ثناء فاروق فنانة نقلت اليمن إلى هولندا
ثناء فاروق، مصورة يمنية محترفة حصلت على عدة جوائز عالمية منها الجائزة التي حصلت عليها مؤخرا، وهي جائزة الكتاب الأول في مهرجان فوتو وين للتصوير في فيينا 2022. فكيف حققت ثناء كل هذه الإنجازات، وكيف كانت البداية.
تقول ثناء “ولدت، وترعرعت في اليمن، غادرت اليمن في سن 16 للدراسة في مدرسة ثانوية دولية في كندا؛ لاحقاً، أكملت تعليمي في الولايات المتحدة، ولندن. ثم استقريت في هولندا منذ أربع سنوات”.
في عام 2014 عادت ثناء إلى اليمن بعد إكمال دراستها الجامعية في الولايات المتحدة، انجذبت ثناء للفن، والتصوير الفوتوغرافي، وبدأت هوايتها في التصوير “كانت الكاميرا أداة لإعادة الاتصال، لإعادة اكتشاف هويتي في المنزل. كما كنا -وما زلنا- أقلية صغيرة من المصورات في اليمن. كان إمساك الكاميرا في ذلك الوقت شكلاً من أشكال التمكين”.
والدتي أكبر داعم لي
بالإضافة لزوجها ومعلميها الذين دعموها لاحقاً إلا أن أول داعم لثناء كان والدتها، حيث أن والدتها خلال رحلتها المبكرة للعمل في التصوير حرصت على مرافقتها بشكل متواصل لتعزيز ثقتها:
“كانت والدتي تقف طوال الوقت تراقبني من بعيد. كان هذا يعطي إحساساً كبيراً بالراحة”.
عملت ثناء في اليمن بشكل أساسي في المهام، والتكليفات، لكن في عام 2015 عملت في مشروع بعنوان (نساء مثلنا)، وهو مشروع طويل المدى ركز على تجارب النساء أثناء الحرب.
ولكن ثناء اضطرت لمغادرة اليمن عام 2016؛ “كان عدم القدرة على متابعة شغفي هو التحدي الأكبر بالنسبة لي، فقد وصلت إلى نقطة لم أعد قادرة فيها على حمل الكاميرا بسبب الظروف الحالية في اليمن. شعرت أنني لم أعد موجودةً”.
صوري هي طريقتي للرد على التغييرات التي شكّلت حياتي
نرى في إحدى صور ثناء امرأة تقف أمام الشباك في غرفة مظلمة، وبصيص ضوء خافت يأتي عبر هذا الشباك. وانعكاس المرأة يظهر على الجدار.
تعبّر ثناء في صورها عن كل ما مرت به من سنوات الحرب التي عاشتها ثم التغييرات التي طرأت على البلد الذي جعلها تشعر فيه بأنها غريبة “أعمل في التصوير الفوتوغرافي، والنصوص، والصوت، وجسدية الصورة نفسها كطريقة للرد على التغييرات التي شكلت حياتي، وعن وشعوري بالانتماء في كل من اليمن، وهولندا”.
النساء هن المحور الأساسي في مشاريع التصوير الفوتوغرافي لدي ثناء وتدعمهن بطرق مختلفة: “التصوير الفوتوغرافي لديه القدرة على الإشارة إلى المشاكل (انظر هنا، هناك ألم هنا)، وهذا هو أساس عملي، وما أفعله. أشير إلى الألم، والمشكلة.
في هذا الصدد، أشاركهنَّ معاناتهنَّ، وأسمح لنفسي أن أكون في فضائهن، وأروي قصصهن. كما أنني كثيراً ما أشركهن، وأطفالهن في عملية الإعداد من خلال مشروع التصوير التشاركي.
أنا لا أقوم بمشاريع عن النساء، بل أقوم بمشاريع مع النساء، وهذا ما يمنحهن إحساساً بالشراكة، ويصبحنَ مؤلفات قصصهن الخاصة”.
تواجه الفنانات المصورات تحدياً للحفاظ على مساحتهن في هذه الصناعة التي يهيمن عليها الذكور.
تشرح ثناء كيف أن هناك الكثير من المحررين يفضلون إرسال المصورين الذكور إلى الميدان بدلاً من النساء، تقول ثناء “كما تكافح المصورات في جميع أنحاء العالم من أجل الحصول على دخل مساوٍ للرجال.
في اليمن، تكافح الفنانات من أجل الوجود في المقام الأول، وأن يتم أخذهنَّ على محمل الجد، ومنحهنَّ فرص الازدهار، وإظهار أعمالهنَّ، والوصول إلى الفرص التعليمية. في حين أن الحرب أصبحت دافعاً كبيراً، ويمنح الإلهام للتعبير عن الذات والإبداع، إلا أنها تحدهنَّ من التواصل مع جمهور أكبر، ونشر أعمالهنَّ” .
