صاحب حساب مزمجر الشام على تويتر:
- القاعدة لا تستطيع حماية عناصرها في الشام
- الجولاني كان ولا زال السبب الأبرز وراء انحسار القاعدة
- استراتيجية القاعدة في الشام هي “التكيّس” حتى تتمكن من اغتيال الجولاني
- الجولاني استغلّ اسم “القاعدة” في فترة ما حتى أصبح الاسم الآن عبئاً على أيّ جماعة جهادية
- الهوة تتسع بين قيادة القاعدة المركزية والعناصر
“أفول القاعدة”
لم تكن المناوشات بين هيئة تحرير الشام بزعامة الجولاني وفرع القاعدة في الشام حراس الدين جديدة منذ أعلن الفرع في يناير 2018. لكنها وصلت الذروة في الصيف الماضي. قتل التحالف من قتل من قيادات التنظيم كان آخرهم وأبرزهم أبو القسام الأردني، خالد العاروري، صهر الزرقاوي وعديل أبي جليبيب الطوباسي، ونائب أمير فرع القاعدة في الشام المدعو أبو همام الشامي. الجولاني اعتقل من بقي من قيادات أبرزهم أبو عبدالرحمن المكي. فما هو مستقبل القاعدة في الشام؟ سألنا شخصية جهادية نشطة على السوشيال ميديا باسم “مزمجر الشام.”
مزمجر الشام
بعد أن توقف أشهر، يعود حساب مزمجر الشام الشهير بالتغريد. الحساب كما يعرف عن نفسه هو “صـوت شـامي من التيـار الجهـادي” ويتخصص في كشف كواليس الجهاديين؛ ويمثل موسوعة فيما يتعلق بـ”الجهاد الشامي.”
في منتصف يونيو الجاري، بدأ نشر سلسلة أرشيفية ذات علاقة بتنظيم حراس الدين وتحديداً سمير حجازي الذي يُعرف أيضاً باسم الفاروق السوري وأبو الهمام الشامي.
في هذا المحتوى الأرشيفي تفاصيل لافتة تفيد في فهم ماضي ومستقبل القاعدة في الشام. وكنا أرسلنا أسئلة إلى بريد حساب مزمجر الشام على تويتر وأجابنا بما يوضح هذه الأبعاد.
أبو همام السوري
يقول مزمجر الشام إن أبا همام لم يكن من مؤسسي جبهة النصرة، بل انضمّ إليهم بعد عام من تشكيلهم. لكنه اكتسب قوة داخل المجموعة بفضل “خلية خراسان” التي ضمّت قاعديين عتاولة جاؤوا إلى الشام من أفغانستان في 2013. وهذا تفصيل مهم له أبعاد فيما يتعلق بـ”الشرعية” التي يفضيها اسم “القاعدة” على أي تنظيم أو فرد كما سيتضح لاحقاً.
خلية خراسان عيّنوا أبا همام قائداً عسكرياً لجبهة النصرة ضد رغبة الجولاني الذي أراد أن يحيط نفسه برفاقه من “التجربة العراقية،” كما يصفها مزمجر. قصة صعود الجولاني في التنظيم الجهادي باتت معروفة. هو ليس جهادياً مخضرماً. سافر من الشام إلى العراق قبيل الغزو الأمريكي في 2003، ولم يستغرق طويلاً قبل أن يمضي خمسة أعوام في سجن بوكا. ثم خرج وتعرّف إلى البغدادي ومن هناك إلى الشام. ليس له تاريخ “المجاهدين العرب الأفغان،” ولم يحظى بلقاء شخصيات جهادية وازنة. أبلغ ما وصل إليه كان أبا علي الأنباري الذي عرّفه إلى البغدادي. الجولاني كان يدرك حجمه. والأهم كان يدرك حجم طموحه.
وبعد لقاء الفاروق مع أعضاء “خلية خرسان” وقدامى المقاتلين في القاعدة تم ترشيحه ليكون القائد العسكري العام لجبهة النصرة، بحكم أنه معروف لديهم على عكس الجولاني.. وتم تعيين أبو فراس السوري الذي قدم من اليمن أيضاً في عام 2013 ليكون المتحدث الرسمي باسم تنظيم القاعدة في سوريا
مزمجر الشام
بحسب مزمجر، ظهرت في هذه الفترة الخلافات بين الجولاني وأبي همام، ومن ورائه خلية خراسان. أولاً بخصوص التعامل مع البغدادي وداعش؛ فأبو همام كان متشدداً وأراد القضاء على البغدادي قضاء حاسماً، لكن الجولاني كان متردداً. وثانياً، بسبب الخلاف على الصلاحيات واختيار نائب الجولاني. بحسب مزمجر، الخلية اختاروا عبدالرحيم عطون نائباً للجولاني، لكنه عيّن أبا أحمد حدود.
وهكذا وُلد حلف معارض للجولاني في جبهة النصرة ضم: خلية خراسان وأعضاء في مجلس شورى القاعدة العالمي وأفراداً مثل أبي عمر سراقب وأبي فراس السوري.
يتابع مزمجر: “حاول الحلف الإطاحة بالجولاني عبر مراسلات مع سيف العدل في إيران. لكن الجولاني علم بالأمر وهنا بدأت الاغتيالات والاعتقالات تطال المعارضين. أبو همام تعرض لمحاولتي اغتيال وقتها.”
في 2016، مع إعلان الجولاني فك الارتباط، انشق أبو همام عن الجولاني “ولم يكن في نيته إنشاء فرع جديد للقاعدة. لكن التوجيهات من القاعدة الأم جاءت بتشكيل حراس الدين. وتوالت الانشقاقات داخل الهيئة والانضمام للقاعدة كجيش الساحل وجيش البادية وجيش الملاحم.” وعُيّن أبو همام أميراً لفرع القاعدة في الشام لأنه سوري متفوقاً على الأردني صاحب الأسبقية في التنظيم أبي القسام خالد العاروري.
