“لا توجد جلسة مقرّرة بشأن ميانمار على وجه التحديد، وما تقوم به الأمم المتحدة الآن هو النظر في التطورات في المنطقة”.. هذا الكلام للمقرر الخاص للأمم المتحدة للحقوق المدنية توم أندروز، لـ”أخبار الآن“، وهو معني بملف ميانمار، يأتي فيما الأمم المتحدة على دراية بكلّ شيء! هي تعرف أنّه حتى تاريخ تسجيل هذه المقابلة، قتل 755 شخصاً، بينهم 50 طفلاً… هي على دراية باعتقال أكثر من 3400 آخرين، فيما تتم ملاحقة 1200 شخص. كما أن الأمم المتحدة تعرف أن ربع مليون شخص فروا من منازلهم زشردوا منذ الأول من فبراير.
لكن رغم كلّ ذلك، لم ترقَ الإدانات الدولية للعنف الذي يحدث في ميانمار، إلى مستوى الفعل الذي من شأنه أن يوقف موجة القتل والإعتقالات بحق المناوئين للإنقلاب العسكري. فيما يطالب الشعب في ميانمار المجتمع الدولي بالحماية. وتقول الناشطو البورمية آيى ذيت زين لـ”أخبار الآن“: “إنّنا نحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات أكثر من مجرد إصدار البيانات. لا يزال الجيش يقتل، ولا تهمنا التصريحات، فنحن بحاجة إلى إجراء، لهذا السبب نطالب بالحماية”.
ثمّة كارثة إنسانية بكل المقاييس في ميانمار، بتوصيف مقرر الأمم المتحدة توم أندروز، الذي قال في مقابلة خاصة مع “أخبار الآن”، إنّ لمشهد على حاله، وليس هناك من قرار حتى اللحظة في أروقة الأمم المتحدة لاتخاذ خطوات عملية، تحقن دماء الشعب في ميانمار.
وقال أندروز: “ثمّة أدلّة متكاملة، فنحن لدينا أدلّة إستثنائية تتضمن صوراً فوتوغرافية ومقاطع فيديو. كما أنّنا على تعاون مع جهات لتأمين تفاصيل ستوفّر معلومات محددة، كما أنّ نوعية الأدلة هذه، نأمل يوماً ما، أن تُستخدم ضمن الإجراءات القضائية لتدين المسؤولين عن تلك الأعمال الوحشية”.
وتابع: “أوّلاً، يحاول المجلس العسكري تقديم ادعاءات مفادها أنّ القضاء على الديمقراطية هو سبيل النجاة. حتى وإن كانت مخالفات الانتخابات حدثت بالفعل، فلا يبرر ذلك بأيّ شكل من الأشكال انتهاك الدستور الذي ألّفوه بأنفسهم”. مضيفاً: “ما زلنا نترقب الأدلّة التي يدّعي المجلس العسكري في ميانمار وجودها، وأنا أعتقد أنّ أياً كان لديهم من تصريحات ليدلوا بها فلن تبرر بشاعة تلك الأمور”.
وقال أندروز لـ “أخبار الآن“: “يعيش الناس في ظلّ إرهاب وخوف في كلّ أنحاء البلاد، ولكن الأفضل للصالح الإنساني هو الإصرار والاستمرار في التحركات المعارضة التي قامت بها مجموعة من الأطباء والممرضين وطاقم الطوارئ وطاقم الرعاية الصحية، ليكونوا مسؤولين عن حركات معارضة ذات أثر فعّال بشكل إستثنائي في البلاد”. وأضاف أنّ “الوحشية التي تمارس لا حدود لها، ورغم ذلك، فإنّ شعب ميانمار ينتفض بأعداد كبيرة في مجتمعات صغيرة وكبيرة للاعتراض على هذا الانقلاب والنظام الحاكم”.
لا قرار حتى الآن
وأردف: “من الواضح أنّ مجلس الأمن لم يتخذ قراراً في ما يخص أزمة ميانمار، كما لم يتخذ أيّ قرار تمهيدي ولم يحدث أي نقاش أو تصويت، فحتى الآن لم تمنع أيّ دولة أو لم تنقض أيّ إجراء اتخذه مجلس الأمن نحو المضي قدماً. ونعرف أنّ دولاً عديدة فرضت عقوبات، على الأقل 40 دولة، ويتمّ النظر في عقوبات أكثر من ذلك، ونعرف أنّه على الأقل تم حظر الأسلحة من قبل 39 دولة، منها أسلحة نارية وتقنية الإستخدام المزدوج”.
وتابع: “الخلاصة، ومن وجهي نظري أيضاً، أن الموقف المثالي بالنسبة للأمم المتحدة هو أن يتمّ اتخاذ قرار، من قبل المجتمع الدولي على خلفية هذه الجرائم الشنيعة التي تُرتكب بحق شعب ميانمار، كما أنه أيضاً يمكننا اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية المسؤولة عن هذه الأعمال الوحشية”.
ما هي الخيارات الممكنة؟
وأوضح أندروز لـ”أخبار الآن“: “ثمّة خيارات عديدة، ألا وهي عقوبات في الأساس سيتمّ فرضها، ويجب أن يتم ذلك بشكل منسق، وسيكون لذلك تأثير أفضل، ما يعني أنّ العقوبات المنظّمة لحظر الأسلحة قد تكون ذات تأثير هائل على النظام الحاكم. أظن أنّه من المهم بالنسبة للدول التي تنوي المضي قدماً، والتي تريد مساندة شعب ميانمار، أن تأخذ بعين الإعتبار مجموعة كاملة من الخيارات، بينها خيارات منظمة ترتكز على فرض العقوبات بحيث تحظر الأسلحة”.
حاجة لإرادة سياسية
وأوضح أندروز أنّ “الأمر يتطلب إرادة سياسية من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة للمضي قدماً، خصوصاً من قبل الأعضاء الدائمين، فنحن بحاجة لأن يتخذ المجتمع الدولي موقفاً، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد جدول محدد لجلسات ستُعقد بخصوص ميانمار على حد علمي”.
إذاً بانتظار الإرادة الدولية، على ما يبدو فإنّ الوضع سيبقى على حاله في ميانمار، حيث لا ثقة بسلطة المجلس العسكري الذي يعمل على إعادة إحياء الحكم العسكري بالدماء.