الشيخ الفضلي: نرحب بأي شخص يعود لصوابه، وتائبون كثر هم الآن مواطنون صالحون في أبين
بينما تلتقط محافظة أبين جنوب اليمن أنفاسها وتنفض عنها غبار معارك وحروب عديدة أنهكتها، وتستمر في مواجهة أزمات أخرى مستمرة، استطلعت أخبار الآن خلال شهر نيسان/ أبريل الجاري (2021) نبض الشارع اليمني من مشائخ قبليين ومواطنين عن مدى قبولهم ورأيهم بخصوص عودة منشقين عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلى خيمة قبائلهم وحضن المجتمع المدني.
في هذا الاستطلاع، التقينا واحد من أبرز مشائخ محافظة أبين، والمعروف بنشاطه الكبير في الوساطات والصلح بين أبناء المحافظة وقبائلها وأفرادها، ألا وهو الشيخ حيدرة دحة الفضلي، مستشار محافظة أبين، أكد الشيخ حيدرة دحة الفضلي لأخبار الآن أنهم يرحبون بعودة أي شخص إلى صوابه وأهله.
وقال “نحن في أبين، تقريباً أغلب الشباب الذين انضموا إلى القاعدة هم أبناؤنا، ويمكن أنهم نتيجة لظروف ما، انضموا للقاعدة، ولكن بالنسبة لنا كمشايخ للقبائل، دائماً نحن نرحب بأي شخص يعود إلى صوابه وإلى أهله وناسه، فهذا شيء طبيعي بدلاً من أن ننبذهم ونعاديهم العداء، من المفترض أن نستقطبهم ونأتي بهم حتى يكونوا شباباً صالحين وقادرين على نفع أنفسهم وأهلهم والمجتمع بأكمله”.
وبسؤاله عن الدعم الذي يوفرونه للتائب من القاعدة عند عودتهم للقبيلة، أوضح الشيخ الفضلي أنهم “إذا استقبلناه من جديد ضمن القبيلة، نحن يمكن أن ننسق له حتى مع السلطات الأمنية للحصول على وظيفة، أو عمل، أي شيء يقوته وينفعه وينفع أسرته، فلا بد من أن نجد له شيئاً كي يعيش رجلاً نزيهاً صالحاً في المجتمع”.
وعما إذا كان منشقون من القاعدة قد لجأوا إليه طالبين العون، أكد الشيخ حيدرة ذلك مشيراً إلى أن “هناك مجموعات من الشباب كانت تربطنا بهم علاقات وانضموا للقاعدة، قد عادوا إلى المجتمع وطلبوا منا التدخل والصفح من قبل الجهات الأمنية، سواء في الحزام الأمني أو في الجهات الأمنية، وتوسطنا لهم وهم يعيشون الآن، كشباب مواطنين صالحين في إطار المجتمع بمحافظة أبين”.
وأشار مستشار محافظة أبين أن عودة التائبين عن فكر القاعدة إلى المجتمع لم تكن أمراً هيناً أبداً، إذ قال، “طبعا ليس هو بالسهل عودتهم للمجتمع نتيجة لتخوفهم من بعض الجهات الأمنية، إلا أننا نرى أن بعض الجهات الأمنية، بأمانة وصدق، تتعامل معهم وتحب أن يرجعوا مواطنين صالحين”.
كما أكد لنا مرة أخرى أن المحافظة “موجود فيها منشقون تائبون عن القاعدة، والحمدلله يعيشون في حرية وطلاقة في محافظة أبين ومديرية خنفر وفي مديرية زنجبار، وهم شباب جيدون جداً”. لكن الشيخ الفضلي نفى أن يكون من بين هؤلاء قيادات عليا سابقة في القاعدة، مؤكداً أن المنشقين الموجودين في المجتمع المدني “هم أفراد لكنهم كانوا مؤثرين جداً في إطار المجتمع”.
كما رفض الشيخ حيدرة ذكر أية أسماء معينة لكنه اعتبر أن أسباباً كثيرة ساعدت هؤلاء المنشقين على اتخاذ القرار، “منها تعب الحياة، فضلاً عن معرفتهم أنه ليس كل من هو قاعدة هو قاعدة من أجل الدين، ولكن هناك من هو قاعدة للأسف من أجل سياسة ومن أجل تنفيذ أجندة خاصة لبعض المسؤولين ولجهات معينة”.
الشيخ الفضلي: ندعو المنضوين تحت القاعدة للعودة وعلينا مراعاتهم ليعودوا صالحين
وأوضح أن هؤلاء “يرغبون بنبذ العنف واعتبار ما حدث موجة ومرت، أو نزوة ومرت، وإن شاء الله يعودون صالحين بإذن الله”، مشيراً إلى أن “أي فكر متطرف وأي أوامر أو أعمال عنف الكل ينبذها، فالمواطن العادي لا يحب العنف، ونحن بالذات في محافظة أبين، في إطار الجمهورية وإطار المحافظات الجنوبية دائماً نحن نحب السلم والسلام”.
