“تعيش عائلات الإيغور في أفغانستان في رعب جرّاء الخوف من الترحيل إلى الصين. لا ينبغي لطالبان أن تعتقد حقاً أنّ الصين يمكن أن تكون شريكاً يمكن الوثوق به في أيّ شيء، سوى مصلحتهم الخاصة”.. هذا ما تقوله الناشطة الإيغورية لـ “أخبار الآن” روشان عباس.
- مخاوف لدى الإيغور في أفغانستان من ترحيلهم إلى الصين
- اتفاق طالبان مع الحكومة الصينية يرعب الإيغور في أفغانستان
- الإيغور الأفغان يعيشون بالخفاء ويتخوفون من أن تعثر عليهم طالبان
- طالبان بحاجة ماسة إلى المال والصين مصدر مهم لها
- يتركز الإيغور بشكل أساسي في مدن مثل كابول وبدخشان ومزار شريف
مع سيطرة طالبان على أفغانستان، دبّ الرعب في نفوسِ ما يصلُ إلى ألفين من الإيغور، سواء الذين ولدوا في أفغانستان أو يعيشون فيها، إذ يخشى الكثيرون الترحيل إلى الصين، للإنضمام إلى ما يقدّر بمليون من الإيغور، في معسكرات الإعتقال في شينجيانغ، المتاخمة لأفغانستان، والتي يقطنها أكثر من 12 مليون من الإيغور، وفقاً للحكومة الصينية.
مخاوف هذه الأقلية في أفغانستان برزت أكثر، ما إنْ شاهد الإيغور مسؤولي طالبان والصينيين، يستكشفون السبل المحتملة للتعاون.
تقول مسؤولة ملف الصين في منظمة حقوق الإنسان صوفي ريتشاردسن، لـ “أخبار الآن“، إنّ “مجتمع الايغور ليس كبيراً في أفغانستان على حدّ علمنا, فعددهم لا يتجاوز البضعة آلاف، بعضهم أتى منذ بضعة سنين، والبعض الآخر قدم من الصين حديثاً، لكنّه مجتمع يتألّف من شعوب الترك، قسم منهم مسلم، والقسم الآخر غير مسلم، وهو سريع التأثر، فالحكومة الصينية غالباً ما تمارس ضغوطاً على الحكومات لإعادتهم إلى الصين بالقوة، وما يشغل بالنا أنّه أمام الفوضى الحالية السائدة في أفغانستان، أو ما قد يصدر نتيجة اتفاقات بين حكومة طالبان الجديدة والصين، قد يؤدّي إلى إجبار الناس على العودة مجدّداً إلى الصين، ونحن قلقون جدّاً ممّا يمكن أن يحصل لهذه الشعوب في الأسابيع والشهور المقبلة”.
اللقاء الذي جمع وفد طالبان بوزير الخارجية الصيني، قبيل سقوط كابول، فاقم الرعب لدى الإيغور، ففي ذلك اللقاء، طلبت الصين تعاون طالبان في محاربة حركة تركستان الشرقية الإسلامية في أفغانستان، وقد أكّدت طالبان أنّها لن تسمح أبداً لأيّ قوّة، باستخدام الأراضي الأفغانية، لارتكاب أعمال تضرّ بالصين.
وتضيف ريتشاردسن: “أعتقد أنّ طالبان بحاجة ماسة إلى المال، والصين مصدر مهم لهم، وما تريده الصين في المقابل هو التعاون المطلق في الوضع الأمني، الذي تعتبره شائكاً والذي نراه نحن إمعاناً في ارتكاب الجرائم الإنسانية ضدّ الإيغور”
مع انقلاب المشهد في أفغانستان بات الإيغور هناك يعيشون بالخفاء، حتّى أنّهم لا يغادرون المنازل، وتشير معلومات إلى أنّ مجموعة صغيرة تجمّعت في أحد المنازل بمنطقة مزار الشريف شمال أفغانستان، وصلوا فرادى وبتكتم، تجنّباً للفت النظر إليهم، فيما انضمّ إليهم آخرون عبر سكايب وسط خوف شديد، ومحر اللقاء هو التخطيط للهروب.
برادلي جاردين، المحلل في جمعية أوكسوس لشؤون آسيا الوسطى، يقول إنّ عمليات ترحيل الإيغور حدثت في ظلّ حكم طالبان، إذ تمّ تسليم 13 إيغورياً إلى الصين، عقب اجتماع في العام ألفين، بين السفير الصيني لدى باكستان لو شولين، وزعيم طالبان الأسبق الملا عمر، في قندهار.
وتتابع ريتشاردسن حديثها لـ”أخبار الآن“: “أعتقد أنّه في ظلّ حكم طالبان، الإيغور سيواجهون نوع الإضطهاد نفسه، الذي سيواجهه أيّ أفغاني، بما في ذلك الاضطهاد من عدم ممارسة شعائر الدين الإسلامي كما تراه طالبان، ولأنّهم أقليات غير محترمة حقوقهم، فنحن نتوقع أن لا يسمح لهم باللجوء بموجب القانون الدولي، وقد قلقنا جدّاً عندما علمنا أنّ الحكومة الصينية عقدت اتفاقاً مع حكومة طالبان، ينصّ على عدم منح الإيغور مساحة للتعبير عن رأيهم، فالحكومة الصينية تصرّ على اعتبار الإيغور إرهابيين، وإنّهم يحاولون إثارة البلبلة في شينجيانغ، ولذلك ينصّ الاتفاق الأخير بين بكين وطالبان، على أنّ طالبان لن تسمح لأيّ أحد يعيش على الأراضي الأفغانية أن يشارك بأيّ خطط أو أعمال قد تتسبب بأيّ اضطرابات أو أذى في شينجيانغ، لكنّ الحقيقة هي أنّ الحكومة الصينية تعتبر أنّ مجرد كون الإيغور ايغواراً، يتحدّثون لغتهم ويمارسون طقوسهم ويتبعون تقاليدهم، فهم إرهابيون وعرضة للإضطهاد، ولذا نحن قلقون من أن تعامل طالبان الإيغور مثلما نتوقع أن تعاملهم الصين فيما لو كانوا على الأراضي الصينية”.
يعتبر الإيغور الأفغان، الذين يتركزون بشكل أساسي في مدن مثل كابول وبدخشان ومزار شريف، من الجيل الثاني من المهاجرين الذين فرّ آباؤهم من الصين منذ عقود عديدة، لكن بطاقات هويتهم الأفغانية لا تزال تحمل صفة، إيغور أو لاجئ صيني. ومن السهل على طالبان العثور عليهم، لأنّ بطاقات الهوية الوطنية الأفغانية، تظهر الصينيين المغتربين، أو الإيغور كعرقهم.
وتقول ريتشاردسن: “من المحتمل أن تطلب السلطات الصينية احتجاز الإيغور إلى أجل غير مسمّى في أفغانستان، أو أن يتمّ إرسالهم إلى بلد آخر يكون موافقاً على إعادة الإيغور مجدّداً إلى الصين. يمكنني تخيّل بعض السيناريوهات المختلفة، تعلم من المهم أن تمتثل أفغانستان للقانون الدولي في ما يخص هذه المواضيع، لكن أيضاً على الحكومات التي تحترم هذه الحقوق والقلقة ممّا يحصل في مناطق الإيغور، أن تتدخل فعلاً ولا تكتفي بالحديث فقط عن أهمية احترام القانون الدولي، لكن يجب أن تقدم المساعدة”.
يقول الإيغور إنّ الحكومة الصينية تصنّف أيّ إيغوري في أفغانستان، على أنّه من حركة شرق تركستان الشرقية، وبالتالي يشكّل تهديداً للصين، وبالتالي إذاً كانت طالبان تقول إنّها تمثل مصالح المسلمين وتحميها، فإّن ما تعدُ به الحكومةُ الصينية، هو عكسُ ذلك تماماً، فأنقذوا إيغورَ أفغانستان.