أخبار الآن | مقال رأي
عندما وصل “شي جين بينغ” إلى السلطة في الصين عام 2013 ، أوضح أنه سينتهج مساراً تصادمياً مع الغرب، وقال حينها: “علينا أن نستعد لفترة طويلة وصعبة من المنافسة بين نظامين سياسيين”.
في غضون ذلك، أظهرت قسوة فيروس كورونا الذي ضرب العالم منذ نهاية العام الماضي، كيف أن مشاريع بكين “الشائنة” التي تشمل التستر والأكاذيب كلفت العالم مئات الآلاف من الأرواح.
الصين على ما يبدو أنها سلكت طريق الحرب، ولن تتوقف قبل أن تعيد بناء إمبراطوريتها الضائعة. بكين التي تمتلك سيطرة كبيرة على كثير من دول العالم، يشعر فيها الحزب الشيوعي بالجرأة وقد اغتنم الفرصة لتعزيز أجندته التوسعية في وقت الاضطراب التام مع جائحة كوفيد-19.
بناء على المعطيات السابقة، فإن مزيجاً من الابتزاز السياسي والتجاري والمالي واستعراض للعضلات العسكرية، تتحرك الصين بلا هوادة. كدليل على ذلك، أعلن مؤسس شركة (هواوي) عملاق الصناعة الصينية، الحرب على الغرب، عبر تحريضه العمال على معركة وصفها أنها قائمة من “أجل السيادة”، وقال إن شركته دخلت في حالة حرب “بعد معركة تقنية ساخنة بين الصين والولايات المتحدة” على حد وصفه.
على الرغم من إرسال الولايات المتحدة مزيدًا من الناقلات والقوات إلى آسيا في استعراض للقوة العسكرية، فإن بكين لن تتراجع، لسبب وجيه، فهي ليست خائفة، وبالتالي، على عكس المنطق السليم، فإن بكين لها اليد العليا على المستوى العسكري على الولايات المتحدة في المنطقة، ولكن ليس في جميع أنحاء العالم. لذلك قامت بكين بالاستيلاء على السلطة في هونغ كونغ حتى عام 2047.
كان سفير الصين لدى المملكة المتحدة واضحًا تمامًا عند الحديث عن هذا “الآنشلوس” الجديد (عملية عسكرية سلمية تم بموجبها ضم جمهورية النمسا إلى ألمانيا)، لم تعد هونغ كونغ تحت الحكم الاستعماري، بل جزءً من الصين.
والدليل على مدى أيديولوجية هذه الخطوة بالنسبة للصين، هو مقدار ما يمكن أن تخسره مالياً من هونغ كونغ بسبب عدم بقاء الأخيرة ككيان خاص حتى عام 2047. وفي الواقع، على سبيل المثال لا الحصر، فإن بعض النتائج السلبية ستبدأ بالظهور، مثل مغادرة كثير من الشركات الدولية لهونغ كونغ، وسيخسر المكان المالي المستثمرين وترتيبه الثالث عالميًا، كما سيهاجر المغتربون، وكذلك السكان الأصليون من ذلك الإقليم.
لقد رأت بكين أنها يمكن أن تفلت من تحدي المجتمع الدولي من خلال انتهاك المعاهدات الدولية ويمكن أن تكون المحطة التالية تايوان. كدليل على ذلك، بعد يوم من إعلان زعيمة تايوان “تساي إنغ” أن بلادها التي تتمتع بالحكم الذاتي لن تتنازل عن السيادة، صرح الرئيس الصيني بأنه يجب عدم التسامح مع الاستقلال، وينبغي على تايوان أن تتبع لدولة واحدة بدلاً من استقلال أصبح من الماضي.
في غضون ذلك، تستمر استفزازات الصين، إذ دخلت طائرات سلاح الجو الصيني بما في ذلك قاذفة واحدة على الأقل منطقة تعريف الدفاع الجوي في تايوان لفترة وجيزة قبل أن يتم تحذيرها من قبل السلاح الجوي التايواني، وهي ثامن مواجهة من هذا القبيل في غضون أسبوعين. كما تعزز الصين من وجودها في “المناطق العسكرية الرمادية” للضغط على تايوان. تتراوح الاستراتيجيات الصينية من نشر حفارات رملية في المياه الخاضعة لسيطرة تايوان إلى استخدام قوارب الصيد لضرب سفن خفر السواحل.
