أخبار الآن | أضنة – تركيا – (عماد كركص)
من الخامسة صباحا حتى مثيلتها مساءاً، يقضى أحمد الساعات الإثنا عشر بين اللحوم ودمائها كأجير جزار هنا في مدينة أضنة التركية حيث رمته الأقدار والحرب في رحلة اللجوء هو وعائلته، التي أصبح رب أسرة لها مع أن سنوات عمره الستة عشر تجعله بين عداد الأطفال.
يعود أحمد مساءاً إلى منزل اللجوء الذي يضمه هو وأسرته المؤلفة من ستة أشخاص والذي بات المعيل الوحيد لها، بعد أن أنهك المرض والده، ورغم ذلك لا يجد أحمد ضيراً في تلبية مطالب عائلته سوى الحرقة التي خلفها ابتعاده عن المدرسة .
وعن قصته يقول أحمد : فررنا بجلودنا من جحيم الحرب وعند وصولنا لتركيا اضطر والدي لإجراء عملية زرع كبد بعد تلف كبده، وأعطته أمي قطعة من كبدها، وذلك منذ حوالي العامين ، وأضطررت حينها لأن أعمل وأصرف النظر عن الدراسة لكي أعيل أسرتي فعند خروجنا من سوريا كنت في الصف السادس والآن من المفترض أن أكون في الصف العاشر .
ويضيف : أعمل أجير جزار ، وعملي يبدأ من الخامسة صباحاً أذهب إلى "المسلخ" بين الذبح والدماء وينتهي في آخر اليوم، وعشنا في بيتنا خلال رحلة اللجوء حياة صعبة للغاية .
عبد الناصر والد أحمد الذي لم يؤلمه استئصال كبده وزرع قطعة من كبد زوجته التي تبرعت لها بها، بقدر ما آلمه الحال الذي آل إليه فلذة ذلك الكبد، والذي واجه الحياة والعمل الشاق بعمر 13 عاماً بعد أن كان من الأوائل في مدرسته .
عبد الناصر غشيم والد أحمد قال لأخبار الآن : بعد مجيئنا بفترة شعرت بألم وذهبت إلى المشفى وقالولي بأنني أحتاج إلى زراعة كبد، وكان أحمد حينها لم يتجاوز عمره 13 عام ، ولكنه بدأ العمل بورشات الخياطة بأجر بسيط ، ورغم أن الأعباء كبيرة على طفل بعمره إلى أنه استمر في العمل .
تقطع الغصة والدموع كلام أبو أحمد ثم يعود للقول : كان من الأوئل في مدرسته والجميع يحمد سلوكه من المدرسين والجيران وأصدقائه واليوم يصبح أجير جزار ، ما ذنبه !!؟
لا ذنب لأحمد والآلاف من الأطفال السوريين الذين شردتهم الحرب عن بلدهم، إلا أنهم ولدوا في بلد استملكها ودمرها بطش من يسميهم عبد الناصر في إجابته على سؤاله بنفسه .