أوروبا تطيل أمد العقوبات وتهدّد بقطع الاعتماد على موارد الطاقة الروسيّة فهل تصمد روسيا؟
تتداخل مسبّبات وعوامل عديدة في مفاقمة التوتر في العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، فالأخير ناقم على الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها روسيا للقانون الدولي بدءاُ من ضمّ جزيرة القرم في العام 2014، مروراً بارتباطاتها بمجموعة الفاغنر الذين يرتبكون جرائم ضدّ الإنسانية في دول الساحل الإفريقي وغيرها من الدول التي تمرّ بحروب ونزاعات، وصولاً إلى العدوان الأخير على أوكرانيا.
ومع ذلك يبدي الاتحاد الأوروبي النوايا الحسنة بالتعاون مع روسيا شرط أن تتوقف الأخيرة عن انتهاكاتها المتكرّرة، فهل تردع نوايا الاتحاد الأوروبي وعقوباته الأجندة الروسيّة في أوكرانيا وأفريقيا؟.
يوضح المتحدث الرّئيسي للشؤون الخارجيّة للإتحاد الأوروبي بيتر ستانو أنه “في العام 2014، فرض الاتحاد الأوروبي أنظمة عقوبات عديدة على روسيا فيما يتعلق بانتهاكات القانون الدولي التي ارتكبتها روسيا ضد أوكرانيا، وقد حصل ذلك بعد الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم واحتلالها، وبعد المشاركة الروسيّة في الغزو في شرق أوكرانيا، قررّت عندها الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي ودول أخرى من المجتمع الدولي أن ذلك يشكل انتهاكًا للقانون الدولي وأننا بحاجة إلى الرد، وإن أحد أشكال الرد هو فرض العقوبات، وهذا يعني معاقبة الأشخاص والكيانات التي تشارك أو تدعم أولئك الذين يشاركون في هذا العمل الذي ينتهك القانون الدولي وانتهاك وتقويض سلامة أراضي وسيادة أوكرانيا. لذلك هناك العديد من أنظمة العقوبات، وهناك مجموعات عديدة من العقوبات من أجل الرد على سلوك روسيا السيئ تجاه أوكرانيا”.
وأضاف “الآن إن كل نظام عقوبات قائم في الاتحاد الأوروبي هو قابل للعكس، وهذا يعني أنه إذا قام شخص أو دولة أو كيان بتغيير السلوك الذي أدى إلى فرض العقوبات عليه فسيتم رفع تلك العقوبات، والأمر نفسه يتعلق بنظام العقوبات المتعلقة بروسيا. تتمّ مراجعة تلك الأنظمة بانتظام إما كل 6 أشهر أو كل عام، وفي حالة المراجعة تقول العملية بشكل أساسي أنه لدينا هنا عقوبات، وهنا لدينا أساس لتلك العقوبات كأسباب، والعقوبات لا تزال مستمرة، روسيا لم تغيّر أي شيء، فالقرم لا تزال محتلة وأوكرانيا لا تزال مهددة وسلامتها الإقليمية منتهكة، ولا يزال هناك تورط روسي في العمليات المسلحة في الجزء الشرقي من أوكرانيا لذلك لم يغير أحد من الذين تمت معاقبتهم سلوكه ولهذا السبب نطيل أمد هذه العقوبات”.
الممارسات الروسيّة في الساحل
بعد الوضع في أوكرانيا انتقل ستانو للحديث عن الممارسات الروسيّة في إفريقيا “فعندما نتحدث عن الساحل، عن جمهورية إفريقيا الوسطى، عندما نتحدث عن مالي، نرى هناك الأنشطة الخبيثة والخطيرة من قبل مجموعة المرتزقة الروسية المسمّاة بالفاغنر، فإن الاتحاد الأوروبي ينزعج بشكل متزايد من أنشطة هذه الجماعات لأنه ليس سراً أن تلك المجموعة مرتبطة بروسيا، أعني أن هناك صلات بالدولة الروسيّة وبالنظام الروسي. ويقال أن الفاغنر موجودون في 23 دولة على الساحل الأفريقي ولدى هذه المجموعة سجل حافل للأسف، فهو ليس الأفضل وليس إيجابيًا للغاية نظرًا لوجود سجل حافل بالانتهاكات الإنسانية والنهب في تلك البلدان، فهم لا يحترمون حقًا سيادة هذه البلدان”.
إلى ذلك لفت إلى أن “الوضع القانوني لهذه المجموعة غامض للغاية وإن طرق عملها وأهدافها وغاياتها أيضاً غير شفافة وغامضة للغاية، لذلك لا توجد طريقة لضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة للأغراض الإنسانية وتجاوزات وانتهاكات القانون بسبب هذا الغموض. وطبعاً ثمة أعمال ارتكبوها والتي تم على أساسها وضع أعضاء مجموعة الفاغنر وبعض المجموعات والكيانات الأخرى المرتبطة بمجموعة الفاغنر على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي لانتهاكها حقوق الإنسان وانتهاك القانون الدولي الإنساني”.
وبالتوقف عند قدرة الاتحاد الأوروبي على الاستمرار بدون موارد الطاقة الروسيّة قال: “إن الاعتماد على روسيا في ما يتعلق بموارد الطاقة يختلف بين جميع أرجاء الاتحاد الأوروبي… لكن الاتحاد الأوروبي يحاول التخلص من موضوع الإعتماد على روسيا. حسنًا، في الواقع، نحن لا نعتمد على روسيا ولكن من الأفضل دائمًا أن تتم تغطية 40٪ من الطاقة من خلال موارد تأتي من روسيا، لكننا في طور التحول الأخضر، نحن في طور تطوير الطاقات المتجددة لنكون أقل اعتمادًا ليس فقط على روسيا إنما أيضًا على الوقود بشكل عام”.
وأضاف “لماذا نحتاج إلى روسيا؟ لأن روسيا لديها غاز ولديها نفط ولكن هذا شيء سيصبح من الماضي تدريجياً، وروسيا هي مهمة كلاعب دولي وإذا تصرفت بمسؤولية وبطريقة بنّاءة يمكنها أن تفعل الكثير على الصعيد الدولي، ونحن نعمل مع روسيا في ملفات كبيرة مثل البرنامج النووي الإيراني، نحن نعمل مع روسيا والتعاون هناك يأتي بنتائج، ونعمل مع روسيا في عملية السلام في الشرق الأوسط وهناك أيضًا لدينا أهداف ووجهات نظر متشابهة لذلك من الممكن العمل مع روسيا، وحتى الآن من الممكن العمل مع روسيا في مجال الطاقة، لكننا مستعدون في أوروبا لتقليص هذه التبعية فعليًا وحتى من الضروري أيضًا العمل على إمكانية قطع الإمدادات من روسيا لأننا نعلم أن هذا سيؤثر في روسيا أكثر مما يؤثر علينا”.
أمام كل تلك العقوبات التي يفرضها الإتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي على روسيا، هل ستتراجع روسيا أم أنها ستستمر في أعمالها العدوانيّة في أوكرانيا وإفريقيا وغيرها؟ وكيف سيؤثر قرار الاتحاد الأوروبي في وقف الإعتماد على موارد الطاقة الروسية إذا ما تمّ فعلاً؟.