على وقع الأعمال العدائية التي ينفّذها الحزب الشيوعي الصيني بحقّ أقلية الإيغور المسلّمة في إقليم شينجيانغ، وما يتضمن ذلك من اعتداءات خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، احتفل الحزب الحاكم بعيد تأسيسه المئة.
- جولشان عباس طبيبة غيغورية عوقبت نيابةً عن شقيقتها
- بعد إخفائها قسرياً، الصين تسجن جولشان 20 عاماً بتهمة الإرهاب
- شقيقة جولشان: أشعر بالذنب تجاه ابنتي شقيقتي وأحفادها
يأتي ذلك في وقت يواصل فيه ضحايا هذا النظام وعائلاتهم بالتحدّث إلى العلن، عن الممارسات التي تتعارض مع القانون الدولي والإنساني، ليفضحوا بذلك زيف هذا النظام ويكشفوا حجم الإنتهاكات التي ترتكب بحق الإيغور، فيما تشير التقارير والشهادات إلى أنّ الصين ترتكب جرائم إبادة بحق هذه الأقلية. الطبيبة جولشان عباس هي واحدة من ضحايا النظام الصيني، الذي يعاقبها نيابةً عن شقيقتها. فما هي قصة جولشان عباس؟
الحرية للطبيبة جولشان عباس
الحرية للطبيبة جولشان عباس… هي الإيغورية التي كانت تعمل وتعيش في أورومتشي الصينية بشكل طبيعي، وكانت تكرس حياتها لخدمة الناس كما تقول عائلتها لـ “أخبار الآن”، لكن فجأة تغيّر كل شيء، وانقلبت حياتها رأساً على عقب. فقد اختفت جولشان في أيلول العام 2018، وبعد أشهر عديدة أعلنت الصين الحكمَ عليها بالسجن لعشرين عاماً بتهمة الإرهاب، في إطار إضطهاد الأقلية المسلمة في شينجيانغ.
وقد أتى هذا الإعتقال بعد ستة أيّام فقط على تصريحات أدلت بها شقيقتها الناشطة روشين عباس، في حلقة نقاش في واشنطن، تحدّثت فيها عن مخيمات الاعتقال والإبادة التي ينفذها النظام الصيني بحق الإيغور.
آنذاك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون: “حكم على جولشان عباس من قبل الأجهزة القضائية الصينية، بسبب مشاركتها في الإرهاب ومساعدة الأنشطة الإرهابية وتعطيل النظام الإجتماعي بشكل خطير”، من دون أن يقدّم المزيد من التفاصيل.
قبل هذا التصريح المقتضب، عاشت عائلة الطبيبة الإيغورية، وهي أم لابنتين، لحظات صعبة ومازالت، إذ لم تتمكن من معرفة أيّ معلومة عنها. لكنّ روشين، شقيقة جولشان، تقول لـ “أخبار الآن” إنّها تشعر بالذنب، إلّا أن هذا الشعور كان دافعاً ومحفراً لجعل حملتها في وجه الحزب الشيوعي الصيني أكثر شراسة.
وتقول روشين لـ”أخبار الآن“: “أشعر بالذنب تجاه ابنتي شقيقتي وتجاه أولادهما أي أحفاد شقيقتي لأن قلبي ينفطر عندما ينادونني جدّتي لأنه يفترض بهم أن ينادوا شقيقتي كذلك. يفترض بهؤلاء الأطفال أن ينموا تحت جناح شقيقتي ويتحدثوا إليها بدلاً من أن ينادوني جدّتي لكنني لا أعتقد أنهم يلقون اللوم عليّ فأنا على علاقة وطيدة بهم إلا أنني أشعر أحياناً بالذنب”.
روشين: أشعر بالذنب تجاه ابنتي شقيقتي وأحفادها وقلبي ينفطر عندما ينادونني جدّتي
وتابعت: “أشعر بالسوء وأستيقظ في منتصف الليل وأفكر فيها، لكن ذلك يمنحني القوة لأحارب بشراسة أكبر. الحب الذي أكنّه لشقيقتي وحبّنا لعائلة زوجي وحمواي وحبّي لشعبي ولوطني، يعطيني الزخم، ويقوّيني الحب لأكافح النظام التوتاليتاري الذي يشن حرباً على الإسلام والإنسانية والديمقراطية والحرية، لذلك من واجبي ألا أتوقف عن الكلام”.
كانت الطبيبة المتحدّرة من إقليم شينجيانغ شمالَ غرب الصين، مواطنة تحترم القانون وتعيش حياة طبيعية جدّاً، وكذلك تتحدث اللغة الصينية بطلاقة. وقد أكّدت روشين أنّ سلوك النظام الصيني واعتقال شقيقتها، لن يجعلاها تتخلى عن رفع الصوت نصرةً لجولشان وأقلية الإيغور بشكل عام. وقالت: لا معلومات عن مكان تواجد شقيقتي، لقد أوقفت التواصل مع عائلتي في وطني الأم منذ صيف 2017 من أجل حمايتها. شقيقتي أم لفتاتين تعيشان في الولايات المتحدة الأمريكية. كانتا تتواصلان مع أمهما ولكن منذ العاشر من سبتمبر/ أيلول لم يصلهما أي خبر عنها، وهذه حال عائلة زوجي أيضاً.
