مرتزقة الفاغنر متهمون بارتكاب جرائم ضد المدنيين
عندما شنت روسيا غزوًا غير مبرر على أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير، ظن فلاديمير بوتين أن الحرب ستكون سهلة وستسغرق بضعة أسابيع بالحد الأقصى. الآن وبعد شهرين، وفي ظل المقاومة القوية وغير المتوقعة من الأوكرانيين، أصبح لزامًا على روسيا أن تقلص أهدافها بشكل كبير.
في حين أن روسيا ليست معزولة كما يصورها البعض وذلك بسبب الدعم من الصين والهند وباكستان والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية ونصف إفريقيا، إلا أنها تواجه عقوبات غربية واسعة النطاق. وقدم الغرب بأسره مساعدة عسكرية متزايدة ومهمة لأوكرانيا. ومن هنا، يريد بوتين لهذه الدول أن تدفع الثمن.
حالها كحال جميع الأنظمة المارقة بما في ذلك حليفها الإيراني، الذي يرجح أن تستخدم روسيا أسلحة غير متكافئة مثل الإرهاب لمهاجمة أعدائها. قد يستخدم بوتين أي وسيلة متاحة لاستهداف الدول المعادية، على الأرجح من خلال شركته العسكرية الخاصة الشخصية بحكم الأمر الواقع، مجموعة فاغنر.
تعتبر المجموعة أقوى ورقة تلعبها روسيا في الحرب غير المتكافئة. بدأت الشركة أعمالها في أوكرانيا منذ ست سنوات. وقد عززت وجودها لتشمل 28 دولة اليوم، بما في ذلك 18 دولة في إفريقيا، في حين كانت تتواجد في أربع دول في العام 2016. لا تقتصر الفاغنر على ملاحقة الأهداف العسكرية فحسب، بل الأهم من ذلك أن بوسعها ملاحقة المدنيين بمن فيهم الصحفيين في أي من الدول الثماني والعشرين.
لا شك بأن المملكة المتحدة هي الحليف الأقوى لأوكرانيا وقد ثبت ذلك من خلال تزويدها بكميات كبيرة من السلاح ووجود القوات البريطانية الخاصة لتدريب الجنود الأوكرانيين إضافة إلى الزيارة الجريئة إلى كييف التي قام بها رئيس الوزراء بوريس جونسون، حيث سار مؤخرًا في شوارع العاصمة المخيفة مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي. عقب ذلك، قرر فلاديمير بوتين منع جونسون ووزراء مرموقين من دخول روسيا. مؤكد أن بوتين سينتقم من المملكة المتحدة بطريقة أو بأخرى وإحدى الوسائل لتحقيق ذلك هي مجموعة الفاغنر.
في العام 2021 ، رأت المملكة المتحدة أن روسيا تمثل أكبر تهديد قائم على الدولة بسبب توغلاتها العدوانية المتكررة في المياه والمجال الجوي للمملكة المتحدة واستعدادها لاستخدام القتل الذي تجيزه الدولة ضد المعارضين في المملكة المتحدة. ولإثبات قسوة بوتين، الجدير بالذكر أن روسيا قد استخدمت بالفعل أسلحة كيميائية على الأراضي البريطانية لاستهداف المعارضين بما في ذلك والد سكريبال وابنته في ساليسبري في العام 2018،والتي أودت هذه العملية بحياة مواطن بريطاني ولكن كان من الممكن أن يكون الأمر أكثر فتكًا.
ما كانت روسيا لتتردد في تنفيذ هجمات في المملكة المتحدة ولكن ربما هذه المرة ضد أهداف بريطانية من ضمنها أهداف مدنية أو عسكرية. لذلك يجب أن يؤخذ على محمل الجد التحذير الأخير الذي وجهته وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل من أن الجاسوسات الروسيات اللواتي ينتحلن زي أوكرانيات يمكن أن يشنن هجمات على غرار ساليسبري. وقد أُطلعت باتيل على التهديد من قبل قادة المخابرات والأمن بينما تستعد المملكة المتحدة لاستقبال آلاف اللاجئين.
تشير “إنتل” إلى أن فلاديمير بوتين يستخدم أزمة اللاجئين التي خلقها في أوكرانيا كغطاء لإرسال الجواسيس والقتلة إلى أوروبا على غرار ما فعله داعش في 2014-2015 أثناء التدفق الهائل للاجئين السوريين إلى أوروبا، لكن مالي تعد الموقع المثالي حيث يمكن لروسيا أن تهاجم القوات الدولية منها. في الواقع، للفاغنر دور كبير هناك منذ تعيينها في وقت سابق من هذا العام من قبل المجلس العسكري الموالي لروسيا – حيث تدرب حوالي 80 بالمئة من القيادة الحالية في روسيا من أجل توفير الأمن لكبار.
الشخصيات في النظام المالي والمساعدة في قتال الإرهابيين، مقابل رسم شهري قدره 10.8 مليون دولار، بدون لفت أي أنظار، زار وزير الدفاع المالي ساديو كامارا ورئيس أركان الجيش المالي موسكو في السادس من مارس ليس فقط للقاء نظرائهم الروس والتشاور في ما يتعلق بنقل الأسلحة ولكن أيضًا للتحدث مع القيادة العليا لفاغنر. زيادة فاغنر الكبيرة لعديد المرتزقة في مالي إلى ما لا يقل عن 1000، على الرغم من انتقال الكثيرين من سوريا وليبيا للقتال في أوكرانيا، خير دليل على أهمية مالي بالنسبة لموسكو.
قبل أيام، أطلقت طائرة هليكوبتر تابعة للجيش المالي يقودها على الأغلب مرتزقة فاغنر الروس، ستة صواريخ بالقرب من أعضاء بريطانيين تابعين “لقوات بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي” (مينوسما). ويبلغ قوام البعثة 15 ألف جندي وهي متمركزة في مالي. تعد هذه الحادثة الأولى من نوعها بين مالي المدعومة حديثًا من القوات الروسية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، هل كان هذا مجرد حادث؟ أم تحذير للمملكة المتحدة؟ أوهجوم لم يصب الهدف من قبل الفاغنر؟
في سياق حرب أوكرانيا، كان من الممكن أن تحاول روسيا من خلال الفاغنر الانتقام من المملكة المتحدة. في هذه الحال، قد تتصاعد الأمور بوتيرة سريعة وقد تستهدف روسيا أيضًا دولًا أخرى مثل الولايات المتحدة.
في حين أن الحرب مقتصرة على أوكرانيا الآن، إلا أن بوتين لن يتردد في التوسع بها عبر حرب بالوكالة، على الأرجح في إفريقيا. يجب على الغرب أن يراقب عن كثب خدع بوتين في منطقة الساحل. في هذه الحالة، يصبح إدراج واشنطن لروسيا على قائمة الدول الراعية للإرهاب حتميًا وقد يُفرض على موسكو عقوبات مشددة مثل اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات اقتصادية ضد الدول التي تواصل التعامل مع روسيا.