تجددت الاحتجاجات في العراق , واشهر قليلة تفصلنا عن موعد الانتخابات.. في هذه الفترة الزمنية الحرجة يكشف الرئيس العراقي برهم صالح عن أن هناك 150 مليار دولار هُربت إلى خارج العراق من صفقات الفساد.. تصريح مفاجىء لسياسي تولى مناصب حكومية بارزة في العرق، اخرها رئاسة الجمهورية وما زال، وعليه فإنه يعلم قطعا بالفساد الذي نخر العراق ومؤسساته منذ سنوات، وهنا تكثر الاسئلة ..لماذا اختار صالح هذا التوقيت بالذات, هل هي دعاية انتخابية أم تبرأة ذمة امام المحتجين, أم أن كل شي بات مكشوفا , ووجب عليه أن يقولها صراحة.
صالح خلال إعلانه عن الاموال المسروقة من العراق, قدم مشروع قانون لاسترداد عائدات الفساد إلى البرلمان، لاستعادة الأموال ومحاسبة المفسدين وتقديمهم للعدالة. بعد تصريحات صالح ..ونفس الاتجاه اعلن النائب عن ” سائرون” بدر الزيادي أن الأيام المقبلة ستشهد الاطاحة برؤوس فساد كبيرة بينهم محافظون ووزراء سابقون..الحديث عن مكافحة الفساد وتنظيف الواقع العراقي من فاسدين وسارقين اصبح وسيلة انتخابية اخرى هذه الأيام،،
الزيادي لم يكتفِ بهذا التصريح بل أضاف أن ” سائرون” لا مانع لديها من ولاية ثانية لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ..هنا يظهر سؤال اخر..لماذا ايدت ” سائرون” وفجأة ايضا ولاية ثانية للكاظمي؟ اختلفت الاجابات بين المدونين حول هذا التأييد, فمنهم من قال إن “سائرون” خسرت ثقة الشعب , وحظوظها في الانتخابات باتت ضئيلة بعد أن كانت تحلم برئاسة الوزراء, ومنهم من عزى ذلك إلى تصريحات الكاظمي التي مدح بها مقتدى الصدر, ففي مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز الشهر لقّب الكاظمي الصدر خلال حديثه وتصريحاته الصحفية بـ “سيد المقاومة” , ممازحا أحد الصحفيين ومستخدما اللهجة العراقية قائلا ” وعلى عناد الجميع سيد المقاومة”.
واضاف الكاظمي أن الصدر اوصاه بالعراق ولم يتدخل في تعيين اي شخص في الحكومة , ونفى الكاظمي ايضا تعيين اي وزراء تابعين للتيار الصدري على الرغم من أن مصادر سياسية اكدت أن وزير الصحة حسن التميمي ينتمي للتيار الصدري..هذه التصريحات كانت على ما يبدو لكسب ود الصدر , والحصول على دعم شيعي، خصوصا أن احزابا وكتلا سياسية لم ترغب في الكاظمي , بل وتتهمه بالتعاون مع الولايات المتحدة لقتل “قاسم سليماني”..فهل سيكون الصدر سندا للكاظمي في ولاية ثانية, أم أن الكاظمي سيكون سندا للصدر الذي تهالكت شعبيته..أو الاحتجاجات ستقلب الموازين..
جهات سياسية اتهمت ” سائرون” بمحاولاتها عرقلة اجراء الانتخابات في موعدها ,علما بأنهم خسروا مؤيديهم ودعمهم الخارجي ايضا..وسيتخذون من الاوضاع الأمنية ذريعة ، بل سيسعون لتدهور الاوضاع اكثر وبث الفوضى…هذه التحليلات زاد من دقتها تصريح القيادي في تيار الحكمة رحيم العبودي الذي ذكر أن هناك نوايا لتأجيل الانتخابات من قبل جهات سياسية تعلم أن حظوظها انتهت في الشارع العراقي ..
ويتساءل البعض هل سيركب الصدر موجة “تظاهرات أيار” لكسب الشارع من جديد، مثلما فعلها في السابق أو أنها ورقة وانتهت..العبودي اشار إلى سيناريو آخر محتمل هو توجه بعض القوى السياسية نحو إعلان حكومة الطوارئ خلال المرحلة المقبلة , وعدم إجراء انتخابات بسبب سيطرة هذه الجهات على الحكومة الحالية , وتريد الحفاظ على نفوذها ومصالحها الحزبية والسياسية لا سيما الذين لديهم دولة عميقة داخل الدولة.
ومع كل هذه السيناريوهات , أعلن تيار “المرحلة” الذي تشكل من سياسيين وناشطين وصحافيين مقربين من الكاظمي, أنه تم تجميد اعماله , وهذا يعني عدم ترشح مصطفى الكاظمي لولاية ثانية , وأن التيار انسحب من السباق الانتخابي..وليس أمام ” سائرون” الآن الا حكومة طوارئ لتحافظ على الكاظمي لتسيير مصالحها.
اما معارضو الحكومة ومؤيدو الاحتجاجات والتغيير في النظام الساسي في العراق , فقد طالبوا عبر مواقع التواصل بمقاطعة الانتخابات لانها مزورة من الاساس ومقسمة بين الأحزاب على اساس المحاصصة الطائفية.. يعني تقسيم الكعكة جاهز, لكنه بانتظار التنفيذ , أما الانتخابات فستكون شكلية فقط ما لم تتدخل الامم المتحدة وتشكل لجنة مراقبة دولية…
ويوجد حاليا 3525 مرشحا للانتخابات النيابية العراقية، موزعين على مئات القوائم والأحزاب، الكثير منها من كان مشاركا في النظام السياسي العراقي.
ومن المقرر أن تجري الانتخابات في أكتوبر المقبل، لكن مخاوف سياسية وأمنية، وإحباطا شعبيا عاما، قد تتسبب في تاجيلها أو انخفاض في نسب المشاركة.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن