سوريا.. الفساد ينتشر بين أروقة الجامعات
من جامعات تتنافس بين بعضها للحصول على المراكز الأولى والسباق بين الوصول إلى الجامعات العالمية لجامعات عاث فيها الفساد، وعبثت بسمعتها العلمية والمهنية الشبهات، نتيجة طبيعية لحرب أكملت عقداً من الزمن، ولا زالت مستمرة، رشاوٍ وفساد، ومحسوبياتٌ وتحرش، أمراضٌ مجتمعية تضج بها وسائل التواصل الاجتماعي، وتجاهر بها وتظهرها للعلن، لفضائح تستتر قابعةً في أروقة الجامعات السورية.
بيع وشراء المواد الجامعية أصبح حديثاً عاماً لا يخجل منه أحد، يتداوله الطلاب وأساتذة الجامعات في السرّ والعلن، فويلات الحرب التي يشنها النظام على الشعب المطالب بحريته خلفت نتائج سلبيةً كثيرة، وقطاع التعليم أحد المتضررين الكبار.
تقول الطالبة علا المصري في حديث خاص لأخبار الآن من ريف دمشق طالبة في جامعة دمشق في كلية الإعلام: “أصبحت على يقين في جامعة دمشق وفي كيلة الإعلام خصيصا هناك طريقتين للنجاح أحدهم “تزبيط” الأستاذ كما تصف باللغة العامية أو دفاع بتنجح وغير هيك مافي ولا طريق خاصة لقد رسبت في المادة ذاتها أربع مرات”.
وتملك علا المصري طفلين وقتل زوجها في معارك برزة قبل سنوات واليوم تدرس وتعمل وليس لديها الوقت الطويل أو القدرة على الدراسة مما دفعها إلى الدفع لمكتب مدرس المادة والاتفاق معه على وضع إشارة محددة على الورقة حتى في حال كانت اسمها غير ظاهر ليقوم المدرس بإنجاحها في المادة التي دفعت مقابلها فيما تواصل حديثها عن الفساد الحاصل حيث في المرة الأخيرة طلب منها مدرس المادة قبول دعوته لفنجان قهوة في منزله ورفضت مما دعاه لإخبارها بعد أيام فقط أنه يريد 100 ألف ليرة سورية مقابل كل مادة كما أنه سابقا كانت تدفع له بين 50 و 75 ألف ليرة سورية فقط وتقول أنه أعلم أنني أمشي في الطريق الخاطئ ولكن هناك الكثير من أصدقائي الذين يدرسون ويتعبون ليل نهار ويتم ترسيبهم في كثير من المواد بهدف اللجوء إلى طريق دفع الرشوة للمدرسين وفيما تقول أنا اختصرت على نفسي الطريق خاصة أننا نعيش بلد أصبح الفساد و التحرش مثل شرب المياه.
وانتشرت خلال السنوات الثلاثة الماضية العديد من الفضائح حول الجامعات السورية، تدل على مدى انتشار الفساد في النظام التعليمي عامة، وكان آخرها الفيديو الذي خرج من جامعة “البعث” مؤخرا، والذي أثار جدلا، واستياء واسعا في الأوساط السورية، وكذلك وُلّد تخوفات جمة لدى العديد من العائلات السورية حول مستقبل بناتهم في المؤسسات التعليمية هذه بعد هكذا فضائح.والفيديو المسرب من جامعة “البعث”، بمحافظة حمص، يوثق واقعة ابتزاز جنسي من قبل دكتور جامعي، لإحدى الطالبات بالصوت والصورة، لكن هذه الحادثة ليست الوحيدة بل “شبكة دعارة متسلسلة” تمتد خلفها، تستغل الطالبات في حمص، وعلى ما يبدو فإن الخلافات بدأت تشق صفوف زعماء هذه الشبكات، وفق تقارير صحفية محلية.
وفي حديث أخر خاص لأخبار الآن مع الطالبة التي رفضت الإفصاح عن اسمها الصريح ( مروة ) من ريف حمص والتي تدرس في جامعة دمشق قسم اللغة الفرنسية تروي أنه تضطر في كثير من الأحيان للعمل بعد الجامعة في مطعم وفي مقهى مساءً حتى ساعاتٍ متأخرة في وسط العاصمة السورية دمشق من أجل الدفع مقابل دروس خاصة بهدف النجاح وتقول ما أسعى إليه حاليا أنني أصبح مدرسة لغة فرنسية متميزة وذات سيط في دمشق ولكن أكثر ما جعل حرقة في قلبي هي قصة صديقتي المقربة مني ابنة أحد الضباط السوريين والذي له رتبة في المخابرات السورية وتقول كان أخر موقف من قبلها وكنت شاهدة عليه أنه اتصلت بوالدها أمام عيني من أجل النجاح في المادة وبعد أقل من ساعة أخبرتني يمكنك اعتباري أنني نجحت رغم أن المادة كانت بعد يومين من يوم لقائهما.
وتروي مروة ما حدث حيث قام والد صديقتها بالاتصال بمدرس المادة قائلا: “ابنتي ليس لديها الوقت للدراسة” وهدده بالاعتقال أو التصفية وبعض الأحيان يكون هناك مقابل مادي من قبل الأب لمدرس المادة وحسب مروة وهذا ما كان حرقة في قلبها أنها تتعب وتعمل وتدرس بينما صديقتها ابنة الضابط تقضي وقتها في صالونات التجميل أو في لبنان بهدف التنزه والتسوق.
وفي حديث خاص مع الطالبة سمر البعلة من ريف دمشق والتي تدرس في جامعة دمشق كلية الحقوق أكدت أن الدفع مقابل المواد أفضل من التحرش وتستذكر ما حصل معها في مكتب الدكتور المختص بعد أن دخلت إليه في المرة الأولى عندما لم تكن تصدق عبارة ( ادفع تنجح ) ودخلت غاضبة إلى مكتب الدكتور وهي تصرخ كونها حصلت على علامة 40 رغم أنها متأكدة أن بإمكانها الحصول على علامة أعلى بعد تعب وسهر ليردّ الدكتور يمكنك تقديم شكوى في قسم شؤون الطلبة في الجامعة ولكن من الأفضل أن تشتري “شاورما أفضل لك وخليكي ريلاكس” .
وتضيف سمر : “أجابني ببرودة أعصاب لا توصف رغم أني كنت غاضبة ومنفعلة لما حصل معي، ..لم أصدق ما سمعته من دكتور له وزنه في الجامعة والجميع يحترمه، وقبل خروجي من مكتبه سمعت منه كلمات غزل، حتى الآن لا أصدق ما حصل وهو يقول لي “هالجمال ما بيلبق اله يتعصب” وهو كان يحاول تهدئتها بطريقة تحرش مستغل الموقف حيث قدم لها كأس مياه وأصبح يحاول أن يحتضنها وقالت تركت كأس المياه ومشيت وكنت أتمنى لو استطعت ضربه بها وهو بعمر والدي ولم يخجل من الشيب في رأسه”.
وفي السياق ذاته صحيفة “الوطن” الموالية، أكدت في تقريرٍ لها، أن هناك انتقاداتٍ طلابية طالت المعنيين في رئاسة جامعة دمشق، حول البطء الشديد في البت بالقضايا التي تتعلّق بالطلبة، وخاصةً موضوع إعادة النظر بالاعتراضات الامتحانية لعددٍ من الكليات، واللجان المشكّلة للنظر في تلك الاعتراضات.
أثار نفسية وخدش للحياء ولمهنة التعليم وصمت من قبل الكثير من الطلاب خوف على مستقبلهم وانقطاع عن الدوام الجامعي لأيام وأسابيع حلول تلجأ إليها الطلاب لإكمال مستقبلهم الدراسي والتخرج والأسوأ من كل هذا انتشرت صورة مأخوذة سابقا من “كلية الهمك في جامعة تشرين” في اللاذقية على مواقع التواصل الاجتماعي، حول أسئلة من أحد الأقسام في كلية الهندسة البحرية لطلاب سنة التخرج وسط موجة من الاستهزاء وانتقادات على مستوى الجامعات السورية، بحسب ما ورد في الصفحات العامة المشهورة.
بالإضافة إلى ثلاثة أسئلة أخرى، وكأن أستاذ المقرر يعطي الإجابة على طبق من فضة للطالب، الأمر الذي أثار موجة من السخرية بين المتابعين والمعلقين من طلبة الجامعات السورية.
وشهدت الصفحات السورية المعنية بشؤون التعليم العالي، آلاف التعليقات الساخرة على صورة الأسئلة المنشورة، وقال أحد الصفحات: “إذا حب يساعد الطلاب المفروض يجبلن سؤال سهل من المقرر أو ” اختر سؤال وجاوب عليه” المهم شيء ضمن المادة، مو اختر A الجواب الصحيح؟”، و وصف هذا الأمر ب “ظاهرة جديدة ومعيبة”!
وفيما علق أحمد الرفاعي “شو هالمسخرة هي يعني هيك صار التعلم بسوريا، رغم الظروف اللي عم تمر فيها البلد لكن هذا الشيء غير مبرر لتوزيع العلامات ع جنب”، واعتبر هذا الأسلوب أنه تظلم للطالب الذي درست وتعب لساعات طويلة.
هذا ومنذ فترة ليست ببعيدة، انتشر فيديو من جامعة “حلب”، عن طالبة تخرجت حديثا من كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، حيث تصدرت الترند حينذاك بهاشتاغ “#هلو_إيفري_بدي_لوشن” وبات حديث السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة، الأمر الذي بعث بموجة كبيرة من التعليقات والردود الساخرة والمستاءة من تراجع مستوى التعليم في الجامعات السورية.
إزاء كل ما ذكر أعلاه، يبدو أن نظام التعليم العالي في البلاد بات في مستويات منخفضة جدا، في حين تكافح الجامعات السورية من أجل البقاء فقط وليس تقديم تعليم يُرقى لمستوى التعليم الجامعي أو ما شابه، بحسب أكاديميين وخبراء تعليم سوريين.
وفي محاولةٍ من النظام السوري لإسكات الطلاب والتغطية على الانتهاكات التي يرتكبها المدرسون والإداريون في الجامعة، كشفت وثيقة تداولها ناشطون على الفيس بوك، عن تهديداتٍ وجّهتها إدارة جامعة دمشق لطلاب كلية الآداب بالفصل النهائي من مقاعد الدراسة، في حال استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي لفضح ممارسات الكوادر التدريسية والإدارية.
فيما احتلت جامعة “دمشق” المرتبة 3310 عالميا، وجاءت جامعة “تشرين” في محافظة اللاذقية بالمرتبة 4539، أما جامعة “حلب” التي احتلت المرتبة 4973. أما جامعة “البعث” فقد جاءت في المرتبة 5804 عالميا. أما المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بدمشق قد جاء 4911.
وفقدت الجامعات السورية، الكثير من مكانتها التعليمية والأكاديمية خلال السنوات الماضية، نتيجة الحرب والأزمة الاقتصادية، وهجرة خيرة الكادر التدريسي، وانتشار الفساد الكبير في أجهزتها الإدارية والتدريسية.