وأضافت: أعتقد أنّهم يريدون إسكاتي ومنعي من الدفاع عن شعبي ومن كوني صوت مَن لا صوت له. إذاً كانوا يهددونني ويهددون عملي في الدفاع عن شعبي عبر اختطاف شقيقتي، وهذا الأمر ليس نافعاً ولن ينفع كما لم ينفع في السابق، لأن جهودي ازدادت بنسبة ضعفين و3 أضعاف منذ اختطاف شقيقتي الدكتورة هوجيينا باز.
منذ أيّام قليلة، وللمرّة الثالثة على التوالي، مرّ عيد ميلاد جولشان عباس بينما تقبع في معتقلات النظام الصيني، لكن رغم ذلك، فقد كان الاحتفال بالمناسبة فرصة لحملة، قامت بها ابنتها، تطالب بالأفراج عن أمّها. وفي هذا اليوم غرّد عدد من المسؤولين الدوليين عبر هاشتاغ الحرية لخولشان عباس.
روشين: الصين تنفذ من العقاب على الإبادة التي تقوم بها لأنّها تشتري صمت بلدان عديدة
واعتبرت روشين عباس أنّ الحكومة الصينية تنفذ من العقاب على الإبادة التي تقوم بها لأنّها تشتري صمت بلدان عديدة، وهي تستعمل السلطة من خلال مبادرة “الحزام والطريق” والتهديدات التجارية والتأثير على الأمم المتحدة كون الصين هي أكبر ثاني دولة مانحة وديبلوماسية التهديد بالموت التي تعتمدها مع عدة بلدان وتحاول الصين أن تتهرب من العقاب على هذه الإبادة الناشطة لكنني أعرف أن العالم يدري بما تقوم به هذه الدولة الدكتاتورية من جرائم ضد الإنسانية وسيسائل العالم بأسره الصين لذلك أعتقد بقوة أن شقيقتي ستنال حريتها يوماً ما وسأراها في أحد الأيام إن شاء الله.
ابنة جولشان تقول إنّ أمّها طبيبة محترفة، وقد أمضت حياتها في مساعدة الناس، مشددةً على أنّ سلوك النظام الصيني دليلٌ آخر على تصميمه، على القضاء على المهنيين والمثقفين الإيغور. فيما دعت روشين المجتمع الدولي، إلى بذل المزيد من الجهود من أجل محاسبة الصين على انتهاكاتها في إقليم شينجيانغ.
وقالت: “هذا أمر يصعب علينا كثيراً التعاطي معه. أنا أعيش في بلد حرّ ولكن يحاول النظام الصيني إسكاتي بعض الشيء ومنعي من المناصرة ومن ممارسة الحقوق التي يمنحني إياها دستور بلادي. كما أن الصين التي تقع على بعد آلاف الأميال من الجهة المقابلة من المحيط بالنسبة إلى المدينة التي أعيش فيها في الولايات المتحدة ، تحاول أن تستعمل طول باعها لكي تحاول تعذيبي من خلال اختطاف شقيقتي كرهينة ولكنني أؤكد أن هذه الخطة لن تنجح. لم تنجح في السنوات القليلة الماضية ولن تنجح الآن. ما لا يفهمه النظام الشيوعي الصيني وما يحاول تقويضه هو قوة الحب أي الحب الذي أكنّه لشقيقتي البريئة ولشعبي. وهو ما سيدفعني للنضال وإكمال كفاحي.
تجدر الإشارة إلى أنّ روشين كشفت أيضاً أنّ الصين تختطف كل أفراد عائلة زوجها، منذ أبريل 2017، والتي كانت تسكن في مقاطعة هوبان، حيث غالبية السكان هم من الإيغور. وتحدّثت عن حالة زوجها السيئة، وهو لا ينفك يفكر بأفراد عائلته.
روشين عباس: تمسّكي بقوتك وناضلي لتبقي على قيد الحياة
وتشير تقارير أخرى إلى أنّه يتم نقل الإيغور من معسكرات الإعتقال إلى حالات العمل القسري، لتجنّب التدقيق الدولي لنظام العقوبات غير القانوني، الذي تشير إليه الحكومة الصينية على أنه مراكز مهنية طوعية، وأنّ النساء الإيغور يخضعن بانتظام لسياسات تنظيم الأسرة التي تشمل الإجهاض والتعقيم القسريين.
وقد توجّهت روشين إلى شقيقتها عبر “أخبار الآن” بالقول: “تمسّكي بقوتك وناضلي لتبقي على قيد الحياة. إن حالفنا الحظ، تُحاكم هذه الحكومة الشيطانية يوماً ما ويُطلق سراح شقيقتي قريباً لذلك أود أن أقول لها “تمسّكي بقوتك. نحن نحبها ولن نستسلم أبداً قبل أن نراها حرّة”. وختمت: “أفتقدها كثيراً. بعد رحيل أمي، أصبحت شقيقتي بمنزلة أمي سأقوم بكل ما بوسعي وسأواصل زيادة جهودي بنسبة الضعفين أو الثلاثة أضعاف لمناصرتها ومناصرة ملايين المسلمين الأويغور الأبرياء”.
شاهدوا أيضاً: من أديب رفيع المستوى لمعتقل في شينجيانغ.. أيكنات لم تعرف والدها عندما رأته