أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (بيانات تحليلية- سانيا رحمان)
أورد تقرير صادر عن منظمة الأبحاث المستقلة Small Arms Survey مؤخراً تفاصيل تتعلق بالأساليب التي تتبعها كوريا الشمالية بشأن تهريب الأسلحة. وللوقوف عند هذه التفاصيل، تحدّثت “أخبار الان” إلى أحد مؤلفي التقرير ، مات شرودر، الذي قال إنّ “جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية والشركات التابعة لها، تستخدم وسائل نقل مختلفة، بما في ذلك السفن البحرية وطائرات الشحن وطائرات الركاب وخدمات الطرود السريعة”، من أجل تأمين هذا الغرض، وهو تهريب الأسلحة.
ووفق شرودر، فإنّ كوريا الديمقراطية أقدمت أيضاً على تزوير مستندات الشحن بشكل منتظم، بغية إخفاء هويات الأطراف المشاركة في النقل”. وأضاف: “غالباً ما يتم إخفاء شحنات الأسلحة البحرية الكبيرة من خلال التمويه بنقل سلع أخرى، كالسكر والحديد، وكذلك يتم تغيير تسميات هذه الصناديق التي تحتوي على أسلحة.
صواريخ مدفعية تعود لكوريا الشمالية
وفي العام 2009، اكتشف مسؤولون إسرائيليون صناديق تحتوي على صواريخ مدفعية تعود لكوريا الشمالية. وكذلك في العام 2016، عثرت السلطات المصرية على 30 ألف طلقة آر بي جي، كان أعيد طلاؤها وتوضيبها مع استعمال إشارات لا توحي بوجود أسلحة، وتساعد في تمريرها. كما قال شرودر إنّ تزوير مستندات الشحن هو أسلوب شائع ايضاً، وكذلك استخدام شركات عادة ما تكون في الصدارة تسهيلاً للتهريب.
ما هي أعلام الملاءمة؟
استخدمت كوريا الشمالية ما يُسمى “أعلام الملاءمة” على نطاق واسع، وهي عبارة عن سفن مسجّلة في دول أخرى، لكنّ أصحاب هذه السفن جنسيات. وسمح ذلك لكوريا الشمالية بالتهرّب من عقوبات الأمم المتحدة من خلال تسجيل سفنها في دول أخرى، لتُبحر حاملةً علم تلك الدول بدلاً من علم كوريا الشمالية، وذلك ينطبق أيضاً على الطائرات. وقد أبحرت سفن عديدة لكوريا الشمالية تحمل عدداً من الأعلام، منها الصين وبليز وكمبوديا وسيراليون ودومينيكا وبنما وتنزانيا.
واعتبر المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) أنّ الدول التي تسمح للسفن، المملوكة من أجانب، بالدخول في سجلات الشحن الوطنية الخاصة بها، تكون أحياناً متواطئة عن غير قصد في محاولات كوريا الشمالية للتهرّب من العقوبات. لكن منذ مارس العام 2016، أصبح من غير القانوني لأيّ دولة السماح للسفن الكورية الشمالية بالعمل باسمها. وجاء ذلك بعدما طالبت الأمم المتحدة الدول الأعضاء بإزالة كلّ السفن “المأهولة أو المملوكة أو المشغلة” لكوريا الشمالية من سجلات سفنها الوطنية.
الرسم البياني أدناه يوضح علم الملاءمة المفضل:
على ما يبدو فإنّ هذه العقوبات فعّالة، إذ أنّ تقرير لجنة الأمم المتحدة في العام 2017 توصّل إلى أنّ هناك انخفاضاً حاداً في عدد السفن الكورية الشمالية التي تبحر بموجب سجلات أجنبية، إضافةً إلى زيادة في التسجيلات في البلاد. لكن في الوقت نفسه، تواصل كوريا الشمالية انتهاك عقوبات الأمم المتحدة.
دخلت الدول في حالة تأهب، فأزالت السفن الكورية الشمالية من قائمتها، إلّا أنّ كوريا الشمالية أعادت ببساطة تسجيل السفن نفسها تحت “أعلام مختلفة”، مثل تنزانيا وفيجي. لا نعرف كيف حدث هذا، ربما اختطف عملاء مارقون سجلات تنزانيا وأدرجوا سراً سفناً كورية شمالية تحت العلم التنزاني. كذلك يتم نقل معظم البضائع المهربة، بواسطة شركات وهمية ليس لديها أيّ مكتب أو موظفين، لكن لديهم حسابات مصرفية وأصول مثل السفن.
ويشير التقرير إلى أنّ السجل التجاري لكوريا الشمالية، يُظهر أنّها باعت أكبر عدد من الأسلحة إلى إيران بين عامي 1982 و 2004. ولاحظ أنّ عمليات النقل هذه حدثت قبل فرض عقوبات الأمم المتحدة في العام 2006، لذا كانت هذه عمليات نقل قانونية في ذلك الوقت. ومع ذلك، يتبيّن أنّ البلدين يشتركان في علاقة وثيقة في ما يخص تجارة الأسلحة.
وبالتالي ، فليس من المستغرب أن يواصل البلدان تجارة الأسلحة على الرغم من عقوبات الأمم المتحدة. ويقول تقرير مسح الأسلحة الصغيرة: “لقد أرسلت كوريا الشمالية العديد من الشحنات غير القانونية من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المحمولة (MANPADS)، إلى إيران، والتي تم اعتراض بعضها، بالإضافة إلى أسلحة تقليدية أكبر مثل طوربيدات غواصة”.
كما انتهكت كوريا الشمالية عقوبات الأمم المتحدة من خلال تنفيذ عمليات نقل غير قانونية للسفن. صورت قوات الدفاع البحري اليابانية مرارا العديد من السفن الكورية الشمالية المتورطة في عمليات النقل غير القانونية من سفينة إلى سفينة. عادة ، تحدث هذه التحويلات قبالة سواحل شنغهاي ، في المياه الدولية. هذه هي بعض السفن الكورية الشمالية المشتبه بها المتورطة في نقل السفن غير القانونية.
علاوة على ذلك، يظهر تقرير صادر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود (TGIATOC) أنّ الديبلوماسيين الكوريين الشماليين شاركوا بقوّة في تهريب، ليس فقط الأسلحة، ولكن أيضاً عناصر قيّمة بطريقة غير قانونية مثل العاج وقرون وحيد القرن وغيرها من المقتنيات الفاخرة. ويقدر هذا التقرير أيضاً أنّ كوريا الشمالية تكسب من خلال تصدير الأسلحة وتجارة المخدرات والأموال المزيفة، ما بين 700 مليون دولار ومليار دولار سنوياً.
وقال شرودر: “باختصار، المهربون بارعون ويجيدون عملية تكييف ممارسات الشراء والتسويق والنقل مع البيئة التي يعملون فيها، الأمر الذي يجعل مكافحة الاتجار غير الشرعي والحد منه صعباً بعض الشيء، خصوصاً أنّ ذلك أيضاً يحول دون اتباع نهج واحد يناسب جميع أنشطة مكافحة الاتجار.