أخبار الآن | الهند (خاص)
بعد أكثر من سبع سنوات على إطلاق الصين ما يعرف بمبادرة الحزام والطريق، تثور أسئلة عن مدى جدوى هذا المشروع على مستوى الدول المنضمة إليه وخاصة دول آسيا ومدى تأثيره على منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن طريقه البري والذي يعرف بالحزام، تجنب المرور بالدول العربية إلى أقصى درجة ممكنة، فيما أن الطريق البحري والذي يعرف بـ”الطريق” يمر في البحر الأحمر وقناة السويس، ومع ذلك فإن الترجيحات تشير إلى أن بكين تجنبت تضمين المشروع بالمرافئ والموانئ العربية، وإن ثار جدل حول قناة السويس وموقعها من المشروع.
وبغض النظر عن الممرات البرية والبحرية للمبادرة، فإن الكثير من المحللين يجمعون على أنها تمثل مشروعاً لإعادة إحياء قوة الصين الاسياسية والاقتصادية على حسب مقدرات شعوب أخرى وإن رمت لهم الفتات عبر مبادرة الحزام والطريق، بل أن الكثير من الدول العربية والمناطق الاستراتيجية فيها، ستكون أول المتضريين من المبادرة.
فعلى سبيل المثال، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، من مخاوف دين محتملة للدول الشريكة في مبادرة الحزام والطريق في حال عدم اتباع سياسات مالية سليمة فيما يتعلق بالقروض التي قدمتها بكين للدول المنضمة للمبادرة.
وتعهدت الصّين بتخصيص 126 مليار دولار للمبادرة، على أن تقوم كل دولة مشاركة فيها بتمويل مشاريع البنية التّحتيّة التي تمر فيها بنفسها، وتقوم بنوك أنشأت لهذا الغرض بتقديم قروض للتمويل وعلى رأسهم: صندوق طريق الحرير، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (أيه.آي.آي. بي) والذي أسسته بكين عام 2014، برأس مال قدر بنحو 50 مليار دولار أمريكي، والذي يشكل رأس الحربة في تمويل المشاريع الصينية التي تغرق بها دول العالم.
وفي سياق متصل، حذر الباحث والكاتب الصحفي علي سلمان العنداني، من أن مبادرة الحزام والطريق ستشكل عبئا ماليا ضخما على المنضمين إليها وخاصة أن تلك الدول تتصف بغالبيتها بالفساد السياسي والمالي.
وقال في مقابلة مع أخبار الآن: “اقتصادات معظم دول مبادرة الحزام والطريق تتصف بالفساد المتفشي، و لديهم درجة عالية من الفساد في أنظمتهم السياسية والاقتصادية، وتقوم الصين باستغلال هذا الأمر وتعتبره أمراً جيداً لمصالحها، حيث أنه يصبح من السهل جداً على قادة الحزب الشيوعي الصيني وعلى رأسهم شي جين بينغ بأن يستدرج تلك الدول إلى هذه المصيدة من خلال التلاعب بالمسؤولين رفيعين المستوى في تلك الدول (مثل رئيس الوزراء أو وزير التخطيط أو وزير المالية في تلك الدول)”.
وتابع: “دول المبادرة لديها أسعار صرف غير مستقرة، وهذه النقطة مهمة للغاية لأن عملات تلك الدول تستمر في الانخفاض نظرا إلى الظروف السياسية فيها، وهذه الديون مقدرة بالعملات الأجنبية (مثل الدولار على سبيل المثال)”.
الصحفي الهندي ضرب مثالاً على تورط باكستان في مبادرة الحزام والطريق عبر مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط بين مدينة كاشغار عاصمة الإيغور المضطهدين في الصين وبين ميناء غوادر الباكستاني، وقال: “ما حدث هنا هو أنه منذ تسلم حكومة عمران خان السلطة في باكستان، انخفض سعر العملة المحلية فيها بنسبة 31% مقارنة بالدولار الأمريكي خلال سنتين فقط. وذلك يعني بأن عبء هذه الديون هو في ازدياد أكثر فأكثر مع استمرار انخفاض أسعار العملات المحلية مقارنة بالدولار الأمريكي”.
وتابع: “حقيقة أن هذه الديون هي سرية والصين تحاول أن تبقى هذه الصفقات الاقتصادية بعيدة عن أعين الجميع هو أمر يدعو للقلق، لأن هذه الصفقات تحتوي على شروط معينة، و إذا علم عامة الشعب بشروط هذه الصفقات، فإن ذلك سيتسبب في قيام انتفاضات شعبية في تلك الدول. وأنا أقول ذلك لأنه لا يوجد شخص عاقل يمكن أن يوافق على مثل هذه الإجراءات الجشعة والتي تقوم بنهب ثروات تلك الدول. وأحياناً يكون هناك بعض التسريبات القادمة من وسائل الإعلام حول ما يحدث في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، ولكنهم لم يقوموا بالإعلان عن هذا الإتفاق لعامة الناس، وذلك لأنهم يعلمون بما قد تكون ردة فعل الشعب بعد أن يطلعوا على الشروط الجشعة لهذه الإتفاقية”.