النقطة الساخنة التالية التي شعرت فيها الصين بموقف عدواني ، هي على الحدود مع الهند في جبال الهيمالايا بعد قتال دموي قبل بضعة أسابيع فقط، أسفر عن قتل 20 جنديًا هنديًا وعدد غير معروف من الصينيين أيضًا.
الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه تم الكشف عن أن القوات الصينية قد ضمت بالفعل 60 كيلومترًا مربعًا من الأرض في “لاداخ” بشهر مايو الماضي. ومع ذلك، فإن “أورجين شودون” وهو عضو في حزب “بهاراتيا جاناتا “الحاكم في لاداخ، ذهب أبعد من ذلك عندما قال، إن الصين استولت بالفعل منذ عامين على أراضي الرعي التي استخدمتها عائلته لأجيال في مستوطنة “كويال” النائية.
يبدو أن توسع الصين في المنطقة تم إخفاؤه ليس فقط من قبل الحكومة الهندية ولكن أيضًا من قبل وسائل الإعلام الهندية على أمل أن تهدئ التوترات مع بكين. ومع ذلك، تحتفظ الهند بميزة عسكرية في البيئات الجبلية على ارتفاعات عالية متفوقة على الصين بذلك. ليس فقط لدى نيودلهي طائرات مقاتلة أكثر من بكين، ولكن تملك القوات الجوية الهندية خبرة أكبر بسبب صراعاتها الأخيرة مع باكستان. كما أن الهند قامت ببناء قواعدها في المنطقة على أسس نزاع محتمل مع الصين.
وستتيح العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة لنيودلهي الوصول إلى قدرات واشنطن الاستخبارية والمراقبة. ومن المثير للاهتمام في الوقت الحالي أن الصين والهند تراجعتا عن الحدود لنزع فتيل التوتر، لكن بكين قررت فتح جبهة أخرى في النزاعات الإقليمية، هذه المرة مع حليف نيودلهي الجيد “بوتان”.
حتى أكثر من الهند، فإن هناك دولة عارضتها الصين بشدة تاريخيا وهي اليابان. وفي خلاف أخير، قالت بكين، إنها تحتفظ بالحق في الرد على قرار المدينة اليابانية بإعادة تسمية المنطقة الإدارية التي تضم جزر نائية تطالب بها كل من الصين واليابان.
في غضون ذلك، تفرش طوكيو بساط الترحيب للممولين المقيمين في هونج كونج، بينما تشجعهم بكين على البقاء. ومن الجدير بالذكر، يقوم الاتحاد الأوروبي بتنفيذ تقارب مع اليابان في الغالب لمواجهة الصين في سياق أزمة فيروس كورونا.
أستراليا هي الجائزة الكبرى التالية للصين. بعد أن انتقدت أستراليا تستر بكين وأكاذيبها فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا، ردت الصين بتعليق جزء كبير من واردات لحوم البقر من أستراليا والتلميح إلى تعريفات زراعية جديدة. وللرد على عدوانية الصين، ستنفق أستراليا 186 مليار دولار على جيشها في العقد المقبل لشراء صواريخ بعيدة المدى، في فترة وصفها رئيس الوزراء موريسون بأنها الأصعب منذ الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية.
وكما رأينا، في غضون بضعة أشهر فقط، استعادت الصين هونغ كونغ، وهددت تايوان بمواجهة نفس المصير، وقامت بمهاجمة الهند في الهيمالايا، وحذرت اليابان وبوتان من نزاعات الإقليمية، وشنت هجومًا إلكترونيًا ضخمًا على أستراليا، وقامت بمضايقة بعض جيرانها مثل فيتنام والفلبين وماليزيا في بحر الصين الجنوبي.
لسوء الحظ، ما تقوم به الصين يذكرنا بالنظم الفاشية في القرن العشرين، بما في ذلك معاملتها للمعارضين، ولا ينبغي تغافل الغرب عن القيام بواجباته تجاه ذلك.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن
اقرأ أيضا:
نيويورك تايمز تنقل بعض موظفيها من هونغ كونغ على خلفية قانون الأمن القومي