رياض سلامة متهم بجمع أكثر من 110 مليون دولار

كشف مصدران قضائيان إن رئيس البنك المركزي اللبناني السابق رياض سلامة الذي ألقي القبض عليه يوم الثلاثاء بتهمة ارتكاب جرائم مالية سيظل رهن الاحتجاز حتى موعد جلسة استماع من المرجح أن تكون الأسبوع المقبل.

وقال المصدران لرويترز يوم الأربعاء إنه بعد استجوابه يمكن للقاضي الذي يرأس الجلسة أن يقرر ما إذا كان سيبقيه قيد الاحتجاز أم لا، مضيفين أنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة بعد.

واعتقل الحاكم السابق لمصرف لبنان المركزي في بيروت بتهمة ارتكاب جرائم مالية مرتبطة بشركة وساطة، وهو أول اعتقال له بعد سنوات من الاتهامات في الداخل والخارج.

وكان سلامة (73 عاما) محافظا للبنك لمدة 30 عامًا لكن سنواته الأخيرة شابتها اتهامات بارتكاب جرائم مالية، بما في ذلك الإثراء غير المشروع من خلال الأموال العامة، من قبل السلطات في لبنان وعدة دول غربية منها فرنسا وسويسرا.

رياض سلامة سيبقى محتجزًا حتى موعد جلسة الاستماع.. ماذا نعرف عن هذا الملف؟

وقال مصدران قضائيان لرويترز إن رئيس البنك المركزي السابق متهم بتجميع أكثر من 110 ملايين دولار من خلال جرائم مالية تتعلق بشركة أوبتيموم إنفست، وهي شركة لبنانية تقدم خدمات الوساطة في الدخل.

وقال أحد المصادر إن الاتهامات المحددة التي أدت إلى اعتقاله يوم الثلاثاء كانت اختلاس وغسل أموال واحتيال كجزء من العمولات المكتسبة من خلال تعاملات البنك المركزي مع أوبتيموم بين عامي 2015 و2018.

وكان سلامة نفى في السابق أي اتهامات بارتكاب جرائم مالية.

وقال مصدر قضائي آخر إنه سيُحتجز لمدة أربعة أيام “كاعتقال احترازي” قبل إحالة القضية إلى المدعي العام في بيروت.

وتنفصل اتهامات يوم الثلاثاء عن الاتهامات السابقة بارتكاب جرائم مالية مرتبطة بشركة فوري أسوشيتس، وهي شركة يسيطر عليها شقيق سلامة، راجا. واتهم الأخوان – اللذان ينكران ارتكاب أي مخالفات – باستخدام فوري لتحويل 330 مليون دولار من الأموال العامة من خلال العمولات.

ورغم مواجهة سلامة اتهامات في لبنان، ومذكرات اعتقال في كل من فرنسا وألمانيا، ونشرة حمراء من الإنتربول، لم يتم القبض عليه من قبل.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن سلامة مثل أمام القضاء من دون وكيله القانوني، وقد كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية أن سلامة حسم قبل أيام أمر حضوره جلسة الاستماع التي دعاه إليها مدّعي عام التمييز بالإنابة القاضي جمال  الحجار في قصر العدل، بعد مشاورة وكيله القانوني الذي أبلغه أن الملف الذي يحقّق فيه الحجار “فاضي”، بالإضافة إلى رغبة القاضي بالاستماع إليه بصفة شاهد وليس كمُدّعى عليه.

إذا استمرت القضية، فإنها ستمثل مثالاً نادراً للسلطات اللبنانية لمحاسبة شخصية بارزة، في نظام يقول المنتقدون إنه حمى النخبة لفترة طويلة.

أبلغ رئيس الوزراء المؤقت نجيب ميقاتي قناة الحدث التلفزيونية العربية أن الحكومة لن تتدخل في القضية.

عمل سلامة عن كثب مع كبار السياسيين في لبنان طوال فترة ولايته. وهذا دفع المنتقدين إلى الشك فيما إذا كانت السلطة القضائية اللبنانية – حيث تعتمد التعيينات إلى حد كبير على الدعم السياسي – ستحقق معه بجدية.

تحت العقوبات

أبلغ مصدران قضائيان رويترز أن سلامة اعتقل بعد جلسة استماع في قصر العدل اللبناني حول تعاملات البنك المركزي مع شركة أوبتيموم إنفست.

وقالوا إن أوبتيموم تعاملت مع البنك المركزي اللبناني لشراء وبيع سندات الخزانة وشهادات الإيداع ذات الدوران السريع لتحقيق أرباح كبيرة.

أبلغ وزير العدل اللبناني في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري رويترز أنه لا يملك تفاصيل الملف. وقال “لا شك أن المدعي العام قام بما هو مطلوب منه واستجوب المحافظ السابق رياض سلامة”.