بين اليمن وهولندا
إلى جانب موهبتها، ومشاركة أعمالها في المهرجانات تقوم ثناء بتدريس التصوير في الأكاديمية الملكية للفنون في لاهاي في هولندا “لقد عملت بجد لتأمين لقمة العيش هنا، وأنا ممتنة للفرص التي منحتها لي هولندا للحفاظ على عيش مستقر وآمن.
ولكنني بالتأكيد ما زلت أواجه صعوبات العيش بعيداً عن عائلتي، وهذا هو التحدي الأكبر بالنسبة لي، لا يمكنني العيش بسلام بينما تواجه عائلتي مصاعب الحرب”.
تؤمن ثناء بأن حياتها في اليمن وهولندا كلاهما ساهم في ما هي عليه الآن، ففي اليمن طورت رغبتها في التعبير، والإبداع، والتصوير الفوتوغرافي الذي أصبح الأداة المختارة لتحقيق ذلك “الطريق لم يكن ملونًا دائماً، ولكن هذه التجربة عمقت من فهمي للقضايا التي أحاول معالجتها في عملي.
لقد منحني العيش في الخارج الأمان بالتأكيد، وأتيحت لي الفرصة للحصول على درجة الماجستير في التصوير الفوتوغرافي.. كان هذا حلماً بالنسبة لي”.
“مكان ما كا الوطن” مشروع لدعم الفنانين في اليمن
رغم أن ثناء رحلت من اليمن إلا أنها لازالت تدعم الفنانين الذين يعيشون هناك، “هناك مواهب رائعة في اليمن، لا يمكن لأي شخص أن يتخيلها، لكنهم ما زالوا يفتقرون إلى مهارات التحقيق، والمعرفة التقنية اللازمة للتقدم في عالم رواية القصص المرئية، ومجال التوثيق، والمتغيرة باستمرار.
هذا مجال اكتسبت فيه الكثير من الخبرة على مر السنين، وأعتقد بأن بإمكاني المساعدة فيه. أقدم العديد من ورش العمل في مجال التصوير في اليمن، وأنا حاليًا مرشدة في معهدGoeth في برامج الشبكات الثقافية في اليمن.
أنا أيضًا مؤسسة لمشروع “مكان ما كا الوطن” حيث أقوم بإنشاء ثنائي تعاوني بين فنانين يمنيين، وهولنديين. يجلب المشروع رسامين، ومصورين، وكتّاب، ومصممين، وما إلى ذلك. كل ثنائي يعمل مع قرينه، ويبني روابط عبر عملهما الخاص مما يخلق سرداً أكثر ثراءً من الفروق الدقيقة، ورواية القصص”.
أم جديدة ومشاريع قادمة
بالإضافة لموهبتها في التصوير تعتبر ثناء الكتابة طريقة لمعالجة مشاريعها، والمواضيع المهمة، والتفكير فيها.
“ألعب بالكلمات مثلما ألعب بالأضواء، والظلال. هدفي دائمًا هو إنشاء صورة ذهنية باستخدام الكلمات. لم أنشر رسمياً أياً من كتاباتي، لكنني أنوي أن أفعل ذلك في الفترة المقبلة.
تعمل ثناء حالياً على مشروع يستكشف الروايات الشخصية، والمشهد العاطفي المعقد لحياة مجموعة صغيرة من الشابات اللائي يعشن في المنفى في هولندا. “ينعكس العمل على رحلات حياتنا.
العديد من هؤلاء النساء، بمن فيهم أنا، في مراحل من الحياة حيث يواجهن تحديًا لبناء هويات ضمن سياقات ثقافية جديدة، وجغرافيات قوة، وكذلك داخل ذكرياتهن من تصورات الحنين للماضي . هدفي هو استكشاف منظورنا الداخلي العاطفي في ضوء التغييرات التي نمر بها”.
ستعرض ثناء أعمالها في منتصف مايو القادم في متحف الصور في هولندا، عملها سيعرض بعنوان “أنا لا أعرفني بظل”.
الكثير ربما يعرف عن نجاجات ثناء ولكن قلة يعرفون أنها أصبحت أماً لأول مرة، وتعمل على خلق توازن بين حياتها العملية، والأسرية، تقول ثناء مبتسمة “في هذا الصباح كنت أنهي الموعد النهائي لعملي أثناء إرضاع طفلي. أنا أم جديدة، وأولويتي الآن هي إتقان فن تعدد المهام”.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولاتعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن