أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، المرحلة الأولى من مشروع “وادي تكنولوجيا الغذاء” وهدفه مضاعفة إنتاج دبي الغذائي ثلاث مرات.
الوادي يمثل مدينة عصرية متكاملة تدمج مفاهيم الإدارة المتكاملة للغذاء ضمن أنشطتها وتسعى لاستقطاب العقول المبدعة والشابة لرسم مستقبل الغذاء. وتتمثل رؤية المدينة في أن يصبح هذا المشروع الرائد الأول من نوعه في المنطقة ليكون العلامة التجارية والمرجع الأول لاستدامة نظم إدارة الغذاء على المستويين الإقليمي والعالمي.
ويأتي إطلاق مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء في مرحلته الأولى بالتعاون بين وزارة الأمن الغذائي والمائي ووصل للعقارات لاستشراف التخطيط الأمثل لمدن ومجتمعات المستقبل الذكية وضمان كفايتها غذائياً، ودعم الاقتصاد المتنوّع القائم على المعرفة والابتكار، وتحقيق مستهدفات استراتيجية الأمن الغذائي بتطبيق أعلى معايير الاستدامة وتوظيف أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، بحيث يكون مركزاً عالمياً رائداً للأمن الغذائي القائم على الابتكار.
ما هو الأمن الغذائي؟
وفقًا لتعريف الأمم المتحدة: “يتحقق الأمن الغذائي عندما يتوفر لجميع الأفراد، في كل الأوقات، الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصـادية، للحصـول على أغذية صحية، وكافية، وآمنة، وذو قيمة غذائية مناسبة تُلبي وتُناســـــــب أذواقهم الغذائية للتمتع بحياة صحية ونشطة”.
يتضمن الأمن الغذائي أربعة أبعاد مهمة، وهي:
توفر الأغذية: التوفر المادي لكميات كافية من الأغذية ذات الجودة المناسبة، إمَّا عن طريق الإنتاج المحلي أو الاستيراد (بما في ذلك المساعدات الغذائية).
إمكانية الحصول عليها: إمكانية وصول الأفراد إلى موارد كافية تسمح لهم بالحصول على الأغذية المناسبة لنظام غذائي مغذِ.
استهلاكها: استهلاك الأغذية من خلال نظام غذائي مناسب، والحصول على التغذية والمياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية، من أجل الوصول إلى حالة من الرفاه التغذوي يسمح بتلبية الاحتياجات الفسيولوجية كافةً.
استقرارها: حصول السكان والأسر والأفراد على غذاء كافٍ في جميع الأوقات. وينبغي ألا تنقطع سبل الوصول إلى الغذاء نتيجةً لحالات الطوارئ (كالأزمات الاقتصادية والمناخية، على سبيل المثال) أو الأحداث الدورية (على سبيل المثال: انعدام الأمن الغذائي بصورة موسمية).
كيف سيؤمن وادي تكنولوجيا الغذاء هذا الشيء؟
قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “وادي تكنولوجيا الغذاء مشروع واحد ضمن مجموعة من مشاريع الدولة المائية والزراعية والغذائية ضمن استراتيجية الأمن الغذائي الوطني”، لافتاً سموه إلى أن: “الغذاء والدواء صناعات استراتيجية لمستقبل أكثر أمناً واستدامة ورخاء لأجيالنا القادمة.”
ويهدف المشروع في مرحلته الأولى إلى توفير مقومات التخطيط الحضري والتطوير العمراني المتكامل متنوع الأنشطة لإدارة الغذاء بناء على نهج الابتكار، كما يهدف إلى تنمية الإنتاج المحلي من الأغذية ذات القيمة والتنافسية العالية، بالإضافة إلى بناء مدينة عصرية تصدّر المعرفة حول نظم الغذاء المتقدمة للعالم. ويضم المشروع مزارع عامودية، ومركزاً للأنظمة اللوجستية، وآخر للبحث والتطوير، ومنطقة للتسوق.
We launched the first phase of Food Tech Valley, a new modern & vibrant city that will serve as a global destination for start-ups and industry experts in the food ecosystem. It will host R&D facilities, innovation center, smart food logistics hub and areas for vertical farming. pic.twitter.com/5Hfyi9Ngc1
— HH Sheikh Mohammed (@HHShkMohd) May 1, 2021
أقرأ أيضاً
مزاد “أنبل رقم” يحقق أكثر من 50 مليون درهم في دبي
كشف النقاب عن توأم منحوتة “ديفيد” لمايكل أنجلو في في إكسبو 2020
بالصور.. مزاد خيري في دبي يحقق 36.6 مليون درهم
الاقتصاد الدائري
وقد أبدت العديد من الشركات العالمية اهتمامها للبدء فوراً ضمن المنطقة الجديدة، التي تركز على الزراعة المائية والهوائية وتعمل وفق أنظمة الاقتصاد الدائري الأخضر، لتجمع بين الشركات الزراعية والمستثمرين والأبحاث والتطوير. ويمكن للمشروع إنتاج أكثر من 300 نوع من المنتجات الزراعية يمكن إنتاجها في المنطقة الجديدة.
منطقة اقتصادية ووجهة عالمية
ويشكل وادي تكنولوجيا الغذاء منطقة اقتصادية متكاملة تستقطب أصحاب الأفكار الإبداعية الجديدة في مجال توفير الغذاء للمستقبل، ورواد الأعمال الطامحين إلى إحلال أنماط عالمية جديدة في مجال الإنتاج الذكي للغذاء. كما يمثل المشروع وجهة عالمية ونقطة التقاء لتبادل الخبرات في كافة تخصصات غذاء المستقبل بين المشاريع الناشئة الواعدة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة النشطة والشركات العالمية المتخصصة في الصناعات الغذائية المبتكرة وسلاسل توريدها المتكاملة وخدماتها اللوجستية المتطورة.
حجم تجارة الغذاء لدينا تتجاوز ١٠٠ مليار درهم سنويا .. نحن ملتقى عالمي لوجستي لتجارة الغذاء .. وسنعمل على تطوير بيئة عمل جديدة لهذا النوع من الشركات لتطور تقنيات زراعية جديدة وترسخ أمننا الغذائي المستقبلي .. pic.twitter.com/bP831RFbF9
— HH Sheikh Mohammed (@HHShkMohd) May 1, 2021
مبادئ أساسية
ويرتكز المشروع على مبادئ أساسية تتضمن توفير المرونة التشريعية والتنظيمية لصناعة الغذاء، وتفعيل التعاون والوصول للأسواق، وتوفير خدمات فورية ومتكاملة للشركات والمعاهد ومشاريع التطوير في المدينة، وتقديم أسعار تنافسية لمرافق البنية التحتية، والاستفادة من خطوط التجارة العالمية والتعاون الدولي لتحقيق النجاحات المأمولة. وسيساهم مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء في معالجة تحديات عديدة أبرزها ضعف تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة، وقلة الخبرات والعمالة الماهرة في المجال الزراعي، وضعف تنافسية المنتج المحلي.
أغذية المستقبل
كما سيشكل مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء بدبي المنصة الرئيسية للبحث والتطوير والبحوث التطبيقية لخدمة مزارعي ومنتجي الغذاء في دولة الإمارات والعالم. وسيعالج المشروع تحديات اقتصار الخدمات اللوجستية في مجال الأغذية على شركات محدودة. وسيكون وادي تكنولوجيا الغذاء مرجعاً لمواكبة أنماط التغذية الحديثة من خلال وضع معايير أغذية المستقبل الممكنة بالتكنولوجيا الحديثة.
4 مناطق متخصصة
ويتكون مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء من أربع مناطق أساسية هي: منطقة الهندسة والتكنولوجيا الزراعية، وحاضنات ابتكار الأغذية، ومركز البحث والتطوير، ومنطقة الأنظمة اللوجستية المتقدمة.
