تستمر الاغتيالات في ريف الحسكة عبر خلايا تنظيم داعش الإرهابي، حيث استهدفت هذه الخلايا مؤخراً مسؤولتان محليتان في منطقة تل الجاير القريبة من الحدود العراقية، وهما “سعدة الهرماس” الرئيس المشترك لمجلس بلدة تل الجاير، و”هند الخضر ” مسؤولة لجنة الاقتصاد في المجلس.
فريق أخبار الآن قام بالتوجه إلى هذه المنطقة التي تشهد توترات، بحكم التواجد الكثيف لخلايا تنظيم داعش وعملياتها في هذه المناطق خصوصاً انها متاخمة للحدود العراقية التي تحصل عبرها عمليات تهريب وتسلل بشكل مستمر.
جغرافية مساعدة للتنظيم
تتميز هذه المنطقة بأنها شبه صحراوية، تتوزع فيها منازل المدنيين بشكل متباعد ومفتقرة لأدنى الخدمات المعيشية من بينها خدمة الاتصال السوري حيث يتواجد فيها برج معطب كان يزود الأهالي بتل الخدمة ولم يتم إصلاحه بعد مما يساعد التنظيم على سهولة التنسيق والحركة التي تستخدم خدمة الإتصال العراقية.
في جولتنا لهذه المنطقة رافقتنا عناصر من الكوماندوس التابعة لقوات سوريا الديمقراطية المتواجدة هناك، والتي تعلم جيداً جغرافية وطبيعة المنطقة.
قمنا بزيارة عائلتا الضحيتين “سعدة الهرماس وهند الخضر“، حيث أجرينا معهم لقاء حيال اغتيال السيدتان بعد اختطافهما من منازلهن
عمل خدمي
” هند كانت موظفة ولم تحارب أو تحمل سلاحاً في حياتها، كان عملها يقتصر على العمل الخدمي”، يقول أحد أفراد عائلة هند. وأضافوا، ” وكانت تساعد المجتمع وتتقاضى راتباً شهرياً لتسطيع به إعالة أهلها وإبنتها اليتيمة، فأبوها ضرير وأمها أيضاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت جهودها ايضاً في العمل رصيداً مادياً لهذا المنزل”.
وأكملت والدة هند الحديث قائلة: “في حوالي الساعة السابعة مساءاً كنا نائمين، استيقظت على صوت سيارة وقفت أمام منزلنا، نهضت لأرى من جاء، وفجأة دفع أحدهم الباب بقوة في وجهي، وأقتحمت مجموعة مسلحة يبلغ عددهم ثلاثة أشخاص ملثمين المنزل، مستقلين سيارة من نوع “بي كاب كيا”، كنت أنا وأولادي فقط متواجدين داخل المنزل.
تتابع قائلة: ” أعتقدت أنهم جماعة لديهم مشكلة مع أحد أولادي، ولكن فور دخولهم قاموا بمهاجمتي وضربي ثم وضعوا السلاح على رأسي وهددوني إن صرخت أو عبرت الباب بغية الهروب سيذبحونني” .
نريد السلاح المنكل
في ذلك الاثناء أسرع شخص آخر منهم لجلب ابنتي هند من على فراشها وضربها أيضاً ومن ثم مطالبتها باخراج هاتفها الجوال، بعدما أخرجته طالبوا باخراج هاتف ثاني لها من نوع آخر.
وتابعت الأم قائلة: ” هم يعلمون مواصفاتها جيداً وأجبروها على تسليمه أيضاً وايضاً قالوا بأن هناك سلاح منگل عليكم تسليمه لنا واختطفوها بعد ذلك دون أن يدعوا مجالاً لنا بإصدار أية صوت أو حركة، حيث كانت الأسلحة صوب رؤوسنا مدعين أنهم استخبارات وسيعيدون لنا هند بعد عشرة دقائق لكن ما حصل أنها عادت في نفس الليلة ولكن كجثة مقتولة”.
وصول سعدة في هذه الساعة تحديداً
في ذلك الوقت تقريباً، داهمت نفس المجموعة من تنظيم داعش الإرهابي، منزل السيدة سعدة، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن منزل هند.
