تتصاعد الأزمة بين الصين وليتوانيا على خلفية قرار الأخيرة فتح مكتب تمثيلي لتايوان، تحت اسمِ مكتب تايوان وليس تايبيه كما جرت العادة، الأمر الذي شكّل استفزازاً للصين التي تعتبرُ تايوان مقاطعة تابعة لها.

  • ليتوانيا مصرّة على المضي قدماً بعلاقاتها مع تايوان ومن المقرر افتتاح مكتبها نهاية العام الجاري
  • مالديكس: على الإتحاد الأوروبي أن يجري محادثات باتحاد وباسم واحد مع الصين 
  • مالديكس: البرلمان الأوروبي يقف بقوة مع ليتوانيا وهو لا يحبّذ الضغط الذي تمارسه الصين
  • مالديكس: الصين ليست شريكاً استراتيجياً بالتكنولوجيا ونتحفّظ كثيراً على الأنظمة الإستبدادية كالصين أو روسيا
  • تحوّل كبير بموقف دول الإتحاد الأوروبي من الصين وهو مختلف عمّا كان عليه منذ 5 سنوات
  • مالديكس: لم نرضخ للضغط يوماً ونحن لا نتراجع أمام الضغوط وهذه ميزة خاصة بليتوانيا
  • ارتفاع بعدد الدول التي تنظر للإستثمارات ورؤوس الأموال الصينية بتحفظ كبير
  • الخطر الصيني الأكبر يتمثّل بالنسبة للأوروبيين برؤوس الأموال الصينية التي تتدفق بداعي الإستثمارات
  • رؤوس الأموال الصينية ستواجه مصاعب بالإستثمار بأوروبا وسينسحب ذلك على مجال التكنولوجيا

 

المواجهة احتدمت أكثر، وكانت خطوة بكين باستدعاء سفيرها من فيلنيوس لافتة للغاية، إذ أنّها المرة الأولى التي تقومُ فيها الصين بذلك مع دولة في الإتحاد الأوروبي، وقد قيّدت التجارة وعلّقت خدمات الشحن بالسكك الحديدية مع ليتوانيا، التي قال وزير خارجيتِها إنّ بلاده لن تتراجع، مع تأكيدِه بأنّه ملتزم بإيجاد حل دبلوماسي للمأزق.

ليتوانيا أكملت خطواتها التصعيدية في وجه الصين، فنصحت مواطنيها بعدم استخدم أجهزة الهواتف الصينية. وبذلك، تكون الصين اختارت المعركة مع ليتوانيا بفتحِ معركةٍ جديدة مع أوروبا، التي بات خطر الغزو الصيني يؤرقها.

فهل تمضي ليتوانيا في تعزيز علاقاتها مع تايوان رغم الضغط الصيني؟ كيف يتطور الأمر في المستقبل لناحية العلاقات بين الصين والاتحاد الأووبي، وما هو الخلل الذي وجدته ليتوانيا في الهواتف الصينية؟ وهل هناك من محادثات جارية بين ليتوانيا والصين على المستوى الحكومي من أجل إيجاد سبيل لمعالجة المشاكل الحالية؟

أخبار الآن التقت النائب في البرلمان الليتواني ماتاس مالديكس، الذي قال: “لقد افتتحنا مكتباً باسم الشعب التايواني. بعد الإنتخابات طُرحت وجهة النظر السياسية الآتية. كانت الأحزاب المكوّنة للحكومة تدعم الديمقراطية وحكم القانون، فقرّرنا أن نمضي قدماً في هذه الإتجاه سواء تعلّق الأمر ببيلاروسيا أو روسيا أو تايوان”.

مالديكس: القرار السياسي بافتتاح مكتب تايوان اتخذ، وهو سيكون باسم الشعب التايواني

وتابع: “أردنا أن نفتتح مكتباً تمثيلياً فيها، وأن يكون لها مكتب في ليتواينا، وهناك محادثات جارية حول هذه المسألة. وقد ارتأت بأن يحمل المكتب إسم الشعب التايواني، ونحن وافقنا على ذلك. هذا هو الواقع، يحمل المكتب إسم الشعب التايواني المقيم في تايوان”.

