حمزة زين الدين
أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (غرفة الأخبار)
إن الرسالة التي تعلن وفاة ابن حمزة تبدو وكأنها رسالة نعي مؤثرة من قبل الأب الحزين بعد خسارته المأساوية لطفله في ظروف غير واضحة. ولكن بعد القاء نظرة عن كثب، يصبح من الواضح أن الرسالة هي دعاية كلاسيكية للقاعدة تستهدف افراد التنظيم. هي رسالة تهدف مباشرة إلى خداع هؤلاء المقاتلين الذين يتساءلون علناً عن ظهور حمزة بن لادن داخل القاعدة، في محاولة لكسب تعاطفهم.
إنها محاولة لإسكات المعارضين له عن طريق استغلال موت الطفل.
من الممكن جدا أن يكون الطفل قد توفي، وهذه بلا شك مأساة تحت جميع الظروف. ولكن مرة أخرى، من يستطيع أن يتحدث عن وفاة ابنه البالغ من العمر 12 عاما، وخاصة إذا ما كان يزعم أن هذه الرسالة مراسلات عائلية، ويستطيع استخدام هذه العبارات المبهرة والمؤلمة والمبالغ فيها جداً؟
مرة أخرى، التفسير الأول هو أن هذا هو قبل كل شيء جزء من دعاية القاعدة، من الممكن أن يكون لحمزة بن لادن طفل بالفعل، ومن الممكن ايضاً أن هذا الطفل قد توفي بالفعل.
ولكن من الواضح أن حمزة وقادة القاعدة قاموا باستخدام موت الطفل المؤسف من أجل كسب التعاطف مع الأب حديث النعمة حمزة، وتم النظر إلى هذه الوفاة المأساوية على أنها وسيلة لتعزيز مصداقية حمزة بن لادن، والتي كان قد واجه صعوبة عند تأسيسها بالرغم من محاولات القاعدة الترويج له من أجل إنقاذ علامتها التجارية.
وأكبر دلالة على ذلك هو أن الرسالة ليست مكتوبة لتستهدف الأسرة كما تحاول أن تظهر، وإنما مقالة تهدف إلى التأثير على جمهور واسع، فليس المقصود منها تخفيف حزن الجدة والعمات والأعمام وأبناء العمومة بشأن وفاة الطفل، بل هي أطروحة تهدف للدفاع عن الأب حمزة، الذي قام بتربية "شبل صغير يتطلع إلى نيل الشهادة".
بالطبع ذكر حمزة أن الطفل قد توفي على "أرض خراسان"، كوسيلة لمواجهة ما يقال بأن حمزة قد غادر "خراسان" مع والدته من إلى إيران بعد غزو أفغانستان في عام 2003. وبطبيعة الحال، استخدام الأطفال لأغراض الدعاية ليس بعيداً عن القاعدة مطلاقاً.
كان أسامة بن لادن نفسه هو من استخدم ابنه حمزة في أول أشرطة الفيديو الدعائية، والتي تبين الصبي يركض داخل المعسكرات في أفغانستان، ويحمل البنادق. وهكذا، فإن حمزة الآن لا يأخذ سوى صفحة من كتاب والده باستخدام ابنه، وحتى وفاة ابنه المأساوية، للتلاعب بالجماهير.
التفسير الثاني، والذي هو أقل احتمالاً، هو أن هذه في الواقع رسالة موجهة إلى الأسرة بالفعل، وفي هذه الحالة فهي تهدف لكي تبين كيف يحق لحمزة بن لادن أن يمتلك ويدير تنظيم القاعدة. إذا كانت الرسالة حقيقية، فهو بيان محزن لأوهام العظمة التي يملكها حمزة وعالم الأحلام الذي يعيش فيه حيث تسود سلالة بن لادن العليا، ويجب على الجميع أن ينحني ويقبل يده "الصالحة" على الرغم من أنه لم يقدم أي شيئ لهم. وفي هذه الحالة تظهر اللغة المبالغ فيها الوهم الدائم الذي يعيشه حمزة مختبئأً وراء ثروة أسرته ويأمر قادة القاعدة أن يقوموا بحزم قنابلهم والتضحية بأنفسهم من أجل "الثأر لأسامة".
بالطبع هذا هو النقد الذي وجهه العديد من الأعضاء العاديين فضلاً عن بعض المسؤولين في القاعدة حيث قاموا بانتقاد حمزة بعد صدور رسالته في يوليو 2016 بعنوان "كلنا أسامة" التي حث فيها مقاتلي القاعدة على الانتقام لوفاة والده. ورأى الكثيرون أن هذه محاولة من قبل حمزة لجعل الحركة تدور حول والده وأسرة بن لادن، وليس حول القضية الكبرى. خطأ حمزة الأول، الذي سوف يثير على خلاف حول موضوعاته المستقبلية، هو التركيز على عائلته وإرث والده.
