لم يكن لقائي مع معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، الأسبوع الماضي، لقاء صحفيا تقليديا مع شخصية إعتبارية لها وزنها وثقلها فقط، بل كان لقاء مع خبير إستراتيجي أمني، ضليع في قراءة كتب الجماعات الإرهابية وتحركاتها، قبل تأليفها، فقد كان له السبق الأول، في الوطن العربي، في الإشارة إلى نوايا الإخوان المسلمين، قبيل ثورات الربيع العربي المشؤومة في العام 2011، وكان أول من حذر من الإخوان الإرهابيين وتوجهاتهم في السيطرة على تونس ومصر، ومآربهم الخبيثة آنذاك.
حينها، لفت إنتباهي، وإنتباه الجهات ومراكز الدراسات العالمية والعربية ما يقوله الفريق خلفان، ولكن تلك الموجة، المصحوبة بالعاطفة المزيفة، تجاه ثورة 25 يناير المزيفة، جعلتنا جميعا، لا نستوعب الحقيقة، ولا نرى أبعد من تلك المشاهد التي تم تخطيطها وطبخها في المعامل الإستخبارية، يوم انقض القرضاوي، رئيس ما يسمى بإتحاد علماء المسلمين، على ثورة يناير، وامتطى متنها، وراح يجير تلك الثورة لصالح الإخوان المسلمين، فلم يتضح لنا حقيقة التمويل الذي يختبأ وراء ذلك، والمخططات المرعبة التي تنتظرها.
سألت الفريق ضاحي خلفان، الذي شغل منصب قائد الشرطة في دبي منذ العام 1980 ولغاية 2013، كيف فهم تلك المخططات التي إختبأت في الدهاليز والغرف المظلمة، وهل كانت قراءته لمسارات الإخوان مجرد تنبؤات أم كان يعلم ما يخفون في الصدور؟ فأجاب بأنه ومنذ طفولته، كان يهتم بالقراءة عن التنظيمات الإرهابية، خاصة السرية، أو التي تعمل بالخفاء، وكان مهتما بنشأة تنظيم الإخوان وتطور الجماعة وإمتدادها وكان يرصد تحركاتها في الوطن العربي، وقد خلص إلى نتيجة مبكرة أن الحزب المرخص، في بعض الدول العربية، والممنوع في دول أخرى، يستند إلى تنظيم سري، لديه تاريخ حافل بالمؤامرات والإغتيالات، حسب منهجهم السري الذي وضعه حسن البنا، وفي اليوم الأول، لوفاة البوعزيزي في تونس، أدرك أن الإخوان سيتحركون، وأنها كانت فرصتهم التاريخية الوحيدة، وقد لاحظ أن قناة الجزيرة، التي يعلم أهدافها، قد تحركت فورا، وبزخم منقطع النظير، فتوقع إمتداد تلك الأحداث إلى مصر واليمن وليبيا وسوريا، فبدأ بالتحذير، خاصة من سقوط نظام الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، الذي ضمن استقرار أمن مصر لسنوات طويلة، في يد الإخوان المسلمين.
قال الفريق ضاحي خلفان، الذي كتب عدة مؤلفات حول “كفاءة الأداء الشرطي”، أن خطورة التنظيمات التي تعمل في السر والخفاء ولكنها ترتدي قناعا مجتمعيا دينيا كالإخوان، أخطر بألف مرة من الجماعات المتطرفة التي تعلن عن نفسها وأعمالها الإرهابية كالقاعدة وداعش وغيرها، وخطورة الأولى تكمن في التغلغل شعبيا وتحطيم الأجيال داخليا والعبث بعقولهم وتغيير ولائهم والدخول إلى مفاصل الدولة لتفكيكها، أما الثانية، فيسهل معرفة نواياها لمحاصرتها والقضاء عليها، والدليل أن ما حدث بمصر حين سيطر عليها محمد مرسي والإخوان ثم تبين أن ولائهم ليس لمصر بل لتركيا وقطر، وكذلك الأمر في تونس وليبيا واليمن، وما زال إخوان اليمن، تحت مسمى الإصلاح، يعيثون فسادا وخرابا، وكذلك إخوان ليبيا، تحت مسمى حكومة الوفاق.
سألت الفريق خلفان عن اليمن، خاصة بعد إتفاق الرياض، ووجود الأمل أن تعمل الحكومة الشرعية مع المجلس الإنتقالي الجنوبي، لتوحيد الجهود ومحاربة الحوثية المدعومة من إيران، فقال إن تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن، الذي يعمل مع كل من الحوثية من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى، لن يسمح بتنفيذ الإتفاق، ولن يحدث أي تقدم إذا لم يتراجع الإخوان عن علاقتهم السرية والعلنية بتركيا وقطر، ويقطع الحوثي صلته بإيران.
تحدث الفريق ضاحي خلفان أنه وبعد ثورة الربيع العربي المشؤوم، وبعد الخراب وعدم الإستقرار الذي حل في دول عربية، بسبب الجماعات المتطرفة، وبسبب تدخلات تركيا وإيران، لذلك فقد أختلفت التهديدات في الأمن القومي العربي، وأن إسرائيل لم تعد تشكل خطرا، لذلك فإن خطوة إتفاقية السلام، الواثقة الجريئة، التي قامت بها الإمارات، هي خطوة صحيحة وفي التوقيت الصحيح، وأن الإمارات قد أخذت على عاتقها قيادة العالم العربي أجمع إلى التسامح والتعايش مع الآخر.
وللحديث بقية..
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولاتعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن