- منذ نشأته و على عكس شعاراته سعى تنظيم القاعدة الى استهداف المدنيين.
- المدنيون هم أبرز مصدر للابتزاز من قبل التنظيم الإرهابي.
- من طلب الفدية الى الإختلاس المدنيون هم الضحية.
“بالقتل والدمار لكل من يخالف مبادئ تنظيم القاعدة”، شعار تنظيم القاعدة منذ نشأة التنظيم، حيث استند التنظيم الي فتوي الإرهابي “ممدوح محمود سالم“، الذي وضع قواعد استهداف الغرب والحكومات والشعوب الإسلامية تحت حجة الاسناد لفتوى بن تيمية بقتل المغول حيث أعلن الإرهابي ممدوح سالم الفتوى الأشهر والأهم في تاريخ تنظيم القاعدة والتي تنص على انّ “المسلمين يجب ألا يقتلوا المغول فقط، ولكن يقتلوا أي شخص ساعد المغول، والذين اشتروا بضائع منهم أو باعوا لهم”.
هذه الفتوى كانت بداية الانطلاق للعمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة بدول العالم والاقليم، والتي أسفرت عن سقوط الالاف من الضحايا المدنيين بدول العالم، فبتحليل نتائج مجمل عمليات تنظيم القاعدة على مدار ما يقرب من ثلاثين عام من عمر التنظيم الإرهابي نجد أن 80% من مجمل العمليات الإرهابية للتنظيم كانت ضد أهداف مدنية أسفرت عن سقوط آلاف المدنيين، مع أضرار كبرى ضد البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية والمدنية بالإضافة لابتزاز ونهب ثروات المدنيين.
المدنيون أبرز ضحايا عمليات تنظيم القاعدة
منذ اللحظة الاولي لنشاط وتكوين تنظيم القاعدة اهتم التنظيم باستهداف المدنيين في محاولة لسقوط أكبر عدد من الضحايا كنوع من نشر الرعب بين الشعوب ومن جانب آخر اضعاف الدولة المركزية وتقليل من شرعيتها السياسية، وهو ما عبر عنه وأعلنه الارهابي “رمزي يوسف” المتهم بمحاولة تفجير مركز التجارة العالمي 1993، فأثناء التحقيقات معه من الأجهزة الأمنية الامريكية أكد الإرهابي “رمزي يوسف”، بأن المستهدف من محاولة تفجير مركز التجارة العالمي 1993، هو قتل ما يقرب من 250 ألف مواطن أمريكي، متواجدين داخل المبنى.
فكان تركيز تنظيم القاعدة على المدنيين بشكل أساسي لكونهم الحلقة الأضعف في عملية الاستهداف مقارنة بمؤسسات الدول، وهو ما تحقق باستهداف تنظيم القاعدة برجي مركز التجارة العالمي 11 سبتمبر 2001، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 3000 الاف مدني امريكي وجنسيات أخرى.
وكانت أولى العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة في عام 1992 بتفجير فندق “موفنبيك” وموقف السيارات التابع لفندق “جولدموهر”، بمحافظة عدن اليمنية في محاولة لاستهداف بعض الأمريكان، حيث ظهر تنظيم “القاعدة” في اليمن بصورة أولية عقب عودة ما عرف باسم “الأفغان العرب”، الذين كان يوجد بينهم العديد من اليمنيين، وكانت أول عملية يقوم بها “التنظيم”، في عام 1992، عندما استهدف عدداً من عناصر من القوات البحرية الأمريكية “المارينز”، التي كانت تقيم في فندق عدن وهي في طريقها إلى الصومال.
ومنذ ذلك التوقيت نفذ التنظيم العديد من العمليات كان من أبرزها استهداف بعض السياح البريطانيين والأستراليين في مدينة “أبين” في ديسمبر 1998, ثم استهداف المدمرة “كول” مما أودى بحياة 17 بحاراً أمريكياً، وكذا تفجير ناقلة النفط الفرنسية “ليمبورج “، قبالة شواطئ حضرموت شرق البلاد في نوفمبر 2002، وفي مطلع عام 2009 أعلن تنظيم “القاعدة” بجناحيه “اليمني” و”السعودي” عن عملية دمج في إطار تنظيمي واحد أطلق عليه “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”.
وعقب الاندماج قام “التنظيم” بنشاط بشكل ملحوظ داخل الأراضي اليمنية، فضلاً عن وجود نشاط له في الأراضي السعودية، وكانت أبرز عملياتها في تلك الفترة هي محاولة اغتيال “الأمير محمد بن نايف” الذي كان يشغل منصب مساعد وزير الداخلية السعودي في 28 أغسطس 2009 بمدينة جدة، كما تبنى التنظيم محاولة تفجير طائرة أمركية في 25 ديسمبر 2009، عندما كانت تقوم برحلة من أمستردام بهولندا إلى مدينة ديترويت بالولايات المتحدة، وقام بها النيجيري عمر الفاروق قبل أن يتم إحباطها.
وكانت العملية الأبرز والأكثر شراسة ضد المدنيين في اليمن هي اقتحام مستشفى العرضى بالعاصمة اليمنية في 5 ديسمبر 2013، حيث قام عناصر التنظيم بتنفيذ عملية انتحارية متنكرين بلباس عسكري ويحملون أسلحة خفيفة مدعومين بسيارات تحمل متفجرات، أسفرت العملية الإرهابية عن مقتل 56 شخصاً غالبيتهم من الأطباء والممرضات، وإصابة 176 آخرين بجروح، ومن بين القتلى طبيبان ألمانيان وآخران فيتناميان وممرضتان فيليبينيتان وأخرى هندية، وباقي الضحايا أطباء يمنيين.
وهو نفس التكتيك الذي يستخدمه تنظيم شباب المجاهدين التابع لتنظيم القاعدة في الصومال عبر عمليات إرهابية ضد أهداف مدنية وكان أبرز هذه العمليات الإرهابية من قبل تنظيم شباب المجاهدين ضد أهداف مدنية ما جرى هذا العام 2021، عبر تفجير مطعم بوسط العاصمة الصومالية مقدشيو في مارس 2021، أسفر عن سقوط 21 قتيل مدني والعشرات من الضحايا المدنيين.
القاعدة واستغلال المدنيين
وعلى الجانب الآخر يعتبر المدنيون مصدر اهتمام من قبل تنظيم القاعدة ليس على مستوى استهدافهم بل باعتبارهم مصدرا للابتزاز وجمع الأموال والاستغلال القسري في القتال والعمليات الإرهابية وهو ما يمكن رصده على النحو التالي:
– الخطف وطلب الفدية: علي مدار تاريخ تنظيم القاعدة يعمل التنظيم علي استغلال المدنيين كمصدر للدخل عبر استخدام تكتيك الخطف وطلب الفدية، كما حدث من قبل جماعة نصر الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة بمنطقة الساحل والصحراء الافريقية بخطفة مواطنة فرنسية (صوفي)، ديسمبر 2016، والتي تم الافراج عنها مقابل فدية تقدر ما بين 15 الي 20 مليون دولار في أكتوبر 2020، فتعتبر عمليات خطف المدنيين ثم الإفراج عنهم مقابل مبالغ مالية كبيرة تقدمها دولهم كفدية.
من أهم مصادر التمويل التقليدية لدي تنظيم القاعدة، حيث ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال” الأمريكية ونشر على موقعها الإلكتروني في 29/7/2014، عن ديفيد كوهين، وكيل إدارة مكافحة الإرهاب في وزارة الخزانة الأمريكية، أن أموال الفدى لمثل هذه الجماعات خلال الفترة بين 2004-2012 بـ120 مليون دولار، وأن فرع تنظيم القاعدة في اليمن وحده جمع ما لا يقل عن 20 مليون دولار من هذه الفدية.
– اختلاس وسرقة أموال المدنيين: يعد نهب البنوك والمصارف”، من المصادر الهامة للتنظيم، حيث قام تنظيم “القاعدة” في اليمن خلال الفترة التي أعقبت انهيار الدولة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين بالاستيلاء على الأموال التي كانت توجد في بعض البنوك المصارف، كما حدث في فرع البنك المركزي اليمني في مدينة “المكلا”، في محافظة حضرموت ابريل 2015، عندما اقتحمت مجموعة من مقاتلي التنظيم البنك والاستيلاء على ما فيه أموال، حيث بلغ إجمالي الأموال التي استولى عليها التنظيم من البنك ما يقرب من 17 مليار ريال (85 مليون دولار).
– استغلال وترهيب المدنيين: عمل تنظيم القاعدة علي استغلال وترهيب المدنيين عبر “فرض الغرامات و الإتاوات” ضد المدنيين، كإحدى مصادر التمويل الجديدة للتنظيم، وهو ما يمكن ملاحظة في تمركز التنظيم بالساحل والصحراء الافريقية وسوريا والصومال فعلى سبيل المثال قام تنظيم القاعدة في اليمن بفرض غرامات على تجارة “نبات القات” ذو الاستخدام الواسع في اليمن، حيث أعلن التنظيم في مطلع يوليو 2015، عن فرض عقوبات مالية قاسية على تجارة القات، يضاف إلى ذلك فرض “التنظيم” ضريبة قدرها حوالي “نصف دولار” على كل لتر بنزين يتم توريده إلى مدنية “المكلا” التي كان يسيطر عليها، وقد ساهم ذلك في استمرار تدفق الأموال على تنظيم القاعدة.
– المدنيين دروع بشرية: يستخدم تنظيم القاعدة المدنيين كدروع بشرية وبشكل خاص الأطفال عبر التجنيد القسري للأطفال من قبل تنظيم شباب المجاهدين فرع تنظيم القاعدة بالصومال وهو نفس التكتيك المتبع من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين فرع تنظيم القاعدة في منطقة الصحراء الافريقية، حيث يتم الدفع بالأطفال في الخطوط الأمامية أثناء العمليات الإرهابية والقتال كنوع من الحماية لقيادات وعناصر التنظيم.
في المجمل، على الرغم من إعلان تنظيم القاعدة وعلى مدار ثلاثين عاما شعارات دينية تحت مسميات “نصرة المستضعفين” وإقامة “دول العدل” الا أن مجمل نتائج العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة كان ضد المدنيين سواء عبر سقوط الضحايا المدنيين أو من خلال عمليات الابتزاز والنهب والاستغلال للمدنيين ما يجعل كلفة العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة وأفرعه المختلفة بدول العالم منذ نشأت التنظيم وحتى الآن هم من المدنيين.