أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نورا المطيري)
يعجز المحللون عن فهم “الرفض الفلسطيني” المفاجىء لعمليات السلام التي تدور رحاها بإتقان في الشرق الأوسط، تلك التي بدأتها الإمارات مع إسرائيل، برعاية أمريكية، ولحقتها البحرين، وما زال يُنتظر لحاق دول عربية أخرى قريبا، بقطار السلام السريع.
الموقف الفلسطيني الغامض، يتناول جانبا واحدا ضيقا من النظر وقراءة المشهد السياسي الشامل، الذي تفهمته دول العالم أجمع، ورحبت به، وعلى رأسها جميع الدول العربية، وكانت الصدمة غير المتوقعة، أن يظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثم تظهر بعض القيادات الفلسطينية، ترفض قبول السلام، أو الإقتراب من منصاته.
لفهم ما يجري، ليس علينا العودة لنظرية المؤامرة على الإطلاق، حيث ظهرت قوى فاسدة عملت بجد على تكريس الرفض الفلسطيني، فتابع الجميع، قناة الجزيرة بقطر، تجري عشرات اللقاءات مع القيادات الفلسطينية، تفتح شهيتهم وعاطفتهم لشتم السلام وسب الدول التي قررت إتخاذ قرارات سيادية محضة، منذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 13 اغسطس 2020 عن رعايته للإتفاقية الإبراهيمية، بين الإمارات وإسرائيل.
تمكنت قطر، عبر قناة الجزيرة، وعبر الإتصالات والتنسيق مع الفلسطينيين، من ترسيخ “الرفض الفلسطيني”، فأدخلتهم بسرعة في دوامة من الوهم الزائف، فوجدوا أنفسهم على منصات الشتم والسب، تلك التي تلهب قلوب الجماهير، التي تم حشوها جيدا، بالعاطفة التي لا تقدم ولا تؤخر.
يمكن أن يجد المحلل والمتابع بدقة متناهية، لحيثيات المشهد، كيف دفعت قطر القيادات الفلسطينية نحو مصيدة الرفض، وإحكام القبضة عليهم، في مشهد كاريكاتوري، يدلل على الدور القطري الصغير، الذي تم تخطيطه ذات مساء، لمحاصرة الفلسطينيين وعزلهم عن الإجماع العربي، الذي أيّد بقوة غير مسبوقة الخطوات الإماراتية بل وقدم الدعم اللوجستي الكامل لها.
قد لا يكون المطبخ السياسي الذي دفع للرفض الفلسطيني قد تنبه إلى خطورة عزل الفلسطينين لكنه كان يقصد التوجيه للتعبئة الشعبية العاطفية، على سبيل الحياء ممن ولد وعاش في ظل الحديث عن الحرب والقتل والدماء، والذين لم يفهموا لغة الحوار والسلام يوما، وليس لديهم الجرأة لمجرد نطقها، على سبيل التجربة.
الحقيقة التي سيذكرها التاريخ، بعد مئة عام على الأقل، هو أن المجتمعات في منطقة الشرق الأوسط، وبعد سبعين عاما من الصدام مع الجانب الإسرائيلي، قد انقسمت إلى كتلتين، واحدة صغيرة عاطفية شعبوية، لا تمتلك سوى التصريحات والبيانات والتهديدات الفارغة، وكتلة كبيرة، تتمثل في السواد الأعظم من الدول والشعوب العربية، والتي سئمت الصراع والحروب، وسئمت من الذين يترزقون منها، فاختارت طريق السلام، آملا أن تجد الأجيال القادمة، الأرض والمناخ الملائمين، للتحول الجذري إلى شعوب منتجة متقدمة.
في الحالتين، وقعت القيادات الفلسطينية في مصيدة الرفض، ومع أنه من السهل الخروج منها، بقرار شجاع يفهم ويتفهم ما يحدث على أرض الواقع، ويستطيع إستشراف المستقبل، ومع ذلك، فإن الجهلاء الذين خططوا ونفذوا “الرفض الفلسطيني” لن يسمحوا بخروج القيادات الفلسطينية بسلام.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن