أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (جمانة عيسى)
العراق .. غرب محافظة نينوى .. سنجار
صباح الرابع من آب – أغسطس 2014 لم يكن كغيره من الأيام، فرغم سطوع شمسه، كان حالك الظلام على سكان هذه المدينة وضواحيها عندما اجتاحت سيارات وعربات سوداء المكان فقتّلت وشرّدت واغتالت وسبت..
عدد الإصابات الدقيق بين قتلى وجرحى غير معروف حتى الساعة، ولكنّ المؤكّد أنّ الوفيات وحدهم هم في أقلّ تقدير حوالى الخمسة آلاف شخص والمصابين سبعة آلاف، فقد اجتاح داعش بعدده وعدّته سنجار وقتّل الرجال، ولم يكتف التنظيم بذلك بل قام بسبي الفتيات والسيّدات الأيزيديات وأخذهن كجواري وباعهنّ في أسواق الموصل العراقيّة والرقّة السوريّة اللتين يحتلّهما.
جرت هذه المجزرة والجرائم وسط ذهول العالم وهو يراقب ما يجري بعد انسحاب قوات البيشمركة المفاجئ إثر توسيع التنظيم صراعه إلى داخل إقليم كردستان الواقع شماليّ العراق، فنزح عدد كبير من الأيزيديّين، الذين حالفهم الحظ، وفرّوا إلى جبل سنجار‘ ولكنّ ذلك لم يكتمل معهم، إذ بقوا في الجبل أسابيع جوعى ومرضى، فمات منهم الكثيرون قبل أن تنقذ من تبقّى منهم قوات كرديّة متعدّدة بدعم من طيران قوات التحالف المناهض لداعش وتنقلهم إلى مناطق أكثر أمنا.
سنجار أو شنكال كما تعرف باللغة الكرديّة ، كانت من المواقع الاستراتيجيّة بالنسبة لداعش الذي وبعد احتلاله الموصل تيقّن أهمّية المكان جغرافيّا بالنسبة له لأنّه يتوسّط الحدود العراقيّة السوريّة، فكان حلقة الوصل التي تفتح الطريق بين الأراضي التي احتلّها في العراق وسوريا فاعتبرها التنظيم شريان حياة بالنسبة لبقائه وتمدّده.
الكارثة الإنسانيّة التي خلّفها التنظيم في المكان على البشر والحجر صعب أن تمحى، فمع تحرير المناطق التي احتلّها داعش، حكى الكثير من المحرّرين ما عانوه في الأسر، تحدّثوا، ولا سيما السيدات منهم، عن فظاعات من سبي وعبوديّة جنسيّة وممارسات يندى لها الجبين.
الآن وبعد اندحار داعش من أماكن احتلاله الواحد بعد الآخر ، تتكشّف فظائعه من خلال الشواهد التي تركها خلفه ومن خلال القصص التي يرويها ضحاياه ومن خلال القصص التي يرويها الداعشيّون المعتقلون أنفسهم ..
فقد روى أحدهم من خلال لقاء صحافيّ أثناء التحقيق معه بالتهم المنسوبة إليه وهي اغتصاب أربع سيدات وخطف مثلهنّ وقتل عشر، أنّه تلقّى أيزيديّات سبايا "كجزء من راتبه الشهريّ"! وتغنّى بأنّه كان يغتصب كلّ ليلة فتاة أيزيديّة "عذراء جميلة". وقال آخر إنه اغتصب مئتي فتاة وسيّدة أيزيديّة!
هذا وغيرها الكثير من القصص التي لفظاعتها صعب على الجنس البشريّ تصديقها.
داعش خلّف وراءه المدينة بعد احتلالها لنحو خمسة عشر شهرا مدمّرة بشكل شبه كامل وملغّمة، تفوح من أرضها رائحة الألم والقتل الوحشيّ بطرق متعدّدة ، من خلال دفن عشرات الجثث المجهولة بمقابر جماعيّة..
الخوف يحوم في كلّ مكان، حتى من الذكرى، فنظرة بسيطة إلى بناء أو معلم ما، تذكّر بالقتل والخطف والاعتقال والجلد والرجم وقطع الأيدي فيحول دون العودة إلى الحياة الطبيعيّة لمن عانى وشاهد وشهد..
ما افتعله الداعشيّون بالأيزيديّين صنّف دوليّا على أساس جرائم حرب ، ولا يزال الأيزيديّون ومنذ تحرير مدينتهم في تشرين الثاني – نوفمبر 2015 ينتظرون العدالة وإشراقة شمس بصباح مختلف مع تحرير آخر سبيّة أيزيديّة بأيدي عناصر التنظيم اللواتي وبحسب إحصاءات متعدّدة يصل عددهنّ إلى حوالى ثلاثة آلاف سيّدة.
اقرأ ايضا:
في الذكرى الـ3 لهجوم سنجار.. 6000 مختطف إيزيدي لدى داعش
إعترافات "داعشي" تكشف جرائم أكثر مما نعرف بحق الإيزيديات