أخبار الآن | الإمارات العربية المتحدة – قراءاة تحليلية
رغم اندحاره وقتل زعيمه فان خطر داعش لا يزال ماثلا أمام أعين الآمنين في كل من سوريا والعراق وغيرها من البلدان. هذا الخطر ينبع من وقائع ومحطات حظي بها أفراد داعش بفترات سماح ومعاملات خاصة سمحت لهم بانقاذ انفسهم والإمعان بخبثهم. في اطار هذه المعاملات تندرج الصفقة الشهيرة التي جرت بين حزب الله وداعش والتي كانت لها نتائج وتداعيات وخيمة على جهود محاربة ارهاب داعش والقضاء عليه.
تغريدة لإعلامي لبناني في التاسع والعشرين من آب/أغسطس 2017 ربما اختصرت المشهد والحدث
كنّا نأمل أن يُسوّس #ابو_السوس قاتل #العسكريين_المخطوفين أمير #داعش في القلمون الغربي إلا أنّ البعض إختار أن يقول لموفّق الجربان…روح موفّق
— Yazbek Wehbe (@YazbekWehbe) August 29, 2017
فبعد ايام على استبسال الجيش اللبناني في قتال داعش الإرهابي ومحاصرته في جيْب أخير في جرود عرسال لاحت صفقة بين داعش وحزب الله اللبناني الذي كان يقاتل في القلمون ضد تنظيم داعش الى جانب الجيش السوري وافاد الإعلام الحربي ان الجيش السوري ومقاتلي حزب الله وقف إطلاق النار في سياق اتفاق شامل لإنهاء المعركة في القلمون الغربي ضد داعش قبل أن يعلن الجيش اللبناني لاحقاً وقف إطلاق النار في جرود القاع ورأس بعلبك وذلك إفساحاً للمجال أمام المرحلة الأخيرة للمفاوضات المتعلقة بمصير العسكريين المخطوفين.
قائد الجيش: باسم #لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار، وباسم أبطال #الجيش_اللبناني العظيم، أطلق عملية #فجر_الجرود
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) August 19, 2017
تقدم وحدات #الجيش_اللبناني للسيطرة على مراكز تنظيم داعش الإرهابي.#فجر_الجرود pic.twitter.com/hFEjng62d2
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) August 19, 2017
الصفقة التي تمت بين حزب الله وداعش نصت على أن يسلّم داعش الى حزب الله 5 جثامين تعود لمقاتلين له لتشمل المرحلة الثانية كشْف مصير العسكريين اللبنانيين التسعة، وبعدها تبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة التي تقضي بانتقال مسلّحي التنظيم الإرهابي من دون أسلحتهم ومع عائلاتهم بحافلات إلى منطقة الميادين قرب دير الزور، على أن يتزامن انطلاق الحافلات التي تقلّهم مع إطلاق داعش أسيراً لـحزب الله وتسليمه جثامين 3 عناصر آخرين.
لم تتأخر الأخبار الحزينة ليتبين ان داعش قتل العسكريين وبات واضحا مصير هؤلاء ولم يبق من هذه الصفقة غير استرجاع جثث قتلى حزب الله والوصول الآمن لأفراد داعش الى الحدود السورية العراقية.
هذه الصفقة بما تحمل من تناقض لدى حزب الله و خبث داعشي تمت من دون اي حوادث تذكر رغم تحذيرات حزب الله لترتسم معالم تداعيات لم تقف عند حدود الصفقة
تداعيات لبنانية وعراقية تحديدا وتساؤلات كثيرة:
- ما هي حقيقة هذه الصفقة؟ ولماذا رفض حزب الله التفاوض مع داعش وعاد لحمايتهم؟
- ما الذي اعقبها وما الذي سبقها؟
- من كان ضحية هذه الصفقة؟ واي قواعد ارستها هذه الصفقة في منطقة البوكمال؟
صفقة التناقضات
في الثامن والعشرين من اغسطس، بثت قناة المنار التابعة لحزب الله كلمة لامين عام حزب الله حسن نصر الله متحدثاً بلهجة المنتصر عن معركة القلمون، وحيثياتها ونتائجها.