وحول كيفية إعادة تأهيل الأفراد الذين تركوا القاعدة وانشقوا عنها، أشار الشيخ الفضلى إلى أن “هذا ما يفترض أن تقوم به الدولة، إذ منا لمفروض أن تنشيء الدولة مراكز إعادة تأهيل لمثل هؤلاء الشباب، فالبعض منهم قاصر والبعض منهم ليس عنده فكر، فمن المفترض أن تنشيء الدولة مراكز لتأهيلهم ولإعادتهم وإفهامهم أن بعض الأمور لا تصلح”.
ووجه الشيخ حيدرة دحة الفضلي رسالة للمنضمين إلى القاعدة لتركها والاندماج والاندماج بالمجتمع من جديد لأجل اليمن، قائلاً، “نحن ندعو كل أبنائنا، كل المنضوين تحت مسمى القاعدة، فهم بالنهاية أبناءنا، ومن جلدتنا وعلينا مراعاتهم وعلينا مسايرتهم وعلينا التواصل معهم حتى يعودوا أبناء وشباباً صالحين، ينفعون أنفسهم وأهلهم في المجتمع”.
الشيخ بدر: من السهل الاندماج بالمجتمع المدني إذا كانت توبة المنشق نصوحة ونحن نعينه فيها
الرأي نفسه وجدناه عند الشيخ بدر ناصر أحمد عبدالله، وهو كذلك واحد من مشائخ محافظة أبين البارزين، وقد أكد لأخبار الآن أنه في حال أتاه أي فرد من القاعدة راغباً في التوبة، فلا بد “نحن نرحب بأي واحد تائب في مجتمعنا المدني هذا، ونرحب بأي شخص كان يتبع تنظيم القاعدة، ونحاول أن نستقطبه ونعينه وننسق له مع السلطة المحلية، ونعينه إلى التوبة”.
وقال الشيخ بدر أنه “على سبيل المثال، هناك كثير من الأشخاص الذين استغلتهم هذه التنظيمات وهذه الجماعات لظروفهم المعيشية”، مشيراً أن الدعم الذي يوفرونه للمنشقين التائبين عن الفكر المتطرف هو أن “نسهل لهم الأمر عند السلطات الأمنية، بحيث أننا نلتزم ونصلح بين الطرفين ونعمل التزامات بألا تتكرر عودته إلى تنظيم القاعدة”.
واعتبر الشيخ بدر أنه من السهل عودة المنشق للمجتمع المدني “إذا كانت توبته ناصحة وعنده نية مطلقة فيكون ذلك سهلاً جداً”، مشيراً إلى أن ذلك يقوى بوجود “الثقة المتبادلة بيننا وبينه، ونعينه بإعادته للمجتمع المدني ونوفر له سبل العيش بوساطتنا مع السلطة المحلية”.
ولم يعط الشيخ بدر أسماء منشقين تائبين ومندمجين بالمجتمع في محافظة أبين، كما هو حال المشايخ الآخرين وبالطبع فذلك يدخل في باب السرية والمحافظة على الاتفاقات بين الأطراف جميعها والحرص على الثقة المتبادلة.
ولفت الشيخ بدر إلى أن اليمنيين في محافظة أبين ينبذون الفكر المتطرف، موضحاً أن من غرر بهم “كان استقطابهم إلى هذه التنطيمات سهلاً جداً، لأن سبل العيش كانت عندهم ضيقة فاستغلوا حاجتهم”، مشيراً إلى أن “هناك أناس أصحاب خير، وهناك وساطات، وشخصيات قبلية يلجأ بعض أفراد القاعدة إليهم ويتوبوا”.
كما أكد أن “كثيراً ممن استقطبتهم القاعدة قد عادوا إلى صوابهم، والحمدلله هناك كثر عادوا إلى المجتمع المدني وأمورهم طيبة”، مشجعاً المنضوين تحت القاعدة إلى أن “عليهم أن يعودوا إلى صوابهم ويرجعوا إلى المجتمع المدني، ويعينوا السلم والسلام والأمن والأمان في محافظة أبين”.
جهاد: نطالب الحكومة باستيعاب الخامات الشابة في شتى مجالات العمل حماية لها من الاستقطاب
الشارع اليمني في أبين ليس بعيداً عن رأي المشائخ، وإن تحدثوا أكثر عما عانوه من صعوبات خلال سيطرة القاعدة على المحافظة على مستوى كل الجوانب الحياتية.
جهاد حفيظ، واحد من والوجهاء القبلين في محافظة أبين، طالب المنظمات الدولية بالاهتمام بالإعمار في المحافظة التي “عانت الكثير من المشاكل بسبب الحروب المتكررة التي تعرضت لها منذ عشرات السنوات”.
