أخبار الآن | مقال بقلم Nihad Jariri
بحسب خطة العمل الشاملة المشتركة JCPA التي وقعتها في مدينة لوزان السويسيرية في أبريل 2015 كل من إيران ومجموعة 5+1 (الاتحاد الأوروبي + الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا)، يكون الهدف في اتخاذ إجراءات تضمن استخدام إيران الطاقة النووية استخداماً سلمياً لا يتطور إلى تصنيع سلاح نووي، علماً أن الخطة كانت في صلب القرار الأممي رقم 2231 لعام 2015.
وبموجب الخطة، تتعهد إيران بـ3 التزامات رئيسية:
1- تقليص أجهزة الطرد المركزي ما مجموعه 5060 من الجيل الأول IR-1 لمدة 10 أعوام (حتى ذلك الوقت امتلكت إيران 19 ألف جهاز طرد مركزي)؛ مع الاحتفاظ بـ 1044 جهاز طرد من نفس الجيل في منشأة فوردو بعد تحويلها إلى منشأة بحثية.
2- الإلتزام بتخصيب اليورانيوم عند نسبة 3.67 ٪ في منشأة نطنز حصراً لمدة 15 عاماً.
3- ألا تزيد كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67٪ عن 300 كغم؛ وبيع الفائض أو التخلص منه كوقود لمدة 15 عاماً.
لكن المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الإيرانية، بهروز كمال فندي، كشف، الاثنين، عن إجراءات ستتخذها إيران، تعزز خروجها من الاتفاق النووي. ما قاله كمال فندي يرتكز على أمرين:
1- إيران لن تتقيد بالحد الأعلى 300 كغم لكمية اليورانيوم المخصب تخصيباً قليلاً LEU بنسبة 3.67 ٪ خلال 10 أيام بحلول 27 حزيران/يونيو 2019.
2- إيران قد لا تلتزم بنسبة التخصيب 3.67٪ وتزيدها إلى 5٪ أو حتى 20٪
وهذا يعني أن إيران ستكون أقرب إلى صنع قنبلة نووية. لكن كيف؟ وماذا تعني هذه الأرقام؟ تكمن الإجابة في فهم تخصيب اليورانيوم.
تخصيب اليورانيوم
تحدث الطاقة النووية عندما تنشطر نواة الذرة لتطلق سلسلة من الانشطارات في نوى أخرى، وهو ما يطلق عليه Chain Reaction أي أن انشطار النواة الواحدة يتسبب في إحداث انشطار في نوى أخرى مطلقة طاقة في كل مرة وهذه الطاقة تتعاظم بعدد النوى التي تنشطر.
في الطبيعة، يوجد عنصر واحد يحقق هذه الشروط وهو اليورانيوم وتحديداً الذي وزنه الذري 235. فاليورانيوم له نظائر هي: يورانيوم 238، ويورانيوم 235 ويورانيوم 233. وهذا الأخير نادر جداً ولا استخدامات عملية مجدية له، فيتم تجاوزه. والنظائر نسخ من العنصر الواحد تتشابه في رقمها الذري (وهو البروتونات في النواة) وتختلف في وزنها الذري (وهو مجموع البروتونات والنيوترونات في النواة). والمشكلة هنا أن يورانيوم 235 نادر جداً يشكل 0.7٪ فقط من اليورانيوم الموجود في الطبيعة ويوجد مختلطاً مع اليورانيوم 238.
كيف إذا يمكن الاستفادة من اليورانيوم 235 لتوليد الطاقة النووية؟
الحل هو في تصفية أو تنقية اليورانيوم بحيث نفصل الـ 238 عن ألـ 235. وبعد ذلك إخضاع الكميات الناتجة للإنشطار، تُعرف هذه العملية بتخصيب اليورانيوم.
أجهزة الطرد المركزي
ينقب عن اليورانيوم بشكله الطبيعي فيبدو مثل الحجارة ثم يعالج بالطحن ليكوّن الكعكعة الصفراء Yellow Cake، ثم يُضاف إليه الفلورين ليشكل غاز UF6. ويُطلق هذا الغاز في أجهزة الطرد المركزي، وهي اسطوانات تدور بسرعة قد تتجاوز سرعة الصوت. فيتشكل حقل من الجاذبية عند الأطراف. وهكذا تتجمع ذرات الغاز الثقيل (يورانيوم 238) على الأطراف؛ فيما تتجمع الذرات الأخف (يورانيوم 235) قرب المركز وتتسرب إلى قناة أعلى الاسطوانة حيث يتم تجميعها. تُعاد العملية آلاف المرات للحصول على كميات أنقى من اليورانيوم 235. فاليورانيوم المخصب بنسبة 3٪ يعني أن اليورانيوم 235 يشكل 3٪ من كمية معينة من اليورانيوم.
ونسبة التخصيب التي لا تتجاوز 3.67٪ تكفي لإنتاج الطاقة لأغراض سلمية كتوليد الكهرباء أو تشغيل الغواصات. التخصيب حتى ما دون نسبة 20٪ يُطلق عليه Low Enriched Uranium أو اليورانيوم منخفض التخصيب ويظل في حدود الأغراض السلمية ولكن بحذر كما سيأتي بعد قليل.
ومتى زادت نسبة تخصيب اليورانيوم، أي زاد تركيز اليورانيوم 235، صارت الكمية المعنية أقرب إلى إنتاج طاقة تتعدى الأغراض السلمية: إحداث انفجار عظيم. قنبلة نووية. إذ ترتبط نسبة التخصيب بالكتلة الحرجة Critical Mass؛ وهي أقل كمية من المادة الانشطارية اللازمة لإحداث سلسلة من التفاعلات أو الانشطارات المتواصلة لإحداث الطاقة.
وبحسب موقع منظمة (Nuclear Threat Initiative (NTI، نحتاج إلى 3600 كغم، ما يعادل وزن فيل، من يورانيوم مخصب بنسبة 5٪ لإحداث تفاعلات انشطارية. وهذا أمر غير عملي فلا يمكن تحميل هذا الوزن كسلاح. تخصيب بنسبة 90٪ لا يحتاج إلى أكثر من 12 كغم تفاعلات انشطارية.
هذا بالنسبة لتخصيب اليورانيوم. ماذا عن زيادة كمية اليورانيوم المخصب عن 300 كغم؟
300 كغم
تخصيب اليورانيوم الخام الطبيعي (تنقيته وفرز النظير 235 القابل للانشطار) يستغرق وقتاً وجهداً ومالاً أكثر بكثير من تخصيب اليورانيوم المخصب أصلاً. وبحسب NTI، ستة آلاف جهاز طرد (قديم) يستغرق عاماً لإنتاج 40 كغم يورانيوم مخصب جاهز للاستخدام كسلاح نووي، ونفس الأجهزة تستغرق نصف عام لإنتاج أكثر من 4 أضعاف (180 كغم) من اليورانيوم المخصب الجاهز للاستخدام سلاحاً نووياً.
مصدر الصورة: getty
للمزيد: