العراق.. حكومة الأغلبية.. غرضها الإصلاح أم التفرد بالسلطة؟
بعد ظهور نتائج انتخابات 10/10/2021 في العراق التي اكتسح فيها التيار الصدري عن الشيعة وتحالف السيادة عن السُنة والحزب الديمقراطي الكردستاني عن الكرد وأسسوا تحالفا تحت عنوان “تحالف إنقاذ الوطن” أرادوا فيه كسر الأعراف السياسية والتمرد عليها عن طريق تشكيل حكومة الاغلبية التي يتولى فيها تحالف معين مهمة تشكيل الحكومة ويكون المسؤول الوحيد عنها يُحسب له نجاحها ويتحمل لوحده فشلها وتذهب الاحزاب الاخرى للمعارضة،
الأغلبية نقيضة حكومة التوافقية التي يشترك فيها الجميع و يعارضها الجميع ويضيع دمها بين القبائل لكن الواقع يقول إن التوافقية تعزز لغة الإفلات من العقاب لأن محاسبة أي جهة على أي خطأ أو تقصير تعني فضح ومحاسبة الآخرين وهذا ما لن تسمح به القوى السياسية ولذلك هي الخيار الأنسب لإدارتهم الفاشلة لمؤسسات الدولة
ولاقت حكومة الاغلبية قبولًا من الشارع العراقي الذي لم ير في عهد التوافقية على مدى تسع عشرة سنة سوى الفشل والفساد وسوء الادارة والتهرب من المسؤولية لكن قوى الإسلام السياسي التقليدية مثل نوري المالكي وقيس الخزعلي وعمار الحكيم وأخرين اعتبروا أن هذا تفرد بالسلطة مع العلم أن أول من طرح فكرة حكومة الاغلبية قبل سنوات المالكي الذي هو الآن أشد المعارضين لها وهذا يعني أن هذه الاحزاب تناقض نفسها و لا تثق ببعضها البعض وليس لديها استعداد للتفريط بأي مكسب و ولن تسمح للصدر التحكم بهم او العكس لأن ذلك يعني أنهم سيكتبون نهاية النظام السياسي بالدم!واشتباكات المنطقة الخضراء ومحافظة البصرة التي وقعت بين مناصري الإطار التنسيقي والتيار الصدري شاهدة على ذلك
مَن المسؤول عن انهيار التحالف الفولاذي؟
حكومة الأغلبية وؤدت قبل أن تتشكل على يد الثلث النيابي المُعطل الذي يضم الحاصلين على أقل الأصوات في الانتخابات او بالاحرى “الخاسرين” كسروا النصاب عدة مرات وعطلوا جلسات البرلمان وقالوها صراحة لن نترك الصدر يتفرد بالسلطة وسنشارك الجميع في الحكومة المقبلة وتقسيم المغانم وإلا فلن تُعقد أي جلسة وعلى أثر ذلك انسحب رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر من البرلمان والعملية السياسية برمتها ،وترك حلفائه يواجهون مصيرهم فلم يكن أمامهم إلا طريق العودة إلى التحالفات التقليدية أو اللحاق به والانسحاب!
من الذي تخلى عن الآخر؟ الصدر ام حلفائه؟
حاول حلفاء الصدر إقناع الصدر بالعدول عن قرار الانسحاب لكن بلا جدوى وهنا بدأ التصدع.. فالسيادة والديمقراطي الكردستاني لا يريدون التخلي عن الصدر ولكن ليس لديهم الرغبة باللحاق به في خط المعارضة وترك الجمل بما حمل لغرمائهم السياسيين وهذا يعني أن تحالف إنقاذ الوطن لم يكن فولاذيا ولا استراتيجيا ولو كان كذلك لما تفكك.
وفي هذه اللحظة تأكد الجميع أن كل الطرق تؤدي الى إعادة إحياء تحالف البناء الذي دخلوا فيه الى جانب بعض قوى السياسية الشيعية بعد انتخابات 2018 الذي انهار مع أول اختبار له في تظاهرات تشرين 2019 فهل سيكون مصير تحالفهم الجديد “تحالف إدارة الدولة” مشابهًا لمصير التحالفات السابقة أم انها بالأساس هي مجرد تفاهمات تحكمها مصالح آنية ولا ترقى لمستوى التحالفات؟
وهذا يعني أن شكل الحكم في العراق لن يتغير بسهولة فلا أحد منهم يريد خسارة المكاسب التي حصل عليها بدون وجه حق و لا احد يريد ان يكون مسؤولا حقيقيا عن ادارة البلد ويحاسب إذا ثبت تقصيره ومن يحاول السير عكس التيار سيواجه مصير الصدر الذي حوصر من الجميع وخسر الحلفاء قبل الأعداء.