وعن الحدود التي قد تصل إليها الأزمة، قال مالديكس لـ”أخبار الآن“: “نأمل ألّا تذهب الأمور إلى أبعد ما هي عليه. ما زلنا نعتمد سياسية واحدة مع الصين، فنحن لا نخرق القواعد ونغيّر إلتزاماتنا في هذا الإطار، ما زلنا نعتمد سياسة واحدة مع الصين، لكن لدينا مصالحنا الوطنية، كما لدينا مصلحة إقتصادية في المنطقة، ونريد التعاون مع تايوان على غرار 18 دولة عضو في الإتحاد الأوروبي تملك مكتباً تجارياً في تايوان، ونحن نريد أن يكون لنا المثل”.

ليتوانيا إذاً مصرّة على المضي قدماً في العلاقات مع تايوان، وفي هذا السياق أوضح مالديكس: “نريد أن نفتتح المكتب بحلول نهاية العام الجاري، ونريد أن يكون هناك مكتباً باسم الشعب التايواني في ليتوانيا. لقد صدر قرار سياسي بإطلاق هذا الإسم عليه، إلّا أنّ ذلك لا يبدّل شيئاً في السياسات والديناميات التي نعتمدها في علاقتنا مع الصين. في السابق كانت دول الإتحاد الأوروبي تعتمد نموذجاً يدعى 17 + 1 أي النموذج الذي يضمّ 17 دولة عضو في الإتحاد الأوروبي إلى جانب الصين، فقررنا أن ذلك النموذج سيء، وأنّ الإتحاد الأوروبي عليه أن يجري محادثات باسم واحد مع الصين، لأنّنا نعتقد أنّ هذا الموقف أقوى، وأنّه يرسل إشارة مفادها أنّ الإتحاد الأوروبي موحّد حول قرار واحد في علاقته مع الصين”.

وقال إنّ “الإتحاد الأوروبي مكون من 27 دولة لدى كلّ منها مصالحها الوطنية في علاقتها مع الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية أو دول أخرى. فكل دولة تنظر إلى علاقتها مع الصين بمنظار مختلف. إن منظارنا ينطلق من حقوق الإنسان والديمقراطية وحكم القانون. نريد أن نعزز هذه المسائل، ونريد أن نكون من المنادين بها”.

“الصين ليست شريكاً استراتيجياً في مجال التكنولوجيا، ولدينا تحفظات كثيرة على الأنظمة الإستبدادية مثل الصين أو روسيا”

وأضاف في حديثه لـ “أخبار الآن“: “إنْ نظرتم في قرار البرلمان الأوروبي، تجدون أنّه يقف بقوة إلى جانب ليتوانيا، ويقول إنه يدعم ليتوانيا ولا يحبّذ الضغط الذي تمارسه الصين حالياً على ليتوانيا، وأنّ تلك الطريقة ليست جيدة في التعاطي مع دولة عضو في الإتحاد الأوروبي ودولة عضو في حلف شمال الأطلسي. لذلك أعتقد أنّه سيكون هناك حل طبيعي وسلمي لهذا النزاع”.

وعن الخلل الذي وجدته ليتوانيا في أجهزة الهواتف الذكية الصينية، قال مالديكس: “لدينا تحفّطات كثيرة. فأجهزتنا الأمنية تتعاون مع حلف شمال الأطلسي في المسائل الأمنية، وهي تجد الكثير من الأمور المثيرة للشكوك في المعلومات التي قد ترسلها إلى الصين. نحن لا نريد ذلك، ولا نعتبر أنّ الصين شريك استراتيجي لنا في هذا المجال. نحن دولة عضو في حلف شمال الأطلسي والمؤسسات الأوروبية، ونريد أن نتعاون مع الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي على المستوى التكنولوجي، لكن لدينا تحفظات كثيرة على الأنظمة الإستبدادية مثل الصين أو روسيا”.

