إنّه مخيم كاتوبولونغ في بنغلادش، واحد من المخيمات التي يتمّ فيها تجميع لاجئين من الروهينغا، وسط ظروف قاسية، وفي بيئة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. أخبار الآن دخلت إلى هذا المخيم، جالت في زواريبه وبين خيامه البائسة.
يعتبر هذا المخيم الأكثر إكتظاظاً، فهو يضمّ نحو مئة ألف نسمة من الروهينغا، فيما مساحته لا تتعدى الأربعة كيلومترات. فقط يمكن للروهينغا هنا التنقل داخل المخيم، الذي قامت السلطات في بنغلادش بوضح سياج حوله، فالخروج من هنا ليس مسموحاً، ومع مرور الوقت تتزايد القيود في المخيم.
تزايد القيود
عبد الأمين (30 عاماً) يروي لـ”أخبار الان” المآسي التي يعانيها الروهينغا في المخيمات، حيث يمكن أن تنشر الأمراض بسهولة نظراً للإفتقار لعدم وجود منازل غير صالحة للسكن، إضافةً إلى النقص في الطعام والنظافة وغير ذلك. ويقول: “في أغسطس العام 2017، هربنا من العنف ولجأنا إلى هنا، وقد فقدنا كلّ شيء، فقدنا ممتلكاتنا ومنازلنا وقرانا ومسجدنا ومدارسنا، هربنا من أجل إنقاذ حياتنا. لكننا هنا نعيش في ظلّ ظروف صعبة، فمنازلنا مغطاة بالبلاستيك، وأشعة الشمس حارقة.
يتابع عبد الأمين: بسبب الإزدحام وضيق المساحة، عادةً ما تنتشر الأمراض، ورغم وجود مستشفى في المخيم، لكننا لا نحصل على العلاج المناسب.. كما أنّ كلّ المراحيض هنا لا يتم تنظفها بانتظام، وهذا الأمر يساعد في انتشار الأوبئة.
ويضيف: وعلاوة على ذلك، تتزايد القيود في المخيم، الذي تمّ تسييجه، وبالتالي نحن الروهينجا لا يمكننا الخروج منه.. نحن قلقون جدّاً بشأن حرية التنقل والرعاية الصحية والمرافق التعليمية والعيش بسلام في ظلّ التوتر والخوف. يقدّم برنامج الغذاء العالمي لنا الأرز والزيت والبصل والفلفل الحار والملح… لكن ذلك لا يكفي لأنّ الحاجة هنا كبيرة جداً، ولدينا أطفال.
ولدى سؤاله عمّا يمكن أن يطلبه، دعا عبد الأمين المجتمع الدولي إلى مساعدة الروهينغا لتحسين ظروف عيشهم، وأيضاً إقامة مدرسة ابتدائية ومتوسطة على الأقل لتعليم أولادنا.
إجبار على الإنتقال..وإغراءات!
يقول عبد الأمين: نحن لم نأتِ إلى بنغلاديش كي يتمّ نقلنا إلى أماكن جديدة، نحن هنا فقط لنحصل على حقوقنا ونعود إلى الوطن بأمان وكرامة. إنّنا ضحايا، لذا فإنّ الأشخاص الذين تمّ نقلهم لم يرحلوا وهم سعداء.. لقد تمّ أخذ بعض الناس عنوة، بينما ذهب البعض الآخر طمعاً بالأموال التي وعدت بنغلاديش الناس بها مقابل الانتقال إلى جزيرة بهاسان شار.
ويوضح قائلاً: الأمر لا يتوقف فقط على نقل الناس، إنّما يحدثون شرخاً في العائلات، إذ يتم نقل شخص ما مثلاً من عائلة واحد، فيما يبقى باقي أفراد السرة في المخيم. وهذا أمر موجع للغاية أيضاً.
نحن بشر.. وأحلامنا تنتهي مع “بيت النايلون”!
نور حكيم (40 عاماً) يقول أيضاً لـ”أخبار الآن“، إنّ الحياة في المخيم صعبة للغاية، فالطعام هنا لا يكفينا.. فنحن الروهينجا بشر ايضاً، لدينا أحلام ورغبات مثل الآخرين، لكن كلّ هذه الأحلام تنتهي تحت الخيام المغطاة بالنايلون، هنا لا يمكننا رؤية المستقبل لأطفالنا.
ويتابع حكيم: أكثر ما يقلقنا في المخيم هو التعليم، فلا توجد مدارس ابتدائية ومتوسطة وغير ذلك، إنّ معظم الطلاب الذين حصلوا على شهادة الثانوية العامة في ميانمار، لا يحصلون على فرص للدراسات الجامعية.
قلق واكتئاب
ما نقوم به هو إنقاذ أوراحنا، نحن الروهينجا نشعر بالقلق ونعاني الاكتئاب الشديد بشأن مصادر الرزق والدخل، ونريد من المجتمع الدولي أن يدعمنا. كلّ شخص يأمل في العودة إلى الوطن سريعاً، ونعلم جيداً مدى تقهقر حياة اللاجئين، يقول حكيم ويتابع: المجتمع بأكمله عاجز في هذه الحالة، معظم الناس لا يتفقون على إعادة التوطين. لكن بعض الأشخاص ذهبوا إلى تلك الجزيرة لأنهم افترضوا أنّهم سيعادون أولاً إلى الوطن، في حال بدأت إعادة التوطين.
إنه البؤس الذي يلف حزامُه كلّ تفاصيل الحياة هنا، وإنْ ظهرت رداءة المشهد بوضوح في هذه الصور، إلّا أنّ الحياة هناك تبقى أكثر ثقلاً على من يعيش في محيط لا مكان للإنسانية فيه.