وقال أحد افراد عائلة الضحية الثانية لأخبار الآن: ” جاءت مجموعة تستقل عربة “كيا٢٧٠٠” أضواءها مطفئة، ومحملة بمسلحين توجهت لاقتحام منزلنا ووجهوا أفواه أسلحتهم التي كانت من نوع “AkS-74U“ الذي كانت تستخدمه داعش في العادة، صوبي وأداروا وجهي نحو الحائط وهم ينادوننا بوصفنا “كفار ومرتدين”، وأمروني بتسليم أختي سعدة فأجبتهم بانها غير موجودة، لكن ردوا بانني كاذب وان سعدة وصلت إلى البيت في هذه الساعة المحددة قادمة من مدينة الحسكة، وفي تلك اللحظة خرجت احدى اخواتي قالوا هذه ليست سعدة التي نبحث عنها ثم خرجت بعدها سعدة فقاموا فوراً باخذها معهم بطريقة عنيفة واخذوا مني هاتفي الجوال ايضاً وقالوا سنأخذها لنحقق معها وركبوا سيارتهم بعد اختطاف هند حيث كان عددهم يقارب ثمانية اشخاص اربعة منهم كانوا ينفذون عملية الاختطاف وآخرين يرافقونهم داخل العربة بعد اختطافها أسرعت السيارة واختفت بلمح البصر عن الأنظار.
“كيا ٢٧٠٠” شبح الموت
السيارة التي نفذت عملية اختطاف السيدات هي ذات السيارة التي ارتكبت مسبقاً جرائم عديدة في المنطقة واصبح شبحاً ورعباً لسكان المنطقة، حيث لا زالت ملاحقة من قبل الأجهزة العسكرية ولم يتم العثور عليها حتى الآن، ويتميز نشاطها الإجرامي بانها تظهر لارتكاب جرائم على اهداف محددة في فترات زمنية متباعدة نوعاً ما وتختفي عن الأنظار كلياً بعد كل عملية هجومية لها دون ان تترك اثراً لها يكشف موقعها وفق ما ذكروا لنا الاهالي والقوات العسكرية هناك.
سمعنا صوت إطلاق نار
بعد الخروج من منزل الضحية الثانية، توجه مراسل أخبار الآن نحو الموقع الذي تم العثور فيه الضحايا برفقة القوات العسكرية، وهي نفسها القوات التي جلبت جثامين الضحايا من مكان الجريمة وكان يبعد قليلاً عن بعض منازل المدنيين.
ذهبنا لنسأل المدنيين هناك، إن لاحظوا شيئاً ما هنالك، أخبرنا أحدهم بانهم سمعوا صوت إطلاق النار مساءاً، وفي تواجدنا عثرت القوات العسكرية التي رافقتنا على فارغة رصاصة سلاح”AkS-74U” وهو السلاح ذاته الذي كان بحوزة المجموعة التي داهمت المنزلين وذلك يؤكد أن جريمة القتل ايضاً حصلت هناك.
خطر يلاحق مثيلاتها في العمل
“الإرهاب لا ضوابط له ولا يستثني احداً” هكذا قالت السيدة “سمر العبدالله” عضو مجلس مقاطعة الحسكة لأخبار الآن، وأضافت: ” انها جريمة استهدفت الرئيسة المشتركة لبلدة تل الجاير ونائبتها بطريقة وحشية بعيدة عن كل المعايير الإنسانية، وتستهدف شخص المرأة على وجه التحديد باعتبارها حققت خطوات جدية وعظيمة في المرحلة الأخيرة بكافة المجالات، وتحمل لنا رسائل عديدة منها إعاقة دور المرأة في الاستمرار بممارسة نشاطها وأثبات نفسها كي تبقى بعيدة وكتومة لا تعبر عن ذاتها كنصف فاعل في المجتمع”.
حق الحياة حق مصان
وأضافت سمر قائلة: “هذا الهجوم تخريبي، يستهدف مصلحة الشعب، حيث كان يقتصر عمل زميلاتي في المجال الخدمي، لأهل تلك المنطقة فقط وهو مجال بعيد عن النطاق السياسي والعسكرية، هدف خدمي فقط لا غير.
وفي تعقيبها عن تلك الاغتيالات قالت: ” الطريقة التي اغتيل فيها زميلاتي طريقة إرهابية مخالفة لجميع الأعراف وحتى الشرائع السماوية التي تحرم هكذا افعال”.
وتابعت عضو مجلس مقاطعة الحسكة: ” نعيش في بلد يعصف فيه الفوضى ونحن في منطقة شمال شرق سوريا كان يتوجب علينا تنظيم أنفسنا، لذلك، بالتأكيد سنكون دائماً معرضين للخطر في سبيل إفشال هذا المشروع وإبعادنا عن تنظيم أنفسنا، لذلك نؤكد أن هذه الاعمال لن تمنعنا عن مواصلة الاستمرار في خدمة شعبنا ومجتمعنا ويزيدنا إصراراً أكثر على مواصلة العمل“.