كما طالب “الجهات الرسمية والحكومة بأن تكون ذلك المصدر الذي يعيد الحياة والاستقرار لهذه المحافظة وخصوصاً بعد المبادرة الخليجية واتفاق الرياض”، لافتاً النظر إلى أن “هذه المحافظة تحتاج للكثير من المشاريع السريعة التي تعيد البسمة لأبناء أبين الذين طالما تعرضوا لهذه الأزمات”، فقد آن الأوان “أن يرتاحوا أبناء أبين”.
وأوضح جهاد حفيظ أن “محافظة أبين تمتلك مخزوناً كبيراً من الشباب الذي لديه خامات وهوايات متعددة، والذي بسبب تلك الحروب تعرض لحالة من الاستقطاب وحالة من الفراغ، ونطالب الحكومة باستيعاب تلك الخامات الشابة في الكثير من المجالات، حتى يتسنى لهم الانخراط في الحياة، والبدء بحياة شريفة وكريمة توفر لهم ذلك الرزق من أي باب من مجالات الحياة المختلفة”.
الصلاحي: أتقبلهم في ظل لوائح الدولة وقوانينها، فهم جزء من النسيج المجتمعي ونتمنى عودتهم
ماهر الصلاحي، إبن مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، تحدث لأخبار الآن عن الوضع الذي عاشوه إبان سيطرة القاعدة، وعن مدى تقبله للمنشقين التائبين منها.
قال الصلاحي، “طبعاً أنا كمواطن من محافظة أبين وعاصمتها زنجبار، مرحلة القاعدة عام 2015 كانت فترة في غاية الصعوبة بالنسبة للناس على مستوى حياتهم في كل الجوانب، طبعاً بنية تحتية مدمرة وظروف صعبة تعيشها الناس في ظل كثير من الاحتياجات المفقودة وكان المواطن يعاني ولا يشعر بالأمن والأمان ولا بالاستقرار نتيجة فقدان الجانب الأمني وهو الأساس والمهم”.
وأضاف الصلاحي أن “كثير من السرقات حدثت، وكتير من تعطيل بعض المشاريع، وحصل الكثير من نهب أثاث ومعدات بعض المرافق الحكومية، وفقد كثير من الأوراق والوثائق والملفات التي تخص هذه المرافق، أيضاً نحن مرينا بفترة في غاية الصعوبة، عانينا فيها الكثير وشعرنا فيها بالألم”.
بالرغم من الألم الذي شعر به ماهر الصلاحي، أو أبو عبدالله، والمعاناة التي وقعت على الأهالي، فهو مستعد لتقبل المنشقين التائبين من القاعدة، ولكن بشروط.
أوضح الصلاحي أنه “والله بالنسبة لتقبلهم كمواطنين، ولكن هذه المشكلة أو الإشكالية هذه تظل في إجماع رأي عام، أو في ظل حل دولة تحسم المسألة هذه، وأنا كمواطن أرغب بأن يعيشوا بسلام وبأمان في ظل لوائح الدولة وقوانينها”.
وأضاف أبو عبدالله أن المنشقين من القاعدة “هم إخواننا، وهم جزء من هذا الكيان والنسيج المجتمعي، ربما ضلوا أو ربما كانت التقديرات غير مناسبة في ظل هذه الظروف التي مرت، فاتخذوا هذا القرار، ولكن نحن نتمنى أن يعودوا مع إخوانهم ويعيشوا حياة مشتركة معنا في ظل لوائح الدولة وقوانينها”.
وأكد أنه لا يمانع من العمل مع منشق تائب “إذا هو مواطن، وعاد ولا توجد عليه أي إشكالية أو وضع بالنسبة لارتباطه في القاعدة، نحن نرحب بهذه المسألة وهم إخواننا وجزء من هذا المجتمع والنسيج المجتمعي”.
أحمد: في ظل حكم القاعدة أول ما تعرضت له أبين الدمار وتشويه صورتها ومبانيها والتنكيل بأبنائها
من جانبه، قال المواطن اليمني أحمد علي، أحد أبناء مدينة زنجبار أن “الأوضاع في ظل وجود هذه العصابات الإرهابية كانت مأساوية في هذه المحافظة، وكان أول ما تعرضت له هذه المحافظة كثير من الدمار وتشويه صورتها ومبانيها والتنكيل بأبنائها في ظل حكم القاعدة لأبين”، معرباً عن أسفه “أنها ما زالت مستمرة هذه الآثار لليوم، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة الآن من تغيير هذه الأوضاع”.
وأضاف أحمد، “نسأل الله أن لا تتكرر مثل هذه الأمور وأن يرجعوا شبابنا وأبناؤنا إلى الأجمل، وعدم والدخول في هذه الأحزاب المتطرفة والعصابات التي تستهدف تدمير المحافظة وأبنائها”، موجهاً الشكر لأخبار الآن “على هذه المقابلة والنزول إلى الميدان لتنظروا إلى ما تعرضت له مدينة زنجبار خصوصاً وتنقلون هذه الصورة للرأي العام”.