وستركز المنطقة الأولى “منطقة الهندسة والتكنولوجيا الزراعية” على تبنّي تقنيات الغذاء والزراعة الحديثة، وستحتوي على مركز للزراعة العمودية التي توفر في المساحات، وتوظف أحدث الابتكارات لإنتاج كميات وفيرة من محاصيل أساسية لمدن المستقبل الذكية.
كما ستركز منطقة الهندسة والتكنولوجيا الزراعية على مشاريع ابتكارية في مجالات الهندسة الحيوية والأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي في مجال الغذاء، فضلاً عن دعم تنمية رأس المال البشري وبناء القدرات وتطوير الكفاءات المؤهلة في مختلف التخصصات ضمن هذا القطاع الحيوي.
ابتكار الأغذية
بينما ستتبنى المنطقة الثانية “حاضنات ابتكار الأغذية” الأفكار المبتكرة والمتميزة والواعدة، وتدعم المشاريع والشركات الناشئة بتوفير بيئة مساندة ومنظومة حيوية متكاملة حاضنة لرواد الأعمال وأصحاب الأفكار الجديدة في مجال غذاء المستقبل.
وتضم المنطقة مصنعاً لابتكار الوصفات الغذائية الجديدة. كما ستحوي على مشروع الجيل الثاني من المطاعم الصديقة للبيئة، والذي يعد الأول من نوعه عالمياً لاستشراف الصيغ المثلى لمطاعم المستقبل التي تلبي أعلى معايير الاستدامة والكفاءة التشغيلية والإنتاجية وترشيد استهلاك الموارد وتجنّب الهدر بكافة أشكاله.
مركز البحث والتطوير
وتضم المنطقة الثالثة “مركز البحث والتطوير”، حيث سيتم إنشاء مركز عالمي للبحث والتطوير والأبحاث التطبيقية التخصصية لدعم منشآت الأغذية بالإضافة إلى توفير مركز تدريب مهني متخصص في أبحاث الغذاء. وسيبحث المركز تقنيات الروبوتات الزراعية، وخصائص المزروعات المقاومة للجفاف والفوائد الغذائية للطحالب وبدائل البروتين، إلى جانب فرص دمج الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال إنتاج الأغذية وعملياتها المختلفة.
وسيدرس “مركز البحث والتطوير” ضمن وادي تكنولوجيا الغذاء موضوعات مستقبلية مهمة لتعزيز الأمن الغذائي العالمي مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي لمتابعة نمو المحاصيل ورصد الآفات الزراعية والتغيرات المناخية والتأثيرات البيئية، والآليات الناجحة للزراعة الملحية، وعلوم الجينوم في قطاع التغذية، والاستخدامات المتاحة للمركبات والطائرات المسيّرة في مجال الزراعة وإنتاج الغذاء، فضلاً عن تقنيات الحصاد الآلي.
أنظمة لوجستية متقدمة
ويكتمل مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء من خلال المنطقة الرابعة فيه والمخصصة للأنظمة اللوجستية المتقدمة، حيث تضم مشروع مخازن المستقبل من الجيل الرابع 4.0، بالإضافة إلى توفيرها الخدمات اللوجستية النوعية من مخازن ذكية للأغذية، تتضمن أحدث تقنيات التخزين والمحافظة على الغذاء بالاعتماد على الأتمتة.
وتشكل منطقة الأنظمة اللوجستية المتقدمة ضمن المشروع مركزاً للابتكار في الخدمات اللوجستية الذكية في مجال الغذاء، والتي تشمل النظم الذكية لتخزين الغذاء وفرز ونقل وتوزيع منتجاته المتنوعة وفق منظومة عالمية ذكية تستخدم تقنيات مثل “بلوك تشين” وتحليل البيانات الضخمة لتضمن كفاءة سلاسل التوريد واستمرارية عملها، ولتنقل غذاءً معروف مدى جودته ومنشأه ومكوناته وطرق تصنيعه وتخزينه وتوصيله.
تعزيز الجاهزية
ويعزز المشروع الجديد جهود دولة الإمارات وخططها التي تستشرف المستقبل وتصنعه للأجيال القادمة والخمسين عاماً المقبلة مع احتفالها هذا العام باليوبيل الذهبي لتأسيس اتحادها. كما يدعم المشروع الاستراتيجيات المستقبلية المدروسة التي تعزز جاهزية دولة الإمارات وقدراتها الميدانية واللوجستية على توفير كافة احتياجاتها وفي مقدمتها الغذاء استعداداً لكل الظروف والحالات الطارئة. كما يشكل المشروع مبادرة استراتيجية شاملة تدعم مساعي دولة الإمارات وطموحها لتكون ضمن أفضل 10 دول ضمن المؤشر الغذائي العالمي لعام 2021.
دعم القطاع الزراعي
ويدعم مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء تطوير استخدام التكنولوجيا والأبحاث في القطاع الزراعي لإنتاج الأغذية، كما يشجع توجهات تسريع الاكتفاء الذاتي من العديد من المنتجات الغذائية الطازجة في مدن ومجتمعات المستقبل من خلال تطوير التقنيات الذكية التي توفر المساحات وترشد في الري واستخدام الأسمدة مثل الزراعة العمودية والمائية.
ووفقاً لإحصاءات وزارة التغير المناخي والبيئة لعام 2019، توجد في دولة الإمارات أكثر من 177 مزرعة متطورة تستخدم أحدث أساليب الري والإنتاج وتتخصص في الزراعة المائية، فيما تنشط أكثر من 100 مؤسسة في مختلف أنحاء الدولة في مجال الزراعة العضوية، وهو ما يسهم في توفير احتياجات الدولة من الخضروات والمنتجات الطازجة على مدار العام بدل الاقتصار على الزراعة الموسمية.
ويعزز مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء مكانة دولة الإمارات كوجهة عالمية لصناعة الأغذية والابتكار فيها وتطوير تقنيات إنتاجها، حيث تضم على أرضها أكثر من 500 مصنع ومنشأة متخصصة في الإنتاج الغذائي وخدمة الأسواق المحلية والإقليمية والتصدير إلى مختلف أنحاء العالم.
جذب الاستثمارات
ويشكل المشروع كمنطقة اقتصادية متكاملة إضافة نوعية إلى المنظومة الداعمة لجودة المنتجات الغذائية والزراعية في دولة الإمارات التي وضعت أكثر من 1250 تشريعاً وقانوناً وإطاراً معيارياً لتعزيز سلامة الإنتاج والتخزين والنقل في هذا القطاع الحيوي.
وتضم دولة الإمارات استثمارات ضخمة في قطاع الأغذية والمشروبات تتجاوز 62 مليار درهم. ومن المتوقع أن يسهم مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء في جذب الاستثمارات المحلية والعالمية المباشرة والجريئة الجديدة في مشاريع واعدة تسهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز مصادر الدخل وتطوير سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية، بتوفيره نقطة التقاء عالمية للصناعات الغذائية والخدمات والتقنيات المبتكرة المرتبطة بها.
مدينة متكاملة
ويشكل مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء مدينة متكاملة جديدة، ومنطقة اقتصادية متخصصة، ومركزاً عالمياً رائداً للأمن الغذائي القائم على الابتكار، ومساحة مفتوحة لأحدث الأبحاث والابتكارات في مجال علوم وتقنيات إنتاج وتصنيع وحفظ الأغذية، وتطوير نظم تخزينها ونقلها واستدامة مصادرها، ومشاركة المعرفة المرجعية لكل ما يتعلق بالغذاء مع المنظمات الدولية المعنية به والمجتمع العلمي العالمي.