وعمّا إذا كانت ليتوانيا تستخدم تلك الأجهزة في قطاع الجيش، قال: “نحن نتحدث عن أجهزة الهواتف الذكية والأجهزة التكنولوجية. في الجيش لدينا هواتف وأجهزة مختلفة لا نشتريها من الصين. كما توجد في أجهزة الجمارك آلات كشف لأنّنا لا نريد أن تأتينا من الصين، هذه الأجهزة وأجهزة الجيل الخامس وما إلى هنالك”.

مالديكس: نحن لم نرضخ للضغط يوماً، ولا نتراجع أمام الضغوط، وهذه ميزة خاصة بليتوانيا

وعن موقف الإتحاد الأوروبي، ردّ مالديكس بالقول: “نرى تحوّلاً كبيراً في موقف دول الإتحاد الأوروبي من الصين على ما كان عليه منذ 5 سنوات. فالآن نشهد تغيّراً ملحوظاً في وجهة نظر معظم دول الإتحاد الاوروبي تجاه الصين سواء ألمانيا أو فرنسا أو دول أخرى، ترى أنّ الصين لا تملك طريقة استراتيجية في التعاطي، وهذا لا يصبّ في مصالح دول الإتحاد الأوروبي القومية. لذلك نشهد تحوّلاً كبيراً، وأنا متأكّد من أنّه في غضون 5 أو 7 سنوات ستتضاءل كثيراً التكنولوجيا التي تأتي إلى الإتحاد الأوروبي من الصين”.

وتابع: “لا تملك الصين تأثيراً كبيراً على ليتوانيا، فصادراتنا إليها تمثل 1% فقط، لذلك نتحلى بالهدوء نوعاً ما. عندما كنّا جزءاً من الإتحاد السوفياتي، كنّا أوّل دولة تعلن استقلالها عن الإتحاد السوفياتي، ولطالما كانت لدينا وجهة نظر مختلفة ولم نرضخ للضغط يوماً، نحن لا نتراجع أمام الضغوط، وهذه ميزة خاصة بليتوانيا. فإنْ خسرت الدولة سيادة قرارها لأسباب تجارية، تخسر سيادتها وأنشطتها التجارية. لذلك نحن نتحلى بالهدوء ونتعاون مع الصين لمعالجة هذه الأزمة، وللتوصل إلى قرار ما، ولكن هذا لا يبدّل موقفنا. نريد أن نقيم علاقات جيدة مع تايوان”.

وأوضح مالديكس قائلاً: “إنْ نظرنا إلى العواصم الأوروبية، نرى ارتفاعاً في عدد الدول التي تنظر إلى الإستثمارات ورؤوس الأموال الصينية بتحفظ كبير، وهذا التحوّل كبير جداً ويحصل الآن. بعد 5 سنوات، سترون أنّ الصين تراجعت بنظر الإتحاد الأوروبي قدر المستطاع لأنّ أحداً لا يفهم أنّ هذه المسألة تتعلق بالأمن القومي. فالصين لا تنظر إلى العالم كما ننظر إليه نحن الأوروبيون، لذلك علينا توخّي الحذر”.

وعمّا إذا كان هناك توجه لوضع بعض القيود للحدّ من حجم الغزو الصيني، قال: “أعتقد أنّه سيكون هناك المزيد من القوانين التي تبدي تحفّظاً على الإستثمارات الصينية”، مشيراً إلى أنّ “الخطر الأكبر الآتي من الصين يتمثّل بالنسبة إلى الأوروبيين، في رؤوس الأموال الصينية التي تتدفق بداعي الإستثمارات، لكنّنا نرى لدى المستثمرين الصينيين دوافع سياسية نوعاً ما لسلب التكنولوجيا المتوفرة ومعلومات لوجستية، إنْ تحدثنا عن الكوارتز مثلاً، وذلك ما يراه الجميع بازدياد حالياً”.

