مع تزايد محاولات تنظيم داعش الإرهابي للانتشار مجدداً في مختلف مناطق أفريقيا، تظهر مجدداً أهمية إحكام القبضة القانونية على بث الأفكار الإرهابية من خلال المنصات الرقمية، منعاً لتحولها إلى بيئة خصبة للترويج لأفكار إرهابية، لا سيما وأن هذه الوسائل شكلت في الماضي القريب مكاناً لتجنيد العديد من الشباب من خلالها للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
الضربات الأمنية على هذه التنظيمات الإرهابية، وفق خبراء، وعدم مقدرتهم على بث أفكارهم الإرهابية في المجتمعات، قد تدفعهم باتجاه إقامة مجتمعات موازية عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، يقومون من خلالها ببث أفكارهم الإرهابية.
وكان من أبرز الملاحظات التي أبداها خبراء أن تنظيم داعش الإرهابي، خلال الفترة التي نشط فيها، كان ينشر تفاصيل عملياته الإرهابية من خلال مقاطع فيديو متنوعة أعدت بدقة بالغة وبمستوى عالٍ من الاحترافية التقنية والتصويرية، بما أسهم في بث الرعب في قلوب الكثير من الناس.
إشكالية المنصات الرقمية
وقال الخبير القانوني في مجال الجرائم الإلكترونية والقانون الجزائي د. صخر الخصاونة إن “الإشكالية الكبيرة في المنصات الرقمية تكمن في أن الجمهور الذي يستخدم هذه المواقع مختلف ومتنوع”.
وأضاف د. الخصاونة أن “هذا التنوع ليس فقط من حيث الثقافات والعادات، بل في مدى قبول الطرف الآخر وفكره ومن هنا تبدأ الشرارة الاولى لاستخدام هذه المواقع في التحريض على العنف والإرهاب والإقصاء أو الإلغاء لرأي الآخر”، فضلاً عن وجود تقييدات بسبب فكر ديني أو سياسي معين”.
وتابع د. الخصاونة: “العديد من الدول بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي دخلت في اتفاقيات لتجريم الإرهاب كما سنت مجموعة من القوانين والعقوبات على كل من يقومون بدعم الجماعات الإرهابية المسلحة، كما فرضت العديد من العقوبات الصارمة على من يقومون بالترويج للإرهاب والإرهابيين من خلال المواقع الإلكترونية والمنصات الرقمية المختلفة أو تجنيد إرهابيين أو نشر مواد تبث لهذا الفكر المتطرف”، لافتاً إلى أن معظم الدول صنفت ذلك بالجرائم الجنائية؛ أي التي تكون العقوبة عليها من 3 سنوات وحتى الإعدام”.
وإزاء تنظيم داعش الإرهابي واستغلاله المنصات الرقمية، أوضح د. الخصاونة أن “الموجة الأولى لتنظيم داعش الإرهابي أبرزت وجود تقنيات عالية لدى التنظيم كانت تستخدم لبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة”، لافتاً إلى أن المواطن العربي اليوم لديه وعي كبير في إدراك مدى خطورة ما تبثه التنظيمات الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.
وكان مركز “صواب” الإماراتي حذر مؤخراً الأهالي من إهمال رقابة أبنائهم أثناء ممارستهم الألعاب على شبكة الإنترنت، مشدداً على أنه بالتزامن مع تفشي جائحة “كورونا”، فإن الكثير من المتطرفين والتنظيمات الإرهابية ركزت نشاطها على جذب وتجنيد أتباع جدد.
وفيما حذر من أن قضاء مزيد من الوقت عبر الإنترنت من دون توجيه ورقابة يجعل الصغار هدفاً للمتطرفين، أكد المركز أن الجماعات الإرهابية تبث إعلاناتها باستخدام مجموعة واسعة من الوسائط الاجتماعية التي تشمل المواقع الإلكترونية وغرف الدردشة والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، وتزيّن قصص الإرهابيين الانتحاريين، وتحاول استعطاف متابعيها باستعمال الدين وحجة التولي يوم الزحف، وإقناعهم بأنهم يخالفون الشرع إن لم يتبعوا تنظيم داعش وأتباع الضلال.