة كما وصفها، خاصة أنه شهد اختناق عائلات بأكملها وفارقت الحياة في منازلها.
وفي حواره مع “أخبار الآن” يقول الريحاوي: “فقدت جزءاً من نظري نتيجة تأثري بالكيماوي، وما زلت لهذا اليوم أعاني من بعض الأعراض الأخرى التي رافقتني بعد ذلك اليوم”.
ويعمل حالياً الريحاوي بتمديد الكهرباء في منطقة دركوش غرب إدلب ليُعيل عائلته. ويطالب المجتمع الدولي بمحاسبة رأس النظام السوري على هذه الجريمة.
وفي تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، جاء فيه: “توصلت تحقيقاتنا إلى أن من المرجح أن هجمات 21 أغسطس/آب قد تمت بأسلحة كيماوية، باستخدام نظام صواريخ 330 ملم أرض أرض، يُرجح أن يكون إنتاجاً سوريا، ونظام صواريخ 140 ملم من الحقبة السوفيتية، وأن الصواريخ المذكورة استخدمت في توصيل غاز أعصاب. يظهر من الأدلة أن غاز الأعصاب المستخدم هو في الأغلب غاز سارين أو غاز أعصاب مماثل على درجة سلاح”.
وأضاف التقرير: “قال طبيبان محليان لـ هيومن رايتس ووتش إن ضحايا الهجمات ظهرت عليهم جميعاً أعراض منها الاختناق، وضيق التنفس وعدم انتظامه، والتشنج اللاإرادي للعضلات، والغثيان، وتكون زبد على الفم، وسيلان السوائل من الأنف والعينين، والانتفاض والدوار وصعوبة الرؤية، واحمرار الأعين واحتقانها وضيق شديد في الحدقتين”.
نفي الحكومة السورية
أنكرت الحكومة السورية مسؤوليتها عن الهجوم، ولامت جماعات المعارضة لكن دون عرض أدلة تدعم مزاعمها.
وبناء على الأدلة المتوفرة، ترى المنظمات الدولية، ومنها “هيومن رايتس ووتش” أن القوات النظامية السورية تكاد وبشكل مؤكد تكون المسؤولة عن هجمات 21 أغسطس/آب، وأن غاز الأعصاب على درجة السلاح قد استخدم أثناء الهجوم بالاستعانة بنظم إطلاق صواريخ مصممة خصيصاً لاستيعاب غاز الأعصاب. إن نطاق الهجمتين والتنسيق الظاهر فيهما، ضد معاقل للمعارضة، ووجود مواقع إطلاق صواريخ محتملة تسيطر عليها الحكومة في مرمى الأهداف، ونسق الاستخدام المزعوم في الآونة الأخيرة في حالات أخرى للهجمات ضد معاقل للمعارضة باستخدام نظام صواريخ 330 ملم نفسه، والحيازة الموثقة لنظم صواريخ 140 ملم و330 ملم المصممة خصيصاً لإطلاق أسلحة كيمائية في ترسانة السلاح الحكومية؛ هي كلها دلائل تشير إلى مسؤولية الحكومة السورية عن الهجمات.
وتقول هيومن رايتس ووتش إنها حققت في المزاعم الأخرى، بأن قوات المعارضة هي المسؤولة عن هجمات 21 أغسطس/آب، وتوصلت إلى أن هذه المزاعم تفتقر إلى المصداقية وأنها غير متسقة مع الأدلة التي تم العثور عليها في مسرح الأحداث. المزاعم بأن وفيات 21 أغسطس/آب سببها انفجار عرضي سببه سوء تعامل قوات المعارضة مع أسلحة كيماوية في حيازتها لا يتسق مع عدد الوفيات الكبير في موقعين المسافة بينهما 16 كيلومتراً، ومع توثيق هجمات الصواريخ بالمواقع المستهدفة ذلك الصباح، كما ورد في شهادات الشهود، ومع حجم الدمار الظاهر على الصواريخ نفسها، والحُفر المتخلفة في الأرض عن انفجارها لحظة الارتطام بالأرض.
ودعت المعارضة السورية ممثلة في الائتلاف الوطني السوري إلى مسائلة جنائية لرأس النظام السوري، و تحقيق دولي، وهو المطلب الذي دعمته تركيا ودعت للتحقيق في استعمال أسلحة محرمة دوليا ضد المدنيين.