لكن السؤال بقى قائما لماذا حمى النظام السوري وحليفه حزب الله من بقي من التنظيم وهم يملكون القدرة على اعتقالهم؟ بل ما هو السر في نقل مقاتلي التنظيم على حافلات بحراسة من النظام السوري وتحت رعايته ليصلوا إلى دير الزور في شرق سوريا والتي كانت وقتئذ تحت احتلال التنظيم؟
حزب الله اورد على لسان أمينه العام حسن نصر الله، احصائية دقيقة لأعداد من غادر من مقاتلي التنظيم وعوائلهم، والذين بلغوا وفق نصر الله 670 شخصاً منهم 331 مدني، و308 مسلح و26 مصاباً، وهي ذات الأعداد التي أوردتها وكالات دولية منها وكالة رويترز للأنباء.
و استمرت التساؤلات عن جدوى هذه الصفقة في وقت استمات حزب الله على مدى السنوات الماضية في محاربة داعش فيما انهى اللبنانييون و حتى مقاتلو حزب الله بالإنخداع بعد خروج الإرهابيين سالمين آمنين الى دير الزور.
لماذا يفاوض حزب الله داعش و يبيح لنفسه عقد صفقات؟
هذه الصفقة لم تكن الوحيدة فقد سبقتها صفقة مع جبهة النصرة في مطلع شهر اغسطس من نفس العام تقضي بانسحاب آلاف من أفراد جبهة النصرة من الحدود اللبنانية السورية في مقابل الإفراج عن عدد من أفراد حزب الله.
صفقة واجهتها حملة عنيفة ليس فقط من اخصام حزب الله و لكن من داعمي حزب الله نفسهم الذين تساءلوا عن جدوى هذه الصفقة بعدما خسر حزب الله عددا كبيرا من أفراده في معارك اعتبروها بعض من انصاره وهمية بعد هذه الصفقة.
فهذه الصفقة اول من احرجت احرجت الحزب و غيرت مكانته في أعين افراده و مناصريه.
أخبار الآن حصلت على معلومات من مصادر مقربة من حزب الله مطلعة على ما جرى:
المصادر اوضحت ان الوسيط القطري كان اساسيا في عملية التفاوض والسبب الاساسي كان وقوع احد الاسرى بيد داعش وان قرار ارسالهم الى دير الزور لاقى امتعاضا من قبل الحرس الجمهوري في سوريا لان مجموعات تابعة لهم كانت تقاتل في دير الزور لكن قرار السلطة السياسية السورية بحسب المصادر كانت داعمة للقرار.
ومقابل تسليم الاسير والمقاتل الإيراني انتقل افراد داعش الى دير الزور وضغط حزب الله على اخراج 3 معتقلين لداعش من السجون اللبنانية من دون اي آلية قانونية و30 مليون دولار دفعها الجانب القطري.
وتقول المصادر المقربة من حزب الله لأخبار الآن انه وبالإضافة الى هذه الصفقة وردت معلومات عن تسوية اخرى بين الحزب وداعش في البوكمال لكنها سقطت بسرعة بعد تأمين طريق آمن من البوكمال ال مناطق التماس بين داعش و قوات سوريا الديمقراطية.
شلون التحالف والاسد وايران وحزبالله يحاربون ارهاب داعش وقد نقلوهم من القلمون الى البوكمال ومن ثم للعراق لتدمير ما لم يتم تدميرة حتى الأن ..!
— مضرحمادالاسعد (@modar28) August 30, 2017
ووسط التساؤلات حاول حسن نصرالله التخفيف من وطأة الصفقة وقال ان الذين تم نقلهم ليسوا اعدادا كبيرة وما هم الا من المسلحين المهزومين الفاقدين لارادة القتال ولن يغيروا شيئا في معادلة المعركة في معركة دير الزور وهو ما اثبتت عكسه القوائع التي جرت لاحقا. كما حاول ابراز دور حزب الله في معارك البادية السورية قائلا ان المنطقة التي انتقلوا اليها افراد داعش هي خط الجبهة في البادية السورية و الجيمع يعرف ان الجيش السوري و حلفاءه يقاتلون فيها قتالا عنيفا.
خبث تنظيم داعش
من ناحية داعش فان ما جرى اثبت من دون ادنى شك مدى خبث داعش الذي تابع مراقبون انه لم يعط اي اهمية على مواقع التنظيم الرسمية.
ففي عقيدة داعش التي كتبها ابو يزيد المغربي يقول:
“كل جماعة أو شخص يعقد اتفاقية مع المحتل الغازي فإنها لا تلزمنا في شيء بل هي باطلة مردودة” فكيف عقد هذه الصفقة مع حزب الله؟
اتفاق حزب الله مع داعش لم يخالف فقط الموقف العقائدي للتنظيم من الانسحاب والمفاوضات، لكن الاكثر غموضا هو كيفية إبقاء التنظيم على أسير حزب الله حيّاً؟ و قال متابع لشأن الجماعات المتشددة و مقرب من الدائرة الجهادية على ان ما جرى في القلمون قد لا يكون بموافقة كاملة من قيادة داعش و ان كانت على علم به ملمحا الى خلافات داخلية بين قادة داعش اندلعت في اثناء انعقاد هذه الصفقة على خلفية التفاوض اولا و على خلفية احكام القبضة على الطوق النجاة.
على الضفة العراقية امتعاض و خطر داهم
بعد نقل مقاتلي داعش إلى الحدود مع العراق، طفى على السطح استياء عراقي من تداعيات وصول مقاتلين لداعش على الحدود العراقية السورية، وخاصة أن ذلك من شأنه أن يقوي التنظيم في تلك المنطقة الحساسة بالنسبة للعراق.
كان اول المنتقدين رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي وناشد العبادي رفض الصفقة والمطالبة بإلغائها، موقف العبادي تبعته مواقف عراقية منددة.
رئيس الوزراء العراقي: نقل إرهابي داعش من القلمون إلى الحدود العراقية نعتبره إساءة إلى الشعب العراقي
https://www.youtube.com/watch?time_continue=1&v=PdyCaKVLeCU&feature=emb_logo
فقد حذر رئيس مجلس النواب سليم لجبوري من العودة إلى المربع الأول والتنكر لـ”دماء الشهداء”، مؤكداً رفضه لأي اتفاق من شأنه أن يعيد تنظيم داعش إلى العراق أو يقربه من حدوده.
وأضاف أن العراق لن يدفع ضريبة اتفاقات أو توافقات تمس أمنه واستقراره. ودعا الحكومة الاتحادية لاتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل مواجهة تداعيات هذه الصفقة.
وهنا تحدث محمد الكربولي عضو لجنة الأمن والدفاع العراقية في البرلمان، عن تداعيات وصول مقاتلي داعش وقال، إنه يتعين على الحكومة العراقية التحقيق في “أسرار” الصفقة وما تخفي وراءها، خاصة أن مقاتلي داعش قد يتمكنون بعد ذلك من العبور إلى العراق عبر معبر البو كمال الحدودي إلى منطقة القائم، مما يعزز وجود مئات المقاتلين من داعش في منطقة الأنباء العراقية بحسب ما أدلى به الكربولي على قناة السومرية.
تزامن ذلك مع تساؤلات طُرحت عن أسباب سماح مقاتلين من أمثال الحشد الشعبي العراقي وهم يتمركزون على الحدود مع سوريا، لمقاتلي داعش بالمرور وبكل آمان إلى دير الوزر والبو كمال، دون اعتراضهم، فيما ذهب محللون إلى أن ذلك كان مدروساً بهدف التمهيد لاحقاً لإيران بأن تضع موطئ قدم لها في تلك المناطق بحجة تحريرها من داعش.
مهما يكن و بغض النظر عن رغبة حزب الله من هذه الصفقة من واقع فان الاكيد ان داعش بخبثه استطاع حماية قياداته التي نقلت الى الحدود العراقية و هو أثبت بلا شك من خلال هذه الصفقة بعده عن التمسك ايديولوجيته وتطويعها لخدمة مصالحه فقط.
المزيد: