أكّدت بيلاروسيا استعدادها لتجهيز الطائرات النووية، بينما رفعت عواصم غربية درجة اليقظة النووية تحسباً لضربة روسية ضدّ أوكرانيا. وخلال اجتماع عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في سوتشي مؤخراً، وأكّد الأخير أنّ مينسك لن تتحدث مع الغرب ما لم يُظهر احتراماً، فيما شدد بوتين كذلك على ضرورة أن يعامل الغرب بلاده باحترام.
وأوردت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية للأنباء أنّ وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكاي قال إنّ كلّ الخيارات أمام بلاده متاحة، بما فيها تجهيز الطائرات النووية، وأشار إلى أنّ “الخطوات في مجال الأسلحة النووية ستعتمد على التهديدات من الغرب لبيبلاروسيا وروسيا”، مضيفاً أنّ مينسك ستحتاج إلى ضمانات أمنية في حالة إبرام اتفاقيات سلام بين موسكو وكييف. وكان بوتين وجه تهديداً مستتراً باستخدام الأسلحة النووية، في خطاب ألقاه الأربعاء وأعلن فيه تعبئة جنود الاحتياط بعد تقدم ميداني حققه الجيش الأوكراني.
ما هي خطوات “بوتين الصغير” في بيلاروسيا؟
في ذلك السياق، أجرت “أخبار الآن” لقاءً خاصاً مع عضو هيئة رئاسة مجلس التنسيق المعارض في بيلاروسيا بافيل لاتوشكا (Pavel Latushka)، الذي أشار إلى أنّ لوكاشينو يستعدّ لحرب واسعة النطاق، وقال: “في سيناريو المرحلة المقبلة من الحرب، ستلعب بيلاروسيا بالتأكيد دوراً رئيسياً، وقد التقى لوكاشينكو وبوتين في سوتشي حيث ناقشا الإستراتيجية المستقبلية للحرب ضدّ أوكرانيا، ومسألة استخدام الأراضي البيلاروسية لمزيد من العدوان.
وأضاف: “لدينا معلومات مؤكّدة من مصادر مختلفة، تقول إنّ سلطات الشرطة في بيلاروسيا ووزارة الدفاع تقوم الآن بفحص قوائم الأشخاص الصالحين للخدمة العسكرية، ويتمّ إرسالهم بناءً على أمر استدعاء للذهاب إلى التدريبات العسكرية التي بدأت في أراضي بيلاروسيا منذ أكثر من 6 أشهر، وكان تمّ تمديدها للمرة الـ28”.
وتابع: “لدينا أيضاً معلومات عن “مبادرات مدنية تعمل في بيلاروسيا، وقد تمّ حجز السكك الحديدية البيلاروسية لأغراض وزارة الدفاع، إذ يتمّ فحص طرق الوصول لتحميل وتفريغ المعدات العسكرية. وكذلك أخبرنا المصدر أنّه يتمّ التخطيط لزيادة عديد القوّات الروسية في بيلاروسيا إلى 120.000 عنصر”. وأوضح لاتوشكا أنّ المصدر الموثوق هو من وزارة الدفاع في بيلاروسيا، وقد قدّم لهم في وقت سابق معلومات تمّ تأكيدها لاحقاً، لكنّه لا يستطيع الكشف عن هويته تجنّباً لتعرضه إلى عقوبات خطيرة. وقال: “نحن نعرف أنّه طالما أنّ لوكاشينكو موجود في السلطة، فهو سيدعم سياسة بوتين العدوانية وسيدعم حرب روسيا ضدّ أوكرانيا”.
الآلاف سجناء سياسيون في بيلاروسيا
وتابع لاتوشكا حديثه لـ”أخبار الآن“: “عملياً لا توجد معارضة داخل بيلاروسيا، كما لا يمكن أن توجد… فقد تمّت تصفية 950 منظمة غير حكومية ف بيلاروسيا، وعلى مدار العامين الماضيين، لم يكن لدى بيلاروسيا أي وسيلة إعلام حرّة أو وسائل إعلام ديمقراطية، فكلّ وسائل الإعلام موجودة في الخارج. كما أنّه على مدى هذين العامين، غادر عدّة مئات الآلاف من المواطنين البيلاروسيين بيلاروسيا بسبب الاضطهاد السياسي”.
وقال: “الآن ووفقاً لمصادر مختلفة، هناك من 1300 إلى 1650 سجيناً سياسياً، في بيلاروسيا، فيما العدد أعلى في الواقع لأنّ تلك البيانات مقدّمة من منظمات حقوق الإنسان في البلاد. إضافةً إلى ذلك، فإنّ الأحزاب السياسية لا تعمل، إذ لا توجد حريات، ولا توجد فرصة للمعارضة للعمل بشكل علني في بيلاروسيا. لذلك، هناك أيضاً حركة معارضة سرية كونه من المستحيل القيام بكل ذلك علانية.
وأشار إلى اعتقاده بأنّ “بوتين لن يتوقف عند الحرب في أوكرانيا التي تحارب ببسالة، ويبرهن الجنود الأوكرانيون شجاعتهم وهم يستعيدون الأراضي الأوكرانية، فيما الغالبية العظمى من دول العالم تدعم أوكرانيا في تلك الحرب لأنّ روسيا هي التي بدأتها وليست أوكرانيا، وموسكو تهدف، بدعم من نظام لوكاشينكو، إلى الاستيلاء على أراضي دولة ذات سيادة، وذلك ما يتعارض مع كلّ المبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتلك حالة غير مسبوقة، وفي حال ربحت روسيا الحرب، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى اختلال التوازن في العالم بأسره واختلال التوازن في النظام الأمني والقانون الدولي، وذلك يعني أنّه يمكن لأيّ دولة الإستيلاء على أراضي دولة أخرى من خلال العدوان”. وتابع: “يجب أن نفهم أيضاً أنّ بوتين لا يخطط لأنّ يضم بيلاروسيا وأوكرانيا، وهو يعتبر أنّ تلك الأراضي يجب أن تصبح جزءاً من الإمبراطورية السوفيتية الروسية الجديدة. قال ذلك مرّة أخرى في 15 فبراير من العام الجاري في مقابلة مع المستشار الألماني”.
توجه لإقامة دولة بيلاروسية بديلة
وعن الحركة المعارضة في بيلاروسيا اليوم، قال لاتوشكا لـ”أخبار الآن“: “لقد أنشأنا حكومة في المنفى برئاسة سفيتلانا تيكانوفسكايا (Sviatlana Tsikhanouskaya)، التي فازت في الانتخابات العام 2012، وإنّنا ما بوسعنا لإنهاء نظام لوكاشينكو من الوجود في بيلاروسيا، فهو ليس مجرد شريك في العدوان على أوكرانيا، بل أنشأ نظاماً للقمع الكامل للحريات المدنية وحقوق الإنسان والديمقراطية. سيتمّ توسيع تلك الحكومة المعارضة في مجالات أخرى. كما أنّنا نخطط لإصلاح المجلس التنسيقي للقوى الديمقراطية، الذي سيصبح برلماناً أوّلياً”.
وختم: “في الواقع، نحن بصدد إنشاء دولة بديلة، وأعتقد أنّه في المستقبل القريب سنفتح مكتباً تمثيلياً لبيلاروسيا في الخارج، كما نعمل أيضاً بنشاط كبير على خطة الفوز في الإنتخابات المقبلة في بيلاروسيا”.