أخبار الآن | شينجيانغ – الصين (نهاد جريري)
في جولة سياحية بإحدى مدن مقاطعة شينجيانغ في الصين، استطلعت موفدة أخبار الآن جوانب من حياة أبناء الإقليم من أقلية الإيغور المسلمة، راصدة كيف تسعى بكين إلى سلخ أبناء ذلك الإقليم عن هويتهم وثقافتهم.
في الأعوام العشر الأخيرة، تواترت الأخبار عن شينجيانغ والإيغور ووصلت ذروتها بالأنباء عن إمامة الحكومة المركزية في بكين مراكز اعتقال تحتجز فيها ما يزيد على مليون مسلم.
لم تنكر الصين ذلك وقالت إن المراكز ليست للاعتقال وإنما لإعادة التأهيل أو التعليم.
وشاهدنا تقارير أخيراً يظهر فيها المحتجزون وهم يدرسون الصينية وتعاليم الحزب الشيوعي الحاكم ويؤدون الرقصات التقليدية.
فإن كانت تلك الحياة داخل مراكز الاعتقال، فكيف تبدو الأوضاع في خارجه؟
أمضت الزميلة نهاد في إقليم شينجيانغ ثلاثة أسابيع، زارت فيها ثلاث مدن هي: أرومتشي العاصمة، وتوربان، وقشقر العاصمة الروحية.
كسائحة وغير منتظمة مع دليل سياحي أو مجموعة، استطاعت أن أتجول بحرية “نسبية”.
لا تملك إلا أن تحبّ هذا المكان. البلدُ آمن؟ ربما ولكن هذه الحالة تستمر الى أن يسأل السائح عن مسجد.
أين المسجد؟
خلال الأعوام الماضية، هدمت الحكومة الصينية مساجد كثيرة في إقليم شينجيانغ خاصة مدينتي هوتان وقشقر. أغلقت مساجد أخرى. والمساجد التي نجت تفتح فقط وقت الصلاة ولفترةٍ وجيزة. فإن فاتكَ الوقتُ فاتتكَ الصلاة.
على مداخل المساجد بوابة إلكترونية، تقرأ علامات الشخص البيومترية. فإذا كانت ملفاتهم سليمة، سُمح لهم بالدخول. والأهم، يُسجل حضورهم في ملف يتمّ استدعاؤه وقت الحاجة.
الشرطة السرية يدونون أيضاً بيانات المصلين.
منذ عام ٢٠١٦، بدأت الحكومة برفع العلم الصيني فوق جميع المساجد مثل أي متحف أو مؤسسة.
في المقابل، ثمة معبد بوذي في منتزه التلة الحمراء في أرومتشي. المعبد متاح للسياح والمصلين في كل وقت. المحظور هنا هو فقط تصوير التماثيل في الداخل.
الورقة البيضاء
إلى جانب هذه الإجراءاتِ الأمنيةِ المشددةِ على المساجد، يدفعُ الحزبُ الشيوعيُّ الحاكم باتجاه أن الإسلامَ ليس ديناً أصيلاً للإيغور، أو دينَهم الوحيد، وأنهم لا يزالون يؤمنون بمعتقدات زردشتية وبوذية ومانيشية. في يوليو تموز ٢٠١٩، أصدر الحزم الشيوعي الحاكم ورقة بيضاء أو تقريراً حكومياً قال فيه إن الإسلام فُرض على الإيغور بقوة السلاح والقهر؛ وإن الإيغور اليوم لا يشبهون المسلمين ” التقليديين” الذين يؤمنون بإله واحد.
التاريخ
يتوقف الإيغور عند تاريخين كان لهما أثر كبير في تحول حياتهم خلال الأعوام العشر الماضية.
الأول سنة ٢٠٠٩، وفيها اندلعت مواجهات في العاصمة أرومتشي بين السكان الإيغور من جهة والسكان الصينيين الهان ومعهم قوات مسلحة أرسلتها بكين من جهة أخرى.
مئتا شخص قتلوا في هذه الأحداث وقالت الحكومة الصينية وقتها إن معظمهم من الهان. المواجهات كانت رد فعل على مواجهات أخرى وقعت بين عمال إيغور وصينيين في مقاطعة (غوانغ دونغ).
التاريخ الثاني هو ٢٠١٧ عندما وسّعت الحكومة الصينية بناء معتقلات قالت إنها لإعادة تعليم أو تأهيل من يملكون أو قد يملكون نزعات متطرفة. وكان مسؤولاً عن هذا التصعيد (تشين غوان جو) القيادي في الحزب الشيوعي الحاكم. (تشين) تولى إدارة الإقليم في النصف الثاني من ٢٠١٦. وهو رجل متشدد أدار سياسة إخضاع مماثلة في إقليم التيبت.
برنامج “مدني”
رصدت موفدة أخبار الآن كيف تسعى بكين إلى سلخ أبناء ذلك الإقليم عن هويتهم وثقافتهم، عبر برنامج يدعى “مدني” يجبر النساء على خلع حجابهن والبائعين على بيع الخمور.
وتحدثت نهاد جريري عن الحجاب قائلة: “في شينجيانغ اليوم، الحجاب هو قطعة صغيرة من القماش، أشبه بمنديل شفاف، مزخرف وبرّاق، يُربط إلى الخلف، ليكشف العنق وأحياناً الأذنين”.
وتؤكد موفدة أخبار الآن بحسب ما استطلعته في إقليم شينجيانغ، أنه في عام ٢٠١١، أطلقت الحكومة الصينية في ذلك الإقليم، برنامجاً تحت مسمى “مدني”، مدعية أنه يتضمن منهاجاً يساعد الإيغور على تعلم “الحداثة والمدنية” في العيش.
وبدأ البرنامج بمشروع اسمه “الجمال”، وفيه رُسمت لوحات جدارية في الشوارع والحارات تدعو النساء إلى خلع الحجاب وتصور المحجبات بأنهن شريرات وجالبات للموت والهلاك.
وأقامت السلطاتُ نقاطَ تفتيش في الشوارع لاستجواب المحجباتِ، وقامت كذلك بتسجيل أسمائهن، وإجبارهن بعد ذلك على خلع الحجاب، وإذا لم تخلع المرأة الحجاب و تكررَ اسمُها ثلاثَ مرات، تُحتجز لفترة قد تصلُ إلى أسبوعين.
لاحقاً، صدرت تعليماتٌ بمنع دخولِ المحجباتِ والملتحين إلى المؤسساتِ الحكومية، والمستشفيات، والمدارس وحتى المحاكم.
وتؤكد موفدة أخبار الآن، بأنه في الوقت الراهن، تمت إزالة الشعاراتِ المتعلقةَ بخلع الحجاب، فلم يعد ثمةَ حاجةٌ لذلك. وفي ألفين وسبعة عشر أصبح خلعُ الحجاب بشكله التقليدي واجباً وتُعاقبُ المخالفات بالحبس في المعتقلات التي يقول عنها الحزب الشيوعي الحاكم إنها مراكز تأهيل وإعادة تعليم.
منع وضع علامة لتمييز اللحم الحلال
منذ عام ألفين وستة عشر ، منعت الحكومةُ الصينيةُ وفق برنامج “مدني”، وضعَ علامةِ “حلال” على المنتجاتِ الغذائية. وكانت سابقاً تُطبع العلامة بالصينية والإيغورية وهي لغة تركية تُكتب بأحرف عربية.
وروّجت السلطاتُ للأمر بأن اللحم ما دام نظيفاً ومستوفياً الشروطَ الصحية، فهو كأي لحم من نوع آخر. وعلى الجميع أن يتشاركَ في تناوله تماماً كالعائلة الواحدة.
يدركُ الإيغورُ الآن، أن تناولَ الطعام غيرِ الحلال وشربَ الكحول قد يمنحُ الشخصَ الأفضليةَ في حالِ طلبَ أمر لدى السلطات، كالتوقيع على معاملةٍ مهما كانت بسيطة، ولم تسلم المطاعمُ الإيغورية حتى الصغيرة من الإجبار على بيع الكحول حتى في رمضان، خشية أن تفقد تراخيصها.
مصدر الصورة: خاص لأخبار الآن
اقرأ أيضا: