أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)
نشر تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب (فرع اليمن) بياناً بعنوان “ولا تكن للخائنين خصيماً” للرد على اتهامات ترددت خلال الأشهر الماضية بأن قادة التنظيم يخالفون الشرع بتطبيق أحكام القتل والسجن والتعذيب على عناصر متهمين جزافاً بالجاسوسية.
البيان الذي نشرته قناة التنظيم الرسمية الملاحم بتاريخ ١١ مايو ٢٠٢٠م الموافق ١٨ رمضان ١٤٤١ هـ جاء مصحوباً بكلمة صوتية امتدت خمساً وأربعين دقيقة لمتحدث لم يُسَمّ.
الاعتزال الكبير
أول مرة ظهرت فيها أنباء عن “انشقاقات” بالجملة في صفوف القاعدة في اليمن احتجاجاً على هذه الاتهامات كان في الأسبوع الأول من فبراير الماضي. ولم يكن مستغربا أن من نشر هذه الانباء هي قنوات داعش تحت عنوان “الاعتزال الكبير”.
لم يكن ممكناً تأكيد تلك الأنباء من الجانب الآخر حتى نشر عناصر في التنظيم في الأسبوع الأخير من أبريل الماضي تسجيلاً صوتياً لأبي عمر النهدي ومنصور الحضرمي، ورسالة طويلة موجهة إلى أيمن الظواهري يتهمون فيها قيادة تنظيم فرع اليمن بارتكاب “تجاوزات وأخطاء شرعية ومظالم عظيمة” وهي تتهم جزافاً أفراداً، ومنهم قياديون، بأنهم جواسيس وتقيم عليهم الحدّ بالقتل. وساقوا أسماء ثلاث شخصيات مركزية، هم: أبو مريم الأزدي الذي قالوا إنه كان “شيخاً جليلاً”، والمسؤول الأمني الميداني فياض الحضرمي، وأمير اللجنة المالية سعيد شقرة المعروف أيضاً باسم عبدالله باوزير.
كما نشروا وثائق بخط اليد ومنها اتفاق وُقع في ٢٩ نوفمبر ٢٠١٩ طرفه الأول: خالد باطرفي – ولم يكن أميراً وقتئذ- وسعد عاطف العولقي. والطرف الثاني: أبو عمر النهدي وأبو داود الصيعري ومنصور أبو الوليد الحضرمي.
أما النهدي فهو قائد ميداني عرّف عنه البيان بأنه “ممن كان يقبض ويأتي بالجواسيس تنفيذاً لأوامر اللجنة الأمنية،” ومن هؤلاء فياض الحضرمي وسعيد شقرة المذكورين أعلاه؛ وأنه “لم يكن يبدِ أي اعتراض على سير العمل والإجراءات المتخذة بحق هؤلاء… إلا بعد ما يقرب من ثمانية أشهر من تنفيذ الأحكام القضائية على هؤلاء الجواسيس.”
أبو داود الصيعري كان من أعضاء اللجنة الأمنية “بل كان من المكلفين بمتابعة الجاسوس أبي مريم الأزدي” المذكور أعلاه. ومنصور أبو الوليد الحضرمي كان أميراً على الجبهة في قيفة، وخصص له داعش صفحة كاملة في بيان”الاعتزال الكبير”. بحسب بيان القاعدة فإن منصور والنهدي حاولا تسليم قيفة إلى حكومة الشرعية “بعد أن أوهما المسؤول عليهما بأن الجبهة ضد الحوثي تستنزف التنظيم وأن قوات ما يسمى بالشرعية ستأتي لا محالة.” ويضيف البيان أن أبا عمر النهدي كان يقول إن هذا هو رأي مشايخ التنظيم، وإن زعيم التنظيم السابق قاسم الريمي تدخل شخصياً للحدّ من هذه “الكارثة” بأن عزل منصور من الإمارة، “فقام بعدها بإثارة ما أثاره هو وأبو عمر ومن وافقهما.”
وشُهّد على هذا الاتفاق شخصيات مثل العم سعد – أبو عمير الحضرمي ـ وهو من الشرعيين المعروفين بين عناصر التنظيم.
مذكرة الظواهري
ويبدو أن كل ما حصل لاحقاً كان متعلقاً ببنود هذا الاتفاق وأهمها مذكرة تُرفع إلى القيادة المركزية باسم “الدكتور” أيمن الظواهري. بحسب الطرف الثاني، فإن قيادة التنظيم نقضت بنود الاتفاق ورفضت التحاكم في محكمة مستقلة وأن أمير التنظيم نفسه قاسم الريمي كتب إليهم بالرفض.
يرد فرع اليمن بأنه تمّ الاتفاق على أن يكتب الطرف الثاني – المتمردون – مذكرة يرفعها الطرف الأول – باطرفي تحديداً – إلى الظواهري، لكن الرسالة لم تُكتب قط. وبناء على طلب الطرف الثاني، فقد عُلّق أمر المحكمة حتى يبت الظواهري بالأمر بناء على المذكرة التي لم تُرسل.
أما ما يتعلق بالمحكمة المستقلة، فقد أقرّ التنظيم بأنه يرفض إخراج أسراره إلى الآخرين ما لم يبتّ “الدكتور” بخلاف ذلك. وهو ما جاء في رسالة الريمي إلى أبي عمر النهدي الذي قال فيها “أنت جندي وأنا جندي وعلينا أمير نرجع إليه.”
ويعتبر البيان أن نشر الرسائل والبيانات على العلن هو من قبيل “الخيانة” ويستنكر أن قام هؤلاء بتأليب عناصر التنظيم ضدهم وحتى القبائل المناصرة لهم.
قتل الريمي
لفت في هذا البيان فقرة تحدثت عن دور قاسم الريمي في القضية. يبدو أن الريمي لم يكن على علم بالتفاصيل، وكانت وصلته رسالة “مشفرة” من باطرفي “لم يستطع فتحها” فطلب لقاء أبي عمر النهدي مراراً لفهم المسألة لكن أبا عمر لم يلتقه وعليه وجه إليه الريمي الرسالة التي ورد جزء منها في بيان “المنشقين”؛ وأن وسيطاً بين الريمي والنهدي انسحب بسبب تراجع النهدي عن قبول تحكيم القاضي أبي البراء الإبي.
يقول البيان إنه في هذه المرحلة قُتل الريمي ثم مبشر المهاجر (حمزة الخالدي) وكان مسؤول التحقيقات في اللجنة الأمنية والقاضي أبي البراء الإبي “في ثلاثة قصوفات متتالية ومتفرقة ومعلوم لدى الجميع علاقتهم بمحاولة حل هذه المشكلة.”
يكاد البيان أن يتهم أبا عمر النهدي ومن معه بالوشاية على الريمي ومن معه.
والواقع أنه تتردد على قنوات داعش تحديداً أن النهدي وباطرفي متورطان في قتل الريمي.
بحسب قناة داعشية متخصصة في أخبار اليمن، فإن علاقة قوية تجمع بين باطرفي والنهدي. وأن الريمي كان خرج من عند النهدي في قيفة عندما استهدف.
مصدر الصورة: كاريكاتور – أخبار الآن
للمزيد:
عناصر القاعدة في اليمن يطالبون الظواهري التدخل لحلّ خلافات داخلية