“ستواجه رؤوس الأموال مصاعب في الإستثمار في الدول الأوروبية، وسينسحب ذلك على مجال التكنولوجيا”

وتابع: “لذلك سنرى إقبالاً أقل على هذه الإستثمارات، فستواجه رؤوس الأموال مصاعب في الإستثمار في الدول الأوروبية. وسينسحب هذا المشهد أيضاً على مجال التكنولوجيا، فستنخفض عملية شراء التكنولوجيا الصينية المحفوفة بمخاطر نقل معلومات من الإتحاد الأوروبي إلى الصين”.

وقال مالديكس لـ “أخبار الآن“: “نريد التعاون مع تايوان في المجال الاقتصادي قدر المستطاع، وسبق لنا أن بدأنا التعاون في عدد كبير من المجالات مثل تكنولوجيا المعلومات واللايزر والتجهيزات الطبية والزراعية، بالإضافة إلى التبادل الأكاديمي والثقافي والسياحة. نريد حتى توسيع هذه المجالات وزيادة الاستثمارات التايوانية في ليتوانيا، خصوصاً أنّ تايوان بلد متقدم كثيراً في المجال التكنولوجي، ونحن بحاجة إلى هذه التكنولوجيا والدراية التي تملكها وسيكون من الرائع أن نتمكن من جعل التعاون بين ليتوانيا وتايوان مربحاً للطرفين”.

واعتبر أنّ “ليس هناك من ضغط كبير على ليتوانيا، حالياً إنّ الشركات التي أنشأت مشاريع في الصين والتي تحتاج إلى معدّات من هناك تخضع لضغوط، ولا يتم تنفيذ عقود العمل إلى ما هنالك. يمكن للصين أن تواصل هذا الضغط، لكن لا يمكنها أن تضغط علينا كثيراً برأيي لأنّ دولاً أخرى تراقب الوضع، وإنْ رأت هذه الدول أنّ الصين تضغط كثيراً على ليتوانيا، ستستنتج أن هذا الضغط يطالها أيضاً”.

مالديكس: ضغط الصين على ليتوانيا لا يصبّ في مصلحتها

واستطرد: “لقد رأينا ما حصل في أستراليا ولا أعتقد أنّ أيّ دولة تتمنى ذلك، لأنّه إنْ ضغطت الصين على أستراليا وليتوانيا ودول أخرى، ستفعل المثل مع دول أخرى، فماذا يعني ذلك برأي تلك الدول؟ ستقول هذه الدول إنّه لا بدّ من قطع العلاقات مع الصين قدر الممكن، ولكن الصين لا تريد أن يحصل ذلك فستفهم الصين أنّ الضغط الكبير على ليتوانيا سيرسل إشارة إلى دول أخرى. وهي تعلم أن الولايات المتحدة تراقب الوضع وكذلك دول اوروبية أخرى والصين لا تريد ذلك. تعرف أنّكم تراقبون الوضع أيضاً في البرامج التلفزيونية وتعرف أنّ العالم بأسره يراقب ما يحصل في ليتوانيا. والصين لا تريد ذلك بل تريد أن تظهر نفسها كدولة يمكن إنشاء مشاريع معها ولا تريد أن يرتبط اسمها بالضغوط والابتزاز السياسي، لذلك تضغط علينا الصين في الخفاء في الحقيقة”.

وختم مالديكس قائلاً: “أنا سياسي وبوسعي أن أتحدث بحرية أكثر من أيّ موظف حكومي آخر. أنا أبدي رأيي الشخصي كنائب في البرلمان وأعتبر أنّ ضغط الصين على ليتوانيا لا يصبّ في مصلحتها لأنّ الآخرين سيرون ذلك. نحن في الإتحاد الأوروبي وفي بلادكم وفي دول العالم، يريد الجميع التعاون مع الصين على نحو مفيد لكلّ الأطراف. لذلك أتمنى أن نجد حلاً لهذه المسألة بهدوء لخدمة مصلحة البلدين”.

شاهدوا أيضاً:  الصين تعاقب ليتوانيا على خليفة علاقاتها مع تايوان