لطالما أثارت التنظيمات الجهادية في العالم الكثير من الجدل، فكرها، تركيبتها، هدفها، والعناوين عديدة، لكن ماذا عن العلاقات بينها؟ هل هي على تواصل وتنسيق أم على خلاف وتناحر؟ طالبان والقاعدة والمتفرعات، وداعش مؤخراً، جماعات شغلت حيّزاً مهمّاً من اهتمام المراقبين والناس، نظراً للإجرام الذي تمارسه هذه الجماعات.
في ما يخصّ العلاقة بين طالبان والقاعدة، فالتنسيق لم يتوقف بينهما بالرغم من الشرط الأمريكي بقطع الوصل بينهما، إبّان اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان في فبراير العام ألفين وعشرين.
طالبان تؤمن الحماية لأفراد القاعدة في أفغانستان
وفي حديث خاص لـ”أخبار الان”، يقول المحلل والخبير في شؤون الشرق الاوسط وافغانستان هاشم وحدتيار، إنّ العلاقة لا تزال قائمة لأسباب عديدة، لافتاً إلى أنّ جنود القاعدة ما زالوا في افغانستان التي لن يجدوا فيها مكانا ما لم تكن طالبان تؤمن لهم الحماية.
واوضح الخبير وحدتيار ان طالبان لم تعلق ولم تناقش مسالة قتالهم خارج افغانستان التي لطالما كانت اهم اولياتهم، لافتا الى ان علاقتهم لا تزال قوية مع القاعدة او على الاقل هناك تعاطف قوي ينهما وان الادلة على ذلك كثيرة. واضاف ان القائد البارز في القاعدة داخل ابفغانستان ابو محسن المصري، قتل على يد القوات الامنية الافغانية في منطقة غزنة التي تسيطر عليها طالبان الشهر الماضي تشرين الاول (اكتوبر)، ما يعني ان طالبان لا تزال تخفي بعض قادة القاعدة او توفر لهم دروعا لمقاتليها وذلك ما يؤكد ان العلاقة بين الطرفين قائمة.
وفي ما يتعلق بعلاقة طالبان بتنظيمات غير القاعدة، اشار الخبير وحدتيار الى ان طالبان تتعاطف مع تنظيمات ارهابية اخرى، إذ يتضح ذلك الامر من خلال التصريحات العلنية لاحد الوزراء السابقين في الحركة ورئيس الثقافة والشؤون العامة الذي وصف مقاتلي القاعدة الذين يقاتلون ضد القوات الامريكية والدولية في العراق بانهم “أبطال”.
رغم قرب تنظيم القاعدة من محيط حركة طالبان سواء في افغانستان وباكستان، لكن اتباع طالبان يتجاهلون اصدارات القاعدة…
وقال وحدتيار في هذا الجانب، ان السبب وراء قول طالبان انها قطعت العلاقات التي كانت تربطهم بالقاعدة، هو “اتفاقية الولايات المتحدة الامريكية وطالبان الموقعة في شباط (فبراير) الماضي، والتي ضمنت من خلالها طالبان قطع علاقاتها بتنظيم القاعدة.
واضاف لـ “أخبار الآن” ان اي ادلة تثبت استمرار علاقة طالبان بالقاعدة، فعلى اثرها لن تنسحب الولايات المتحدة من افغانستان لان القاعدة هي من نفذت هجمات 11 سبتمبرفي امريكا. واوضح الخبير في شؤون الشرق الاوسط ان التهديد لا يزال مستمرا وان ذلك هو سبب اعلان طالبان انها ليست على علاقة مع القاعدة، مؤكدا ان تلك العلاقة لا تزال قائمة للاسباب والادلة التي ذكرتها سابقا، لافتا الى ان جنود القاعدة ما زالوا في افغانستان التي لن يجدوا فيها مكانا ما لم تكن طالبان تؤمن لهم الحماية.
وفي السياق ذاته، قال وحدتيار ايضا، ليس لطالبان علاقة مباشرة بغير تنظيم القاعدة، واعني هنا الجماعات والمسلحين والمتمردين والجماعات الارهابية في الشرق الاوسط، لان من الصعب جدا على طالبان دعم تلك الجماعات بصرف النظر عن اجندتهم الداخلية في افغانستان، بالاضافة الى وجود الكثير من الاجهزة الامنية والاستخباراتية التي يمكنها تتبع تحركات المسلحين من مكان لاخر بسهولة.
واضاف، اذا كانت هناك فرص بين التنظيمات الشقيقة التي لديها دافع مماثل لمحاربة الدول الغربية وهذا موجود في الشرق الاوسط وافغانستان، فسوف يواصلون التنسيق والتعاون بالتأكيد.
“لا أجندة عالمية لطالبان”
بالنظر الى جميع تلك الاحداث، قد يتبادر الى اذهان المتابعين ان طالبان تحاول لعب دور القاعدة… وتعقيبا على هذا الشأن قال وحدتيار، كما قلت سابقا، طالبان ليس لها اجندة عالمية في الوقت الحالي، اذ ان افغانستان لطالما كانت الاولوية الاولى بالنسبة لها، لكن اذا وصلوا الى حكم البلاد وقتها سيبحثون ما اذا كانت الاجندة الاقليمية والعالمية والشرق الاوسط ايضا ستكون من ضمن اولوياتهم ام لا.
يعتقد البعض ان الاتفاقات الدولية مع التنظيمات والحركات الارهابية قد تكون ملزمة لهم، لكن الواقع الحقيقي يقتضي الحذر والانتباه… وفي هذا الجانب، يعتقد الخبير في الشؤون الافغانية هاشم وحدتيار ان الثقة بالجماعات الموجودة في افغانستان مخاطرة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، خصوصا تصديق قطعهم للعلاقات والتعاون مع تنظيم القاعدة لانهم متشابهون تماما ومن الصعب جدا فصلهم عن بعضهم البعض لانهم يتشاركون في نفس الشعارات والدوافع ضد المجتمع الدولي.
واضاف وحدتيار، حتى اذا كان هناك بعض القادة من طالبان او القاعدة، صرحوا بقطع العلاقات فان المقاتلين ذوي الرتب الاقل والقادة في المستوى المتوسط لن يفعلو ذلك ابدا، مؤكدا انه يجب على الولايات المتحدة الامريكية والمجتمع الدولي عدم الوثوق بهذه الجماعات اذ انه يصعب تصديق التزامهم بتلك الاتفاقيات.
التنظيمات الارهابية ملفٌ ضاربٌ بعمقٍ في التاريخ، فالتعامل معها يستوجب حزماً لتجنيب البشرية خطرهَا. الحرب عليها مستمرة نعم، لكنّها بالطبع لن تنتهي غداً أو بعدَهْ، وتبقى تحدياً كبيرأً وهاماً أمّام الدول التي تأخذ على عاتقها محاربةَ هذه الجماعات التي تتبدل تسمياتُها من زمن إلى آخر.