ومرة أخرى، هذه رسالة تبين كيف ينظر حمزة بن لادن إلى القاعدة على أنها شركة عائلية، أو شركته الخاصة التي تركها له والده لادارتها كما يرغب.
لماذا كل هذا التعالي؟ يجب أن ننظر إلى السياق الأكبر لما يحدث مع القاعدة وتحديدا مع حمزة بن لادن .
كما ذكرنا، من الواضح أن القاعدة كانت تحاول، دون جدوى، تعزيز تقدم بن لادن الشاب من خلال الرتب. جزئيا كان هذا لاستغلال اسمه الشهير من أجل حشد أتباع جدد وتنشيط أولئك الذين يعانون من التعب والملل من سماع الظواهري يتكلم عن لا شيء؛ وثانيا، تعزيز مكانة حمزة هو ببساطة لأن القاعدة تتقلص وليس لديها أي قادة آخرين قادرين على تولي أدوار قيادية، وكانت هذه العملية كارثية. حمزة مرفوض تماما في جميع المجالات، من قبل كل من المقاتلين والمرشدين والقادة الكبار الذين لا يرون أي مضمون في خطبه.
الظواهري، الذي يبدو أنه أكبر مناصري حمزة، قاده بوضوح الى الضلال، وصراعه المحرج مع الجولاني والنصرة، دفن حمزة بسرعة كما دفن الظواهري نفسه. وبينما ظن الظواهري أنه كان يقدم خدمة لحمزة بالترويج له بسرعة، فقد دمر سمعته تماماً، لأن حمزة مرتبط الآن بالظواهري الميت، الفاشل، وغير المؤهل والذي أصبح يظهر كأنه خطر كبير على القاعدة بين جميع المنتسبين، وخاصة في سوريا.
ومن الجدير بالملاحظة أن البيان الأخير الذي صدر في 8 يناير / كانون الثاني ودعا المتطرفين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في سوريا إلى التوحد، كان يعزى إلى "قيادة القاعدة المركزية" الخفية. ولم يعزى البيان إلى الظواهري أو حمزة لأن بقايا قيادة تنظيم القاعدة قد أدركوا أن هذين الشخصين لم يعودا يتمتعان بالمصداقية في الرتبة والمكانة، وهما فقط يدمران ما تبقى من التنظيم في كل مرة يفتحان فيها الأفواه.
ومن الواضح أن ما يسمى بالقيادة العامة تقوم بدور أكبر وتهزم الظواهري وحمزة.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن القاعدة قد أزالت لقب "الشيخ" من الشاب حمزة بن لادن الذي كان قد منح له هزليا في مايو 2017. أحدث بيانات حمزة التي صدرت في نوفمبر وديسمبر 2017 تشير مرة أخرى إليه بأنه "الأخ" وهذا هو بلا شك بسبب رد فعل عنيف من داخل ألقاعدة من المتشددين الذين شككوا في لقب "الشيخ" الذي منح لشاب عشريني وهو لا يملك حتى شهادة المدرسة الابتدائية.
وكان على القاعدة التراجع عن هذا بعدما بدأ يظهر الغضب في صفوفها حول مسالة "التوريث"، والذي جعل القاعدة مادة مضحكة في وسائل الإعلام العربية. بعد الإحراج من عار التراجع عن منح اللقب الفخري للأمير الشاب، ومن المرجح أن تمنحه اليه مرة أخرى في شريط الفيديو التالي له في محاولة لحفظ ماء الوجه.
ربما يكون قد شاهد ما يكفي من أشرطة الفيديو على الانترنت على هاتفه المحمول بحلول ذلك الوقت لجعله حقا يستحق أن يسمى "الشيخ"، وأصبحت لديه القدرة على إدارة وتوجيه إقطاعية والده.
على هذا النحو، في هذا السياق الفاضح هذه الرسالة تبدو حميدة يمكن أن ينظر إليه فيها على ما هو عليه حقا: رسالة الدعاية التي هي محاولة واضحة وحزينة ومثيرة للشفقة من قبل حمزة بن لادن وقادة بطلانه – سواء بوعي أو بلا وعي – لتعزيز مصداقيته، وعلى أقل تقدير التعاطف من أولئك الذين يشككون فيه. ومن الجدير بالذكر أنه حتى المتعاطفين مع القاعدة رفضوا الإفراج عن الرسالة بسبب طبيعة ومدى الفوضى الاستغلالية.
آخرون ببساطة اختاروا الاعتقاد بأنها "تسربت"، ولكن طبيعة الإصدار والنشر المصقول لها يتناقض بوضوح مع هذا الادعاء.
لقد وصلت القاعدة لهذا المستوى، الاستغلال الرخيص والوحشي لأشد الظروف المأساوية للأسرة من أجل إنقاذ علامتها التجارية ومحاولة إحياء فشلها الإعلامي. حيل رخيصة ومخزية، وفي الوقت الحالي من الصعب للغاية حتى من أكثر الأتباع سذاجة وجهل السير في الظلمة خلفها بعد الان.
إقرأ أيضاً