أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نورا المطيري)
إستمرأت الجماعات الإرهابية خلال الأسبوع الماضي وأكملت المرحلة الثانية من مسلسل شلال الدم الذي تمتهنه وغرست أظافرها القبيحة في #مانشستر في #بريطانيا، وكانت داعش التي تم تمزيقها في #العراق و #سوريا خلال ذلك تخطط للمزيد من تشويه صورة الإسلام وترويع الأبرياء فوضعت للعالم ولإستقبال شهر رمضان المبارك – شهر الرحمة والتسامح – مخططا للهجوم على الأقباط المسالمين الأبرياء في محافظة المنيا في مصر وانطلق ثلاثة من مجرميها وأطلقوا النار على حافلة ركاب بريئة تقل مصريين ليسوا جزءا من أي لعبة سياسية، كانوا في طريقهم إلى أحد الأديرة، وتسبب الهجوم بسقوط اكثر من 30 قتيلا.
لم يتصدر وسما مانشستر والمنيا مواقع التواصل الإجتماعي فحسب، بل بات الحديث الذي جاب العالم بأسره وأصبح الموضوع الأكثر تداولا في الصحف والمجلات والمجالس وتصدى المنددون لهذه العمليات الإرهابية يحثّون الدول للتعاون وتنفيذ بيان قمة الرياض الذي صدر عن القمة العربية الإسلامية الأمريكية والتي استضافتها المملكة العربية السعودية بحضور 55 دولة إسلامية وأكد على الشراكة الوثيقة بين قادة الدول العربية والإسلامية وأمريكا لمواجهة التطرف والإرهاب، إلى جانب الاستعداد لتشكيل قوة احتياط من 34 ألف جندي لـ"دعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة"، وتم خلال قمة الرياض اطلاق مركز اعتدال الذي من شأنه أن يقود الجهود الدولية لمكافحة الفكر المتطرف وأعلن أن التطرف قد أصبح وباء يفرز كوارث جديدة لا يردعها الحاجز الجغرافي أو الاختلاف الثقافي، وأن داعش وحدها قد نفذت هجماتها في 31 دولة، راح ضحيتها أكثر من 3600 قتيل و8000 جريح، وأن التنظيمات المتطرفة قد أظهرت فعالية عالية في استخدام تويتر وغيره من الشبكات الإجتماعية لنشر أفكارها وكسب الدعم والتواصل مع المجندين المحتملين.
وبما أن الإرهاب قد أصبح بكافة أشكاله رعبا يعيشه العالم اليوم من أدناه إلى أقصاه، فلابد من إعادة تعريف الإرهاب بأنه "وسيلة إكراه عنيفة إجرامية لبثّ الخوف والرعب وترويع الناس وقد تكون بالأقوال وقد يصل مداها إلى القتل وسفك الدماء"، وكذلك فإن #آلية_استقطاب_الإرهابيين تستند إلى إغواء الشباب التائه المحطم وإغراء الجهلاء الذين لم ينالوا قسطا من التعليم والعدالة الإجتماعية وكذلك المرضى النفسيين الذين مالوا كل الميل نحو أبعد نقطة من التطرف الديني ويريدون الإنتقام من أي شيء في مجتمعاتهم آملا في وهم لا يتحقق، فيتم تدريبهم وتخدير عقولهم وغسل أدمغتهم وتوجييهم نحو المجتمعات الآمنة لترويعها والضغط لتمرير أجندات مخفية مخيفة سياسية أو دينية.
من وجهة نظري فإن قادة المنظمات الإرهابية كما يرد في سيرهم الذاتية وكما يعكسون في سلوكهم أنهم مجموعة من المجرمين الذين وجدوا طريقا للإرتزاق وإثبات الذات كما هو شأن البغداي المتسلل الهارب ولكن لابد من التأكيد على أن الأخبار الكثيرة التي ترد عن مقتل قيادات داعش مثلا ليست ذات شأن حيث أن كل إرهابي يحلم بالزعامة والقيادة، ومن السهل إيجاد قائد بينهم، وقد يقتلون بعضهم للحصول على تلك الزعامة، وقد رأينا كيف يحاول الطفل المدلل حمزة بن لادن أن يصادر القاعدة كإرث عائلي ويقوم باصدار بيانين خلال شهر مايو فقط، مما يدلل أن القيادة لديهم كانت حلما فأصبحت إرثا يسعون إليه.
مما لا شك فيه أن محاربة التطرف والإرهاب يجب أن لا تتوقف عن محاصرة القيادات واصطيادهم مع أن لذلك أولوية ولا عند قطع مصادر تمويل الإرهاب مع أهمية ذلك، بل يجب أن تسير في اتجاهين آخرين مهمين أولهما فرض حصار منيع على الدول التي تمول وتصدر الإرهاب وكذلك اقتلاع الإرهاب من جذوره والإهتمام بفئات الشباب الذين يمثلون 60% من المجتمعات لبناء سور يصعب على المتسلقين الإرهابيين المرتزقة بلوغه والتركيز بصورة أكبر على تنشأة الشباب نشأة فكرية معتدلة في الأسرة والمدرسة والجامعة ومساعدتهم ومساندتهم عبر البرامج المجتمعية والمبادرات الناجعة لتوظيف قدراتهم وإمكانياتهم لبناء الأوطان بدل ترويعها وتخريبها وتحطيمها.
—-
*نورا محمد المطيري (مواليد 8 أغسطس 1984)، إعلامية وباحثة في مجال إقتصاد الأسرة، مذيعة ومحررة أخبار إقتصادية، صدر لها كتاب: إنقاذ، وكتاب: الرفق بالحيوان.. إنسانية، وتشغل منصب رئيسة تحرير شبكة إن إم إن نيوز، مهتمة بقضايا الرفق بالحيوان وحقوق الحيوان.