علامات استفهام
وهذا كلام لافت. لا يزال غير واضح كيف أن القاعدة المركزية دفعت باتجاه تشكيل تنظيم حراس الدين وهم يعلمون، على الأقل في ذلك الوقت، أن فك الارتباط كان “شكلياً” حسب خطة الجولاني – الظواهري. هل كان تنظيم حراس الدين “شكلياً” أيضاً؟ وهل يفسر هذا الخلافات داخل التنظيم وانسحاب شخصيات وازنة مثل الطوباسي أبي جليبيب وأبي خديجة؟ وانشقاق جماعة أبي يمان الوزاني؟
وهل يفسر هذا كيف أن ابا همام، الذي لم يتفق مع الجولاني قط، عمل معه في غرفة عمليات الفتح المبين وهو الأمر الذي رفضه آخرون مثل أبي ذر المصري وأبي يحيى الجزائري وحتى إنهم طالبوا بمحاكمة العريدي وأبي همام. في المحصلة، كل هذا يشير إلى بداية شق اتسع بحيث لم يعد يجدي الرتق بين قيادة القاعدة، ممثلة بالظواهري وسيف العدل، وبين القواعد والعناصر التي تُطحن في الميدان.
العقدة التركية
تفصيل آخر لافت في سرد مزمجر الشام هو أن أبا همام كان “يرى في تركيا رئة للثورة السورية ويرفض بشكل قاطع الصدام معها.”
قيادة الحراس سياستها مختلفة، فهي لا تود الدخول في أي صراع مع الأتراك أو احتكاك معهم، وليس لديها مشكلة حتى في فتح تواصل معهم
مزمجر الشام
هذا ما لا يدركه أنصار القاعدة. يقول مزمجر في إجابة أحد الأسئلة التي أرسلناها إليه إن قيادة حراس الدين لا يريدون الدخول في أي صراع مع الأتراك “أو الاحتكاك معهم وليس عندهم مشكلة في فتح تواصل معهم.” وهنا تتسع الهوة بين القيادة والأنصار “المغيبين” الذين “لا يفهمون” هذه السياسة فيتوجهون بـ “خطاب حماسي فارغ (ضد تركيا) لا يتوافق مع وجهة نظر قيادتهم (الحراس).”
القاعدة تخطط لاغتيال الجولاني
وكما أن قيادة الحراس أو القاعدة ترفض الصدام مع تركيا، كذلك هم يرفضون الدخول في صراع مع هيئة تحرير الشام. فكيف تحمي القاعدة عناصرها في إدلب إذا؟ سألنا مزمجر.
يجيب بأن الجولاني “كان ولا زال السبب الأبرز وراء انحسار القاعدة؛” لكن القاعدة “لا تستطيع أن تفعل شيئاً الآن لحماية نفسها في سوريا” إلا باتباع استراتيجية “التكيّس” والانتظار. ويضيف: “قيادة القاعدة متمثلة بسيف العدل وهو مسؤول ملف سوريا في القاعدة الأم، يعرفون أن المواجهة مع الجولاني ليست في صالحهم الآن، لذلك يسعون للتهدئة ويوصون حراس الدين بذلك، لأنهم في حالة ضعف وغير قادرين على مواجهة الهيئة. وفي ذات الوقت يسعون للتخلص من الجولاني ان أمكن ذلك بعملية أمنية قد تحدث في أي وقت.. النية موجودة بمحاولة قتله لكن التنفيذ بحسب ما تسنح الفرصة.”
قد تفسر استراتيجية “الخلايا النائمة” وحالة “التكيس” التي يتحدث عنها مزمجر، ما يحدث مع الجماعات التي يُعلن عنها كل فترة ويُقال إنها تقاتل من أجل حراس الدين، ثم تختفي أو يتبرأ منها أنصار القاعدة كما حدث مع سرية أبي جليبيب الأردني.
“براند” القاعدة
الجولاني استغل “براند” القاعدة ثم خلعه عندما انتهت صلاحيته. يشرح مزمجر: “القاعدة سابقاً وفرت للجولاني مرجعية شرعية في مواجهة داعش؛ و وفرت له الآلاف من العناصر من داخل وخارج سوريا انضموا إليه بناءً على شرعية القاعدة التي سبغتها عليه. أما الان فالأمر مختلف تماماً ، حيث اختفى تحدي داعش ولم يعد الجولاني بحاجة للغطاء الشرعي للقاعدة ، واستطاع اقناع الكثير من عناصره بالبقاء في مشروعه بعيداً عن القاعدة. ولم يعد هناك تدفق للمقاتلين إلى سوريا كالسابق ، فما عاد اسم القاعدة الجاذب للكثير من الجهاديين يفيد.”
القاعدة سابقاً وفرت للجولاني مرجعية شرعية في مواجهة داعش، ووفرت له الآلاف من العناصر من داخل وخارج سوريا انضموا إليه بناءً على شرعية القاعدة التي سبغتها عليه
مزمجر الشام
إذاً، سألنا مزمجر الشام: “إلى اي درجة يمكن لجماعات أخرى أن تحذو حذوه؟ تلبس عباءة القاعدة وتخلعها حسب الحاجة؟ يتفق مزمجر الشام. يقول: “نعم الآن اسم القاعدة سيكون عبئاً على أي جماعة ، لذلك الحراس فشلوا في استقطاب اي جماعة جديدة إليهم.”