 

رياض سلامة سيبقى محتجزًا حتى موعد جلسة الاستماع.. ماذا نعرف عن هذا الملف؟

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي للحظة اعتقال رياض سلامة

بعد توليه قيادة البنك المركزي في أعقاب حرب أهلية مدمرة استمرت 15 عامًا، بنى سلامة سمعة باعتباره وصيًا كفؤًا على النظام المالي وكان يُنظر إليه ذات يوم على أنه رئيس محتمل.

بعد مغادرته منصبه، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عقوبات ضده، متهمة إياه بأعمال فساد لإثراء نفسه وشركائه – وهي مزاعم نفاها أيضًا في ذلك الوقت.

يعكس سقوطه سقوط النظام المالي اللبناني، الذي انهار قبل خمس سنوات ويواجه الآن تقييمًا من قبل هيئة مراقبة مالية في الأسابيع المقبلة قد يضعه على “قائمة رمادية” تستحق التدقيق الإضافي.

كانت إحدى مجالات الفجوة الرئيسية التي حددتها فرقة العمل المالي هي الافتقار إلى الإجراءات القضائية بشأن الجرائم المالية المزعومة.

قال مصدر دبلوماسي وقضائي إنهم ينظرون إلى اعتقال سلامة كمحاولة محتملة لمحاولة إظهار أن شيئًا ما يجري الآن لمقيّمي مجموعة العمل المالي.

تهم يواجهها سلامة

تتحدث وسائل الإعلام اللبنانية عن جمع سلامة لثروة شخصية مخبأة في الخارج. وكان تحقيق مشترك بين موقع “درج” و”مشروع الابلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد”، في آب 2020، قد كشف أن الشركات المملوكة لحاكم مصرف  لبنان في الخارج قد استثمرت في أصول خارجية بقيمة 100 مليون دولار تقريباً، بما في ذلك شقة فاخرة في لندن تبلغ قيمتها 4.1 مليون دولار. وتمكن ابنه ندي أيضاً من تحويل أكثر من 6.5 مليون دولار إلى الخارج، بينما منعت القيود المصرفية المفروضة على المواطنين العاديين من الوصول إلى مدخراتهم.

وصرح سلامة لـ”مشروع الابلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد العابر للحدود” (OCCRP) في ذلك الوقت، أنه جمع “ثروة خاصة كبيرة” قبل أن يصبح حاكم المصرف المركزي، وأنه لم ينتهك أي قوانين.

مع ذلك، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، راسل مكتب المدعي العام السويسري السلطات  اللبنانية، مدعياً بأن سلامة وشقيقه، رجا سلامة، قد اختلسا أكثر من 330 مليون دولار من أموال المصرف المركزي بين عامي 2002 و2015.

رياض سلامة سيبقى محتجزًا حتى موعد جلسة الاستماع.. ماذا نعرف عن هذا الملف؟

أفادت التقارير بأن الأموال حُولت من المصرف المركزي إلى شركة مسجلة في جزر فيرجن البريطانية يُزعم أنها مملوكة لرجا سلامة، ثم إلى حسابات الأخوين في المصارف السويسرية – بما في ذلك نحو 248 مليون دولار في الحساب الشخصي لرجا.

ومنذ ذلك الحين، أطلقت فرنسا وألمانيا وليختنشتاين ولوكسمبورغ تحقيقاتها الخاصة. وفي آذار/ مارس 2022، جمدت السلطات أصولاً بقيمة 120 مليون يورو في دول عدة “مرتبطة بالتحقيق في قضية تبييض الأموال في لبنان”. وقال المحققون الألمان لـ “مشروع الابلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد”، إن ذلك يتعلق بالتحقيق في شأن سلامة.

وأبلغت النائبة البريطانية مارغريت هودج عن سلامة وشركائه للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في المملكة المتحدة عام 2021، بعدما كشف “مشروع الابلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد” عن ممتلكاته الهائلة في البلاد. وفي لبنان، اتهمت النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون، الأخوين سلامة بجرمي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال في آذار/ مارس 2022، في ما يتعلق بمعاملات مرتبطة بشقق في باريس. وفي حزيران/ يونيو، داهمت السلطات اللبنانية عقاراً في بيروت مملوكاً لسلامة. في حين ينفي الشقيقان التهم الموجهة إليهما.

وفي الشهر نفسه، أمر النائب العام غسان عويدات على نحو منفصل، بتوجيه تهم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير والتهرب الضريبي إلى سلامة. لكن القضية توقفت وسط مزاعم التدخل السياسي والاعتراضات الإجرائية التي قدمها محامي حاكم البنك المركزي في المحكمة.