في حضن جبل سنجار بالعراق، تنبت قرية من بقايا حجارة طينية كانت في وقت سابق منازل عائلات آمنة في بيئتها، ترعى الغنم وتعتني بالأرض والأشجار المثمرة والخضروات.
وفي يوم من عام 1975، نامت العصافير على أشجار التين ولم تستفق، وديك القرية لم يصدح معلنًا بزوغ الصباح، فقد أُجبر أهالي قرية طيرف على الرحيل منها إلى مجمعات سكنية لا تشبه رائحة أرضهم.
كانت قرية من بين أكثر من 155 قرية أيزيدية جرّفت منازلها وأحرقت مزارعها
قد يموت الأمل، لكن الحياة ستجد شقًا في صخرة جبل أو مأساة، كتلك التي لحقت بأهالي سنجار حين هجم داعش على القضاء عام 2014، وبينما الأهالي في هروبهم الكبير، قرر أهالي طيرف الهروب بالعودة إليها.
صاح الديك من جديد، وفاحت رائحة التنور، وارتدت القرية ربيع عمرها الجديد.
عندما عاد أهالي طيرف إليها كان الجيل الذي هُجّر منها قد شاب وكثيرًا منه قد رحل عن هذه الدنيا، لم يكن شبابها يعرفون أملاك أبائهم ومنازلًهم السابقة، لكن من بقي على قيد الحياة من شيّابها، كانت طيرف محفورة في ذاكرتهم بكل تفاصيلها، ولم يكونوا بحاجة إلى سندات الملكية التي فقدت أصلًا، كانوا دليل شبابها وأطفالها العائدين. هنا كان لنا بيت، وهناك بستان وشجرة تين.
ظل طيرف يستظل أهاليها من جديد
مع عودتهم ليحتموا في ظل طيرف حتى لو كان سقفُهم خيمة لا تقيهم الحر ولا البرد، قرر الأهالي بناء قريتهم من جديد، كانت النسوة السند في البيت والأرض، وشمّر الرجال عن سواعدهم ليبنوا بيوتهم وحياتهم الاجتماعية من دون مساعدات دولية أو محلية.
علاقة إبن جبل سنجار بأشجار التين كعلاقته بالجبل أو ربما هي علاقة ثلاثية يقودها جبل سنجار، وتسقيها يد فلاح عراقي أيزيدي فتنبت له تينًا ذاع صيته، وتسنده الشجرة في مورد رزقه، كما يسند جدار حقله بحجر سنجاري مر عليه التاريخ وبقي هو